القناة ١٢
قرار مجلس الأمن سابقة ستغيّر وجه الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني
لأول مرة في التاريخ سيتم نشر قوة عسكرية دولية في قطاع غزة • تدويل الصراع يحدث في ولاية نتنياهو – الذي عمل لنحو نصف قرن لمنعه • هذه السابقة السياسية سيكون من الصعب جدًا على إسرائيل التراجع عنها، وقدرتها على إدارة الملف الفلسطيني بشكل مستقل تقلّصت بشكل كبير • تحليل
برَك رفيد
القرار الذي اعتمده مجلس الأمن هو قرار تاريخي
القرار الذي اتخذه مجلس الأمن الليلة الماضية (بين الاثنين والثلاثاء) هو قرار تاريخي بكل معنى الكلمة — لأول مرة سيتم نشر قوة عسكرية دولية في قطاع غزة كجزء من محاولة لحلّ الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني.
لماذا هذا مهم؟
على مدار 58 عامًا — منذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة — تحاول إسرائيل بكل طريقة ممكنة صدّ أي تدخل دولي مباشر في الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني.
نصف هذه المدة كان بنيامين نتنياهو في مواقع مركزية في هذا النضال —
كسفير في واشنطن، سفير في الأمم المتحدة، نائب وزير الخارجية، ثم كرئيس حكومة.
لكن "تدويل" الصراع يحدث الآن في ولايته.
ويمكن القول إن الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني لن يبدو كما كان بعد اليوم.
صورة: جلسة توقيع 40 عضو كنيست بمشاركة رئيس الحكومة
نتنياهو — تدويل الصراع حدث في ولايته | تصوير: نواعَم مشكوفيتش، الناطق باسم الكنيست
القرار يمنح إدارة غزة لجسمين دوليين
القرار الذي تم اتخاذه في مجلس الأمن يُخوّل جسمين دوليين إدارة قطاع غزة بشكل مؤقت:
1. "مجلس السلام" — سيكون الحكومة المؤقتة
2. قوة الاستقرار الدولية — ستكون الجيش المؤقت
سيعملان لمدة سنتين على الأقل، وعلى الأغلب لفترة أطول بكثير.
رغم أنهما سيعملان "بتنسيق" مع إسرائيل — إلا أنهما لن يتلقيا الأوامر منها.
والسلوك حول غزة في الشهر الأخير يظهر أنه إذا كان هناك طرف سيضطر إلى "الانصياع" فهو إسرائيل.
خلف الكواليس: انتصار دبلوماسي كبير لترامب
القرار في مجلس الأمن هو إنجاز دبلوماسي ضخم للرئيس ترامب وفريقه —
خصوصًا لصهره جاريد كوشنر، والمبعوث ستيف فيتكاوف، والسفير في الأمم المتحدة مايك وولتز.
لقد صاغوا قرارًا حظي بدعم دولي واسع، وجنّدوا العالم العربي والإسلامي إلى جانبهم، ومنعوا القيادتين الإسرائيلية والفلسطينية من معارضة الخطوة، وعزلوا روسيا والصين اللتين حتى لم تجرؤا على استخدام الفيتو.
كل ما فعله السفير الروسي كان إلقاء خطاب عدائي سلبي قال فيه إن "المبادرة الأمريكية القسرية ستفشل. وعندما يحدث ذلك — تذكروا أننا قلنا لكم".
بين السطور: إسرائيل لم ترغب في القرار
إسرائيل لم تكن تريد القرار.
لكن إدارة ترامب أوضحت أنه من دون هذا القرار لن توافق الدول على إرسال جنود للقوة الدولية في غزة، ولم يكن لدى إسرائيل مساحة حقيقية للاعتراض.
لطالما شكلت قرارات مجلس الأمن معضلة لنتنياهو.
قبل أشهر فقط، قال نتنياهو إنه لا يمكن الموافقة على صفقة أسرى ووقف إطلاق نار لأن حماس ستطلب المصادقة عليها في مجلس الأمن.
وادعى حينها أن قرارًا من مجلس الأمن سيُقيد يد إسرائيل ويمنعها من العودة لضرب حماس.
لكن أمس، تحت "جرافة" ترامب السياسية، اضطر نتنياهو لقبول القرار باستسلام كامل.
موقف الحكومة الإسرائيلية حاليًا يشبه إلى حدّ كبير الموقف الروسي:
نتنياهو ومستشاروه متشككون للغاية بقدرة تنفيذ القرار، وبإمكان القوة الدولية تفكيك حماس وتسريع إعادة إعمار غزة.
حتى الآن، الحكومة الإسرائيلية صامتة — لا تمدح ولا تنتقد — وتنتظر احتمال فشل المسار الأمريكي.
عندها سيكون بإمكان نتنياهو طلب ضوء أخضر من ترامب لاستئناف الحرب ضد حماس.
ليس واضحًا إن كان الرئيس الأمريكي سيوافق.
الصورة الكبرى: بند "الطريق إلى دولة فلسطينية"
البند في القرار الذي يشير إلى "مسار نحو دولة فلسطينية" أثار عاصفة سياسية تفوق حجمه.
صيغته هنا كانت أضعف بكثير من قرارات مجلس الأمن السابقة.
لكن مجرد مرور هذا البند من دون اعتراض إسرائيلي حقيقي — داخل الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل — هو أمر لافت.
احتاجت إدارة ترامب وجود هذا البند لسببين:
1. تجنيد دعم الدول العربية والإسلامية
2. محاولة تلبية شرط السعودية للتطبيع مع إسرائيل
لكن من غير الواضح إن كانت السعودية ستكتفي بقرار مجلس الأمن، أم تريد سماع الكلمات من فم رئيس الحكومة نفسه.
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان سيصل اليوم إلى البيت الأبيض، ويمكنه تسجيل أول "انتصار" بعد إعلان ترامب الموافقة على بيع مقاتلات F-35 للسعودية.
صفقة الـ F-35: الهستيريا مبالغ فيها
الضجة حول هذه الصفقة مبالغ فيها وجزء منها مفتعل.
هي تذكّر بالهستيريا عند قرار إدارة ترامب في 2020 بيع الـ F-35 للإمارات بعد اتفاقات إبراهيم.
بعد خمس سنوات — الصفقة لم تتحقق لأن الإمارات لم توافق على الشروط والقيود الأمريكية.
صفقة السعودية ما زالت تحتاج تخطي عقبات كثيرة — بما فيها الكونغرس الذي قد يصبح ديمقراطيًا خلال عام.
وحتى لو تمت الموافقة — فالطائرة الأولى لن تصل السعودية قبل ست سنوات على الأقل، وإن وصلت، ستظل واشنطن قادرة على فرض قيود على كيفية استخدامها.
السؤال الكبير:
هل ستكون صفقة الـF-35 جزءًا من عملية تطبيع مع إسرائيل؟
إن كانت الإجابة نعم — فهذا إنجاز سياسي كبير لنتنياهو.
وإن كانت لا — فهو فشل سياسي مدوٍّ مع تبعات أمنية خطيرة.
الخلاصة
قرار مجلس الأمن بشأن قطاع غزة خلق سابقة سياسية سيكون من الصعب جدًا على إسرائيل التراجع عنها.
بل إن هذه السابقة قد تصبح نموذجًا لإجراءات مشابهة مستقبلًا في الضفة الغربية.
قدرة إسرائيل على إدارة الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي بشكل مستقل تقلّصت أمس بشكل كبير.