القناة 12
عاموس يدلين
ترجمة حضارات
يمثل خطاب زعيم حزب الله حسن نصر الل ، بمناسبة الذكرى السابعة عشرة لحرب لبنان الثانية، معادلة جديدة تدخل "إسرائيل" والتنظيم في فترة توتر قد يتدهور إلى تصعيد بين الطرفين.
وهدد نصر الله بأنه لن تمر بصمت إزالة الخيمة التي أقامها حزب الله على جبل دوف قبل أشهر، والتي تخترق عشرات الأمتار داخل الـ"أراضي الإسرائيلية" ويديرها مسلحو التنظيم.
وربط نصرالله بين إقامة الخيمة، وادعاء لبنان إعادة الشطر الشمالي من قرية الغجر إلى السيادة اللبنانية.
مرة أخرى، اتخذ نصرالله موقف "المدافع عن لبنان"، وتحدث عن إعادة ما حققه لبنان من إنجازات في المفاوضات على الحدود البحرية، هذه المرة على طول الحدود البرية، بناء على انجاز حزب الله ضد "إسرائيل".
قبل ساعات قليلة من الخطاب، قام الجيش الإسرائيلي بإخراج عدد من المشتبه بهم، على ما يبدو من عناصر حزب الله، من السياج الحدودي، مما أدى إلى إصابتهم.
تسبب نشطاء آخرون في إشعال النيران على حدود المطلة، وتم إطلاق النار عليهم.
في الأسبوع الماضي، أطلق صاروخ مضاد للدبابات من لبنان، استهدف على ما يبدو دورية للجيش الإسرائيلي، وأصاب سياج قرية الغجر في الـ"أراضي الإسرائيلية"، وردا على ذلك، أطلقت مدافع الجيش الإسرائيلي النار على منطقة الإطلاق في لبنان.
وحتى يومنا هذا، لم يتضح من أطلق الصاروخ، لكن الحادث يصور على أنه حلقة أخرى في سلسلة استفزازات حزب الله لـ"إسرائيل".
في صباح يوم الحادثة، اتهم حزب الله "إسرائيل" بإقامة سياج جديد يقسم فعليًا جزء من قرية الغجر شمال الخط الأزرق، وفي الأيام التالية أفادت الأنباء أن الحكومة اللبنانية تقيم صلة، بين مطالبة "إسرائيل" بإخلاء الخيمة، والمطالبة بإزالة السياج في قرية الغجر، وإخلاء القرية الشمالية التي حددتها الأمم المتحدة على أنها أراض لبنانية، وحتى مناقشة جميع التحفظات اللبنانية على طول الخط الأزرق.
وللتذكير، أنشأت الأمم المتحدة في عام 2000 خط الانسحاب من لبنان -الخط الأزرق- في قلب قرية الغجر، التي يسكنها علويون من مواطني "إسرائيل"، ويكون الجزء الشمالي منها على الجانب اللبناني للخط.
في السنوات التي تلت ذلك، استقر حزب الله على أطراف القرية ونفذ هجمات، ضد الجيش الإسرائيلي في الجانب الإسرائيلي.
بعد حرب لبنان الثانية، تم إخلاء منطقة الغجر من الشمال بناء على طلب السكان، لكن أنشطة التهريب المقترنة بالمقاومة استمرت في أنحاء القرية.
تم الانتهاء من بناء جدار محسن حول القرية قبل حوالي عام بناء على طلب سكانها، وتم تحديد الجزء الشمالي منها منطقة عسكرية.
بالمناسبة، حزب الله الذي يشدد على سيادة لبنان في شمال القرية بالاعتماد على الخط الأزرق، يخالف الخط نفسه في مطالبته بجزء من جبل دوف "مزارع شبعا" يقع جنوبها، وهي منطقة حسب زعمه احتلت من قبل "إسرائيل"، على الرغم من أنها احتلت من قبل سوريا.
تصاعدت سلسلة استفزازات نصر الله وتجاوزه حول المفاوضات على الحدود البحرية العام الماضي، عندما هدد علنًا بالحرب إذا لم يتم تلبية مطالب لبنان، بل وأطلق طائرات بدون طيار باتجاه منصة القرش. لاحقًا ، نصر الله:
1- في آذار/ مارس، قام بشن هجوم غير عادي على مفترق مجدو في عمق "إسرائيل"، مستخدمًا شخصا مسلحًا بالعبوات الناسفة وحزامًا ناسفًا، عبر الحدود من لبنان بهدف تنفيذ عملية جماعية (أفشلت وأحبطت).
2- لم يمنع حماس إطلاق عشرات الصواريخ من جنوب لبنان، خلال شهر رمضان في نيسان.
3- يشكل تهديداً متزايداً لحرية طيران الجيش الإسرائيلي في لبنان من خلال نظام دفاع جوي مكثف، ويزيد من التهديد بضرب "إسرائيل" من خلال زيادة مخزونه من الصواريخ الدقيقة.
4- تهديد "إسرائيل" رداً على هجماتها في سوريا، كجزء من (المعركة بين الحروب).
5- زاد من وجوده العسكري الظاهر على طول الحدود، في انتهاك لقرارات مجلس الأمن، وقام باستعراضات عسكرية متحدية للقوة في جنوب لبنان.
6- نصب خيمتين في قطاع جبل دوف على الجانب الإسرائيلي من الخط الأزرق، أعيدت إحداهما مؤخراً إلى الأراضي اللبنانية، الخيام، وإطلاق الصاروخ على قرية الغجر والاستفزازات على السياج هي أحدث فصل في هذا الاتجاه.
زيادة الثقة بالنفس التي أظهرها نصرالله وجرأته، لا يمكن فصلها عن الأزمة الداخلية في "إسرائيل".
وليس من قبيل المصادفة أن يضع معادلة جديدة وخطيرة في منطقة الغجر في هذا الوقت، رغم أن الجدار في شمال القرية قد اكتمل بالفعل في سبتمبر.
نصرالله، الذي يواجه انتقادات متزايدة ضده في الداخل، يسعى إلى تعزيز صورته كـ"حامي لبنان"، لكنه في الحقيقة يفرض نفسه عليه كحامي، ويستخدم سلاحه غير القانوني والمثير للجدل "لمصلحته".
في أفعاله، يصور نصر الله على أنه شخص واثق في تقديره، أن "إسرائيل" لن تجرؤ على المخاطرة بالتصعيد في مواجهة ضعفها، في ظل صراع سياسي يمزقها من الداخل، ويضر بالتماسك الاجتماعي والصمود، وتقويض علاقاتها بدعمها الاستراتيجي الولايات المتحدة.
أصدر وزير الدفاع ورئيس شعبة الاستخبارات كلمات تحذيرية، لكن يرجح أن الكلمات وحدها لن تكون كافية لتغيير اتجاه الأمور.
وبشكل عام، فإن ردع "إسرائيل" ضد حزب الله آخذ في التآكل، كما قال نصر الله في خطابه أيضًا، وسيُطلب من "إسرائيل" استعادته من أجل وقف سلسلة استفزازاته، قبل أن تتسبب في تصعيد واسع.
من أجل القيام بذلك، سيتعين على "إسرائيل" والجيش الإسرائيلي التصرف بطريقة تقوض "غطرسة" نصر الله، من خلال الإجراءات التي ستخرجه من منطقة الراحة الخاصة به، وقبل كل شيء، زعزعة ثقته في قدرته على توقع تحركات "إسرائيل".
ولهذه الغاية، سيتعين على "إسرائيل" أن تتبنى سياسة متوازنة ومحسوبة ودقيقة، تقوم على سبب مناسب، ونأمل ألا تؤدي إلى تصعيد إلى حد الحرب، وهو أمر يجب أن نكون مستعدين له في كل الأحوال.
وقدر رئيس شعبة الاستخبارات في مايو أن "هجوم مجدو لم يكن حادثة منعزلة، وأن نصرالله بعيد عن خطا واح في سوء التقدير".
لذلك، فإن الثقة المفرطة بالنفس لدى الأمين العام لحزب الله يتوقع، عاجلاً أم آجلاً، أن توفر لـ"إسرائيل" الفرصة المناسبة للعمل.
في هذه المرحلة، الخيام التي أقامها حزب الله على جبل دوف ليست مشكلة عسكرية، ومن الصواب الاستمرار في التعامل مع هذه المشكلة عبر القنوات الدبلوماسية، وهو ما أدى بالفعل، كما ذكرنا، إلى نقل إحدى الخيام إلى الأراضي اللبنانية.
الخيمة المتبقية في أي حال من الأحوال في منطقة عسكرية، ليست قريبة من أي مستوطنة أو كيبوتس في "إسرائيل"، ولا تشكل تهديدا مباشرا.
لكن في ظل استمرار الأمر وخاصة في ظل المعادلة الجديدة وغير المقبولة، التي يريد نصرالله خلقها بين الخيام والسياج في قرية الغجر، وربما في جميع مناطقه على طول الخط الأزرق، ليس من الصواب أن نتحمل الاستفزاز لفترة طويلة، وستأتي اللحظة التي يكون فيها من الصواب العمل على إزالتها بطريقة إبداعية تفاجئ حزب الله.
في غضون ذلك، على "إسرائيل" أن تزيد الضغط على نصرالله عبر دولة لبنان والمجتمع الشيعي، انطلاقا من رسائل واضحة مفادها:
إنهاء استفزازات حزب الله برد قاس وغير متوقع من "إسرائيل"، وقد يتحول سلوك نصرالله المتعجرف على حافة الهاوية مرة أخرى، كما كان قبل 17 عامًا، كمراهنة غير مسؤولة تنتهي به إلى الانهيار في الهاوية، حيث سيأخذ معه دولة لبنان بأكملها، التي تنهار بالفعل بسبب خطأه.
أي اعتداء من جانب حزب الله سيواجه برد قاسٍ وغير متوقع، ويمكن أن يتصاعد تبادل الضربات بسهولة إلى حرب شاملة لا تصل إلى "أيام معركة".
تم بالفعل تحذير سكان جنوب لبنان، بالابتعاد عن البنى التحتية العسكرية التي تم بناؤها في الجوار.
في ضوء مخاطر سوء التقدير الذي قد يجر "إسرائيل" وحزب الله إلى حرب غير معني أي منهما بها، يواصل الجيش الإسرائيلي استعداداته في الشمال ويزيد من كثافة الحاجز الحدودي ("الدرع الشمالي")، من أجل زيادة صعوبة تنفيذ خطط وحدة الرضوان التابعة لحزب الله لاجتياح الجليل، والحفاظ على سيادة "إسرائيل" على الحدود.
في هذا السياق، يجب أن نتذكر أن توسيع نشاط الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، مطلوب بالفعل في مواجهة تصاعد المقاومة والعمليات هناك، لكنه يأتي على حساب تجهيز القوات للحرب في الشمال.
لذلك، من المهم السعي لاستقرار المنطقة هناك بسياسة مسؤولة، بما في ذلك تعزيز السلطة الفلسطينية وتجديد نشاط الأجهزة الامنية الفلسطينية، والتقليل السريع للعوامل التي تزعزع الاستقرار هناك، بقيادة المستوطنين المتطرفين في المنطقة وعلى طاولة الحكومة.
وأخيراً، إذا كنا ما زلنا بحاجة إلى تذكير، فإن التوترات على الحدود الشمالية، في الساحة الفلسطينية، وتآكل الردع مرتبطان ارتباطًا وثيقًا بالأزمة الداخلية في "إسرائيل"، ما قاله وزير الدفاع قبل إقالته نهاية آذار لا يزال صحيحا اليوم.
لهذا السبب فإن تجميد الانقلاب الفوري هو أمر الساعة، وسيكون الخطوة التي ستعزز بشكل فوري وعميق الردع ضد أعدائنا، في جميع القطاعات ، وخاصة في الساحة الشمالية.