موقع زمان يسرائيل

أمير بار شالوم

ترجمة حضارات

لقد تردد اسم صالح العاروري كثيراً في الآونة الأخيرة، ليس فقط في أروقة المؤسسة الأمنية، بل أيضاً في وسائل الإعلام العالمية، وخاصة في وسائل الإعلام العربية.

العاروري (57 عاما)، من مواليد منطقة رام الله، قضى في سجون الاحتلال الإسرائيلي 17 عاما. تخرج من الدراسات الإسلامية في جامعة الخليل، ومن هنا كان الطريق إلى العضوية في حماس استمرارًا طبيعيًا.

وقد تم أسره بتهمة الانتماء إلى منظمة معادية لدوره في تنظيم الخلايا المسلحة لحماس في الضفة الغربية، والتي أصبحت فيما بعد الذراع العسكري للمنظمة، كتائب عز الدين القسام.

وفي السجن الإسرائيلي، اكتسب العاروري الكثير من السلطة إلى جانب يحيى السنوار، وكان الأخير شخصية مهيمنة بين اسرى غزة، والعاروري بين أسرى الضفة الغربية، ولكن دائما في ظل السنوار.

وبعد إطلاق سراحه، رفض الأردن قبوله، ضمن خلاصات محاولة اغتيال خالد مشعل الفاشلة عام 1997، وهكذا وجد العاروري نفسه مبعداً أولاً إلى سوريا ومن ثم إلى تركيا.

وهناك وجد كتفاً دافئاً في جماعة الإخوان المسلمين، المنظمة المظلة التي تنتمي إليها حماس وحزب العدالة والتنمية التركي، الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان.

ويعتبر العاروري شخصية مركزية في حماس لأسباب ليس أقلها الكاريزما التي يتمتع بها وحنكته، ولا يقلل مسؤولو الاستخبارات الإسرائيلية من شأنه على الإطلاق، على عكس العديد من الشخصيات الأخرى في المقاومة الفلسطينية.

وبالمناسبة، فهو مطلوب أيضًا من قبل الولايات المتحدة، مع مكافأة قدرها 5 ملايين دولار مقابل رأسه، لدوره في التخطيط لاختطاف المستوطنين الثلاثة في يوليو 2014.

أحد المستوطنين الذين قُتلوا في الحادثة نفتالي فرانكل، كان يحمل جنسية مزدوجة إسرائيلية وأمريكية، ومن هنا كان طريق العاروري إلى القائمة السوداء للولايات المتحدة.

ومؤخرا، برز اسم العاروري أكثر من مرة كهدف للاغتيال لـ"إسرائيل، بهدف انتزاع ثمن من حماس بسبب موجة العمليات التي تثيرها المنظمة في الضفة الغربية.

ويعرف العاروري في النظام بأنه "جنرال القيادة المركزية" لحماس، وهو في الواقع يقف وراء العمليات العسكرية واللوجستية والاقتصادية لكتائب عز الدين القسام في الضفة الغربية.

وكجزء من هذا النشاط، فهو على اتصال منتظم مع حزب الله وعناصر من الحرس الثوري الإيراني.

وينعكس هذا التعاون في التمويل الضخم الذي يتم توجيهه إلى الضفة الغربية بطرق مختلفة، العملات المشفرة والصرافين والتهريب المادي، وفي عمليات تهريب الأسلحة العديدة إلى الضفة الغربية، مثل عملية تهريب عضو البرلمان الأردني الذي شمل كلا العنصرين.

وبالمناسبة، فإن آخر عملية تهريب من الأردن، والتي تم الكشف عنها قبل أربعة أسابيع، هي خطوة إلى الأمام: تم تنفيذ التهريب من خلال بنية تحتية لعرب إسرائيليين، وتضمنت عددًا من العبوات القياسية المتقدمة إيرانية الصنع.

في نهاية الأسبوع الماضي، أجرى العاروري مقابلة طويلة مع قناة "الميادين" التلفزيونية القريبة من حزب الله، حيث إلى جانب تحليل مثير للاهتمام للغاية للسياسة الإسرائيلية ("لقد فشل رابين وشارون تاريخياً في ممارسة القوة في الضفة الغربية، وهذا خطأ حكومة نتنياهو - سموتريش - بن غفير")، وعدد من التهديدات الصريحة للمستوى السياسي في تل أبيب، أسوأ ما فيها من وجهة النظر الإسرائيلية هو الإشارة الصريحة إلى توحيد الساحات.

ولم يذكر العاروري على وجه التحديد السيناريو الذي سيحدث فيه ذلك، لكنه اكتفى بالتصريح العام بأن حماس لن تقف مكتوفة الأيدي، وبالفعل، فقد تم تأكيد هذا البيان ميدانياً عدة مرات.

وكان التذكير الأخير خلال عيد الفصح الماضي، مع وابل من عشرات الصواريخ التي أطلقتها حماس من جنوب لبنان على "إسرائيل"، بموافقة حزب الله.

الرد الإسرائيلي (الرسمي) الضعيف على إطلاق النار هذا، والذي شمل هجوماً على عدة أهداف قريبة من مناطق الإطلاق قرب صور، عزز شعور العاروري بالأمان الذي كان يشعر به تحت مظلة حزب الله.

إن تواجد حماس في لبنان، بما في ذلك القوة العسكرية المتنامية مؤخراً، يخدم أجندة حزب الله بشكل جيد.

المنظمة الشيعية التي كانت لسنوات وكيلة لإيران، قامت بإنشاء منظمة مراسلة خاصة بها. الوكيل ربى وكيلا.

هكذا يستطيع حسن نصر الله، أن يوجه حماس أو أي تنظيم فلسطيني آخر نحو "إسرائيل"، دون أن يدفع الثمن.

في هذا الجانب، الكرة في مرمى "إسرائيل" منذ عدة أشهر، وفي هذه الأثناء لا يوجد جواب فعلياً.

وهو ما يفسر أيضاً الجرأة المتزايدة التي يتمتع بها حزب الله على طول الحدود، وهي الجرأة التي لم تلحق بحماس في لبنان في هذه الأثناء، إلا على المستوى الخطابي وليس على المستوى العملي.

ولهذا السبب يرى الكثيرون أن اغتيال العاروري هو الحل المناسب. وقد ألمح إلى ذلك في مقابلة أجريت معه قبل أيام، عندما قال إنه يعلم أن رجاله في مرمى النيران وأنهم مستعدون للموت شهداء. ولم يذكر نفسه بالتحديد، لكن روح الحديث كانت واضحة.

وصل العاروري إلى لبنان منذ أكثر من عام بقليل، ومنذ ذلك الحين تجنب مغادرته، وقد أُجبر على مغادرة خط أنقرة-اسطنبول-طهران بعد تلقيه تلميحات واضحة من أجهزة الأمن التركية بأنه بالفعل شخص غير مرغوب فيه.

هذه الرسالة هي نتيجة مطلب إسرائيلي تم نقله إلى الأتراك في غرف خاصة، أولاً عن طريق الموساد، ومن ثم الرئيس اسحق هرتسوغ.

وعندما أشار أردوغان إلى رغبته في تحسين العلاقات مع "إسرائيل"، كان التلميح الذي نقله واضحاً لا لبس فيه، "اعتنوا بمقر حماس الخاص بكم أولاً".

وعلى حد علمنا، منذ "ترحيله" من تركيا، لم يعد العاروري إليها، علاوة على ذلك، تجنب أيضاً مغادرة لبنان إلى سوريا.

وهو يرى، وربما يكون على حق، أن القيود التي تفرضها "إسرائيل" على نفسها في لبنان لن تنطبق على سوريا.

في الواقع، منذ حادثة الهجوم بطائرة بدون طيار في بيروت في أغسطس 2019، لم تقم "إسرائيل" بأي عمليات على الأراضي اللبنانية، خوفًا من رد فعل حزب الله.

ولم تعلن تل أبيب مطلقا مسؤوليتها عن الهجوم، ولم يرد حزب الله عليه حينها.

وبحسب منشورات أجنبية، قتلت "إسرائيل" في كانون الثاني/ يناير 2015، جهاد مغنية، نجل عماد مغنية، أثناء قيامه بدورية على طول الحدود الإسرائيلية على الجانب السوري.

لقد رد حزب الله بالفعل في ذلك الوقت في مزارع شبعا، ونتيجة لإطلاق الصواريخ على قوة الجيش الإسرائيلي في مزارع شبعا قُتل جنديان، ولكن هذا هو المكان الذي انتهت فيه الحادثة.

أما القضاء على أحد رعايا حزب الله على الأراضي اللبنانية، فهو قصة أخرى.

واللافت أن العاروري، لم يذكر خلال مقابلته مظلة حماية نصر الله له ولرجاله.

السياق الوحيد للرد العسكري من جانب حزب الله، كان يتعلق بالمسجد الأقصى

وقال العاروري في المقابلة: "إن أي عمل إسرائيلي في سياق الأقصى سيؤدي إلى حرب إقليمية، كما وصف الأمين العام نصر الله".

كتب تسيفي بارئيل، معلق الشؤون العربية في صحيفة "هآرتس"، نهاية الأسبوع الماضي، أن حزب الله يحافظ على مسافة آمنة من القضية الفلسطينية، لكي يحافظ لنفسه على مساحة عمل داخل لبنان.

وكتب أن "حزب الله ينأى بنفسه عن التدخل العسكري المباشر ضد "إسرائيل"، من أجل القضية الفلسطينية من أجل الحفاظ على موقعه كحامي للبنان، وكشخص يعمل فقط من أجل المصالح اللبنانية".

لتعزيز هذه الحجة، أشار بارئيل إلى بدء التنقيب عن الغاز في الجانب اللبناني كرادع.

وبالمناسبة، فإن هذه الخطوة التي مكنت من رسم الحدود البحرية وفقاً للمطلب اللبناني، يعتبرها حزب الله إنجازاً وطنياً (وفي رأي الكثيرين في "إسرائيل"، هذا صحيح).

وهذا يطرح السؤال الجوهري، هل هناك أصلاً التزام من نصر الله بسلامة العاروري؟، يطرح هذا السؤال في العديد من المناقشات في نظام الأمان.

الجواب الواضح، هو مفتاح التحرك الإسرائيلي الرادع.

ما هو مؤكد، إذا تم اتخاذ قرار باغتيال العاروري، فسيتم اتخاذه في منتدى محدود للغاية، وبالتأكيد ليس في مجلس الوزراء السياسي الأمني المصغر.