هآرتس...عاموس هرائيل
ترجمة حضارات
الحكومة الإسرائيلية لاتملك أي فكرة عن كيفية منع جريمة القتل التالية! وهي لا تهتم حقًا...
عدد جرائم القتل في المجتمع العربي منذ بداية العام أعلى بثلاثة أضعاف من العام الماضي، كما أنه أعلى بحوالي خمسة أضعاف من عدد جرائم القتل التي وقعت هذا العام بين اليهود وبين المواطنين الأجانب.
وبحساب نسبتهم النسبية في عدد السكان، فإن احتمالات مقتل مواطن عربي في "إسرائيل" هذا العام تزيد بنحو 16 مرة عن احتمالات مقتل مواطن يهودي.
وتشير هذه المعطيات الأساسية إلى قوة فشل الحكومة الحالية في التعامل مع العنف في المجتمع العربي، وهي الأزمة التي تعود جذورها إلى أيام الحكومات السابقة.
ولكن على النقيض من ولاية حكومة بينيت لابيد، فإن أحداث الأسابيع القليلة الماضية تثير قلقاً مزدوجاً: أولاً أن هذه الحكومة ليس لديها أي فكرة أو قدرة على التعامل مع المشكلة المتفاقمة، وثانيًا أنها لا تهتم حقًا.
وخلال أيام حكومة التغيير، كان هناك على الأقل جهد ناجح - بقيادة وزير الأمن الداخلي عومر بارليف ونائبه يوآف سيجلوفيتش، الذي كان مكلفًا بتخطيط الحرب ضد الجريمة العربية - لتقليل عدد جرائم القتل، بينما هذه الحكومة ليس لديها مثل هذا المشروع على الإطلاق.
والأسوأ من ذلك أن الوزير المكلف ايتمار بن غفير يتبين أنه غير مؤهل للتعامل مع الأزمة، كما أن تصريحاته وأفعاله في الماضي تخلق قطيعة كاملة بينه وبين قيادة المجتمع العربي.
لكن ذلك لم يمنع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي كان على علم تام بمهارات بن غفير وحدوده، من تعيينه وزيرا للأمن القومي.
وكما هو الحال في كل خطوة أخرى تتعلق بتشكيل هذه الحكومة، فإن احتياجات نتنياهو الملحة (وفي مقدمتها محاولته تحرير نفسه من التهديد بمحاكمته الجنائية) طغت على كل الاعتبارات الأخرى، ممل جعل جميع المواطنين يدفعون الثمن.
والآن، يتوسل بعض أعضاء الكنيست العرب إلى نتنياهو لكي يعين على الأقل منسقًا، محترفا، لتنسيق النضال، وهذا لم يحدث حتى الآن.
رئيس الوزراء ووزير الأمن الوطني يتنافسان في نشر التصريحات الفارغة، بينما يقدم وزراء آخرون تقييمات عرقية علمية تعتبر جرائم القتل عموماً ظاهرة ثقافية عربية، وبالتالي فإن الحكومة معفاة من أي مسؤولية عن الوضع، والنتيجة خوف يسيطر على شوارع البلدات العربية والأحياء العربية في المدن المختلطة.
وفي عطلات نهاية الأسبوع، أصبح هناك مواطنون عرب من "إسرائيل" يذهبون لقضاء إجازاتهم في شقق اشتروها أو استأجروها في أراضي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
حيث أنهم يشعرون بأمان أكبر هناك، على الرغم من الأوصاف المكثفة في "إسرائيل" للفوضى الحكومية في السلطة الفلسطينية.
ويبدو أن تسارع جرائم القتل في الآونة الأخيرة هو نتيجة لعدة اتجاهات متشابكة: عدم نجاح الشرطة في حل جرائم القتل السابقة، مما يزيد من ثقة المجرمين بأنفسهم وفي الوقت نفسه يدفع العصابات المتنافسة إلى المزيد من أعمال انتقامية؛ إضافة للصراعات على السيطرة بين عائلات الجريمة المنظمة؛ والتوترات العنيفة على خلفية انتخابات السلطة المحلية التي ستجرى بعد نحو شهرين.
العديد من ضحايا جرائم القتل هم مجرمين أنفسهم، ولكن أكثر من مرة وقع في هذه النار المواطنين الأبرياء، أو السياسيين المحليين والموظفين العموميين، الذين أغضبوا المجرمين بطريقة أو بأخرى أو تدخلوا في خططهم.
وزير المالية بتسلئيل سموتريتش لا يختلق الأمور عندما يقول إن أموال السلطات العربية تذهب إلى الجريمة المنظمة، وجزء كبير منها لا يصل إلى أهدافه الأصلية على الإطلاق ولا تستخدم لصالح المواطنين.
بينما حذر الشاباك من هذه الظاهرة قبل نحو ثلاث سنوات، والمشكلة أن سموتريش يستغل ذلك لتجميد الموازنات بشكل كاسح، وهو ما سيلحق الضرر بجميع السلطات العربية.
وبالأمس، عقد نتنياهو مناقشة خاصة حول الجريمة في المجتمع العربي، حيث يوجد هناك أوجه تشابه بين هذا النقاش وجلسة الحكومة التي عقدت في اليوم السابق، والتي تناولت تزايد العمليات المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، وعمل حكومته بشكل عام.
وفي الحالتين ينشر نتنياهو الضباب والوعود الفارغة، وليس من الواضح ما إذا كان ينوي اتخاذ خطوات فعلية.
وبعد الهجوم الأخير في الخليل، ألقى نتنياهو باللوم على إيران، التي تضخ المال والسلاح إلى الضفة الغربية، وهناك بالفعل تورط إيراني فيما يحدث على الساحة الفلسطينية، لكن نتنياهو يختار تسليط الضوء عليه لاحتياجاته الخاصة.
وهو بذلك يحجب حقيقة أنه قرر عمداً، غض الطرف عن المساعدات التي تقدمها حماس في قطاع غزة للمقاومة من الضفة الغربية.
وإذا كانت إيران مذنبة فمن المستحيل أن نتوقع أن يرد نتنياهو على أراضيها على هجوم في الخليل،
وبطريقة مماثلة، يستخدم رئيس الوزراء الآن الوعود "لإحضار الشاباك إلى الحدث"، عمليا، تحت قيادة نفتالي بينيت.
وفي أعقاب المظاهرات في المدن العربية خلال عملية "حارس الاسوار" في مايو 2021 تزايدت مشاركة الشاباك في التعامل مع الجريمة العربية إلى حد ما، بعد أن أصبح من الواضح أن مجرمين شاركوا في المظاهرات وأن الأسلحة المسروقة من قواعد الجيش الإسرائيلي استخدمت من قبل المنظمات الإجرامية والخلايا المقاومة في الضفة الغربية.
ومع ذلك، فإن مشاركة الشاباك كانت أيضًا محدودة، وذلك بسبب فهم مدى التعقيد الذي ينطوي عليه الأمر، ولا يزال الجهاز بحاجة إلى التركيز على مهمته الرئيسية، وهي محاربة المقاومة الفلسطينية؛ فوضعه في طليعة المعركة يمكن أن يفتح جروحًا قديمة في المجتمع العربي في "إسرائيل".
كما أن أساليب عمل المنظمة، وخاصة الاستخباراتية، تجعل من الصعب تقديم أدلة إدانة أمام محكمة جنائية.
والانطباع الآن هو أن الحكومة وعدت الشاباك بأنه الدواء الشافي، وعندما يتبين أنه حتى هذا الحل غير كاف، سيكون من الممكن دائما تحويل المسؤولية إلى جهاز الأمن، والمواطنون العرب يفهمون ذلك جيدا.
وفي ليلة الثلاثاء، بعد جريمة القتل البشعة التي راح ضحيتها أربعة من سكان أبو سنان، تظاهر المئات من أبناء الطائفة الدرزية في القرية، حتى أن بعضهم رشق رجال الإنقاذ بالحجارة، ولا يمكن تبرير ذلك، لكن الغضب مفهوم.
هناك شعور بأن الدولة تقوم بنوع من حركة الكماشة هنا، فمن ناحية، تتفشى الجريمة والشرطة عاجزة، وفي المقابل، فإن تجميد الميزانيات لدى السلطات يزيد من ضيقهم ويعطي إشارة لسكانها بأن الدولة لن تحرك ساكناً لتحسين أوضاعهم.