وبرغم ذلك يبقى أوسلو

هآرتس

مقال التحرير

ترجمة حضارات


هذا الأسبوع، كُشف للجمهور عن محضر جلسة الحكومة التي ترأسها اسحق رابين، والتي تمت فيها الموافقة على توقيع اتفاقيات أوسلو قبل 30 عاما. وتظهر الوثيقة أن نقاط الضعف والألغام الكامنة في التسوية، وعلى رأسها التناقض الأساسي بين الحكم الذاتي الفلسطيني والاستيطان الإسرائيلي، كانت معروفة مسبقاً للوزراء الذين وافقوا عليها. لقد تنبأوا بدقة بما سيحدث بعد ذلك، الإرهاب الفلسطيني والإرهاب اليهودي، وسيطرة حماس على قطاع غزة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من المدن الفلسطينية في الضفة الغربية وعودته إليها، وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية وإخلاء غوش قطيف.

والبروتوكول رائع أيضاً فيما لا يتضمنه، الإشارة إلى الاحتلال الإسرائيلي أو حق الفلسطينيين في الحرية والاستقلال، واضح منه أن "إسرائيل"، حتى عندما كانت تترأسها الحكومة الأكثر يسارية، لم تكن تنوي الانسحاب من الضفة وإقامة دولة فلسطينية فيها.

رابين عارض أي نقاش حول القدس، وشدد الوزراء على أهمية السيطرة الإسرائيلية على "أراضي الدولة" (ما سُميت فيما بعد المنطقة "ج")، أي الحفاظ على احتياطيات الأراضي لتوسيع المستوطنات، لقد وعد رابين بإقامة سلطة فلسطينية تعمل كمقاول أمني ثانوي للجيش الإسرائيلي، وتحاول كبح صعود حماس. و ليس أكثر من ذلك.

ليس من المستغرب إذن أن يتعثر اتفاق أوسلو في المرحلة الانتقالية، قتل رابين على يد معارض للاتفاق، ومحاولة التوصل إلى تسوية دائمة، التي أصبحت جديتها موضع شك، انفجرت بعد سبع سنوات في كامب ديفيد. الانتفاضة الثانية، وهي من أصعب حروب إسرائيل، وسقوط غزة في أيدي حماس بعد فك الارتباط، أبعدت الفرصة للتوصل إلى تسوية، والمحاولات اللاحقة في أنابوليس ومحادثات كيري انتهت بالفشل.

ومع ذلك، فحتى حكومات اليمين التي عادت إلى السلطة بعد أوسلو، لم تقم بإلغاء الاتفاق.

وكما توقع وزراء حكومة رابين، فإن التسوية كانت ولا تزال ضرورية بالنسبة لـ"إسرائيل"، رغم كل الصعوبات.

لقد أدت اتفاقيات أوسلو إلى الاعتراف المتبادل بين "إسرائيل" والحركة الوطنية الفلسطينية، ووضعت الأسس لتقسيم البلاد إلى دولتين، وهي الفكرة التي التزم بها حتى بنيامين نتنياهو.

وهكذا فقد حدد اتفاق أوسلو المسار الذي ينبغي على جميع الإسرائيليين الليبراليين أن يتبعوه، إلى أن يتم إنشاء دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة إلى جانب "إسرائيل'، وينتهي الاحتلال ويتم إخلاء المستوطنات، ويعيش الشعبان في تفاهم واحترام متبادلين.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023