أولاً : الموقف :
لا زال العدو لليوم السادس على التوالي يمارس ما تتقنه آلته العسكرية من دمار وقتل وسفك للدماء ، فقد استمر العدو في قصف مختلف مناطق قطاع غزة بما في حوزته من قدرات نارية، وما تم دخوله إلى الخدمة مؤخراً من إمدادات عسكرية وصلت له عبر الجسر الجوي الذي أنشأته أمريكا بين قواعها في المنطقة ومستودعات الجيش الصهيوني، مركزاً قصفه على منطق شمال غرب القطاعـ العطاطرة ، السودانية ، التوام ، السلاطين ، الكرامة ـ ومناطق شرق قطاع غزة حيث جباليا وبيت لاهيا، وخان يونس، بيت حانون.
كما لا يزال العدو في حالة من عدم ( الاستقرار ) في منظومة القيادة والسيطرة السياسية على مجريات الحرب، فقد تم الإعلان بالأمس عن تشكيل الحكومة المصغرة لإدارة الحرب والمكونة من: نيتنياهو، يواف غالنت، بني غانتس، غادي أيزنكوت، رون دريمر، ولم تظهر إلى الآن آثار إدارة هذه المجموعة على مجريات الحرب وتطوراتها، كما صادق الكنيست الإسرائيلي بالأمس على تشكيل حكومة الطوارئ، وفريق إدارة الحرب فيها، معلناً رئيس حكومة العدو في جلسة الكنيست المسائية "حالة الحرب"، واضعاً الحضور في مجريات الدعم الدولي الذي تم حشده خلفهم ولهم.
هذا وقد أعلن وزير طاقة العدو أنهم لن يدخلوا أي إمدادات ماء أو كهرباء أو وقود إلى غزة ما لم يتم إعادة الأسرى من هناك.
كما أفيد عن بدء العدو بالتضييق على أسرانا في مختلف السجون والمعتقلات في الداخل الفلسطيني .
هذا وقد وصل بالأمس وزيد الخارجية الأمريكية" أنتوني بلنكين" إلى الكيان المؤقت في زيارة دعم ومناصرة، على أن يصل إلى المنطقة اليوم وزير الدفاع الأمريكي الجنرال "لويد اوستن" في زيارة دعم وتأييد، وللاطلاع على مجريات الحرب عن كثب، على أن تشمل جولة الوزيرين بعض دول المنطقة المعنية بشكل مباشرة بما يدور في فلسطين المحتلة، والحرب الدائرة على غزة الآن.
أما عن عدد قتلى العدو في هذه المعركة فقد لامس الـ 1400 قتيل وما لا يقل عن 5000 مصاب، عدى عن المفقودين، حيث أعلن الناطق العسكري باسم الجيش أن منهم 97 عسكرياً.
كما وصل بالأمس وزير الخارجية الإيراني" أمير عبد لهيان " في جولة على بعض دول المنطقةـ سوريا، لبنان، العراق ـ للتباحث في جهود تنسيق عقد لقاء لدول" منظمة التعاون الإسلامي".
كما شهدت الجهود الدبلوماسية بالأمس اتصالات تشاور بين مختلف رؤساء الدول منطقة ـ إيران، السعودية، تركيا، مصر ، قطر ، سوريا، لبنانـ لبحث تطورات الموقف السياسي في الإقليم .
وبالعودة إلى جهود الدعم الغربي للعدو الإسرائيلي، فقد أعلنت بريطانيا بالأمس أنها تنظر في إرسال سفن حربية لتستقر في شرق المتوسط لمنع توسع رقعة القتال في المنطقة، كما أعلن عن وصول سرب من طائرات الدعم الجوي A10الأمريكية إلى قاعدة " الظفرة " الإماراتية لردع ومنع تمدد الحرب إلى خارج منطقة عملياتها الآن، وهذه الطائرات هي عبارة عن طائرات دعم جوي قريب تقوم بتأمين الدعم الجوي لقوات البريةـ دروع ومشاه ـ بمختلف صنوفها، وهي مجهزة بمدفع سباعي الفوهات عيار 30 ملم مزود بذخائر مختلفة المهام ـ خارق، حارق ، متفجر ، وذخائر يورانيوم المنضب ـ بكثافة نارية تصل إلى 1200 طلقة في الدقيقة.
أما عن صفحة الموقف الثانية، حيث فعل المقاومة؛
فقد استمرت قوات المقاومة في عمليات الرد الصاروخي والمدفعي على قوات حشد العدو في غلاف غزة، ومناطق العمق الفلسطيني المحتل، حيث طالت رشقات صواريخ المقاومة ومدفعيتها ــ س : 1515 ـ منطقة حشد العدو في منطقة" ياد مرخاي "، كما صُليت ـ س: 1400 ـ مغتصبة " سدروت" بأعنف رشقة صواريخ في تاريخها، حيث ضُربت بما لا يقل عن 50 صاروخاً، كما بقيت قوات المقاومة في حالة اشتباك مع العدو في بعض مناطق غلاف غزة، حيث أبلغ عن اشتباكات في بعض هذه المغتصبات، كما أطلق صاروخ ضد الدروع ـ س : 1515 ـ على مغتصبة " نتيف هعسارا ".
هذا وقد بقيت القبضة الأمنية على مدن الضفة وقراها على ما هي عليه، فقد ضيّق العدو على أهلنا هناك الخناق، إلّا أن المقاومين تمكنوا من الاحتكاك معه في أكثر من نقطة، حيث سُجل اشتباك ـ س : 1747 ـ في منطقة " باب الساهرة " في القدس مع مقر شرطة العدو هناك، موقعاً عدداً من الجرحى في صفوفه، وارتقى المنفذ شهيداً . هذا وقد وصلت حصيلة شهداء شعبنا في هذه المعركة حتى كتابة هذا الموقف، إلى ما لا يقل عن 1537 شهيد ، و 6050 مصاب وجريح .
أما عن أبرز ما تميز به الموقف بالأمس فهو الآتي :
ثانيا : التحليل والتقدير :
ما يزال العدو في حالة مراوحة وعدم يقين من أن العمل البري سوف يؤتي أكله ـ تدمير حكم حماس ـ أو إعادة الأسرى ، الأمر الذي يحول ـ إلى الآن ـ بينه وبين اتخاذ قرار بعمل بري واسع ـ إعادة احتلال، تقطع القطاع كما حصل في حرب 2009ـ أو عمل محدود يدفع فيه بقوات غرب الشريط الحدودي المعروف، مكوناً خطاً دافعياً داخل قطاع غزة يمارس عبره عمليات الضغط على المقاومة؛ قيادة وحاضنة شعبية.
لذلك فإنه يستعيض عن ذلك بتكثيف القصف الجوي على أطراف غزة شمالاً وغرباً وشرقاً، وعلى بعض مناطق الساحل ، كما يستمر بقصف عمق مدن ومخيمات غزة ، حيث حول بعض أحيائها إلى قيعان صفصفاً، مهجراً أهلها، وقاضياً على كل ما يتحرك فيها.
نعتقد أن سبب تردد العدو في أخذ قرار العمل البري بعد استكمال تحضيراته التعبوية، وتأمين غطائه السياسي الداخلي والخارجي ، نعتقد أن سبب التردد يعود إلى عدم تيقن العدو من جدوى ما سيقدم عليه من إجراء، وأنه ـ الإجراء ـ سوف يحقق له أصل الهدف من عمليته العسكرية هذه ـ القضاء على حكومة حماس مرة واحدة وللأبد ـ، كما أنه يتهيب إلى الآن مما قد تكون حضرته له المقاومة من إجراءات دفاعية ستكبده مزيداً من الخسائر في أرواح قوات مناورته وأسراه لدى " حماس ".
لذلك يستعيض عن ذلك بالقصف المدمر ، وممارسة الحصار على أهل غزة ، والتضييق على الأسرى في السجون والمعتقلات، علّه بذلك يحقق بعض أهداف عمليته، أو يهيئ الظرف العملياتي والنفسي لشعبه وجيشيه للإقدام على أخذ قرار العمل البري ، فيما لو لم تحقق إجراءاته السابقة ـ القصف الجوي ، حصار غزة ، التضييق على الأسرى ـ ما يريد.
إلا أن العين يجب أن تبقى تراقب الجهد الناري والحراك البري للعدو لمعرفة توجهاته التعبوية المستقبلية، وكيف سيدير معركته بعد أخذ قرارها الداخلي، وتأمين غطائها الخارجي، وحشد قدراتها التعبوية في محيط غلاف غزة ، فقد يقدم العدو على مناورة برية تضغط على القطاع من شماله ـ من بيت حانون شمال شرق القطاع وحتى قوس العطاطرة السلاطين ـ أو من شرقه حيث بيت جباليا التفاح الشجاعية، مع جهد إشغالي خداعي من محاور البحر المختلفة، فاحتلال هذه المناطق أو السيطرة عليها بالنار، أو فصلها بأحزمة نار المدفعية والطيران عن باقي مناطق القطاع، دون اضطرار العدو للدخول في اشتباك قريب من الجهاز الدفاعي للمقاومة، سوف يؤمن للعدو موقفاً قتالياً متفوقاً، يستطيع من خلاله الضغط على قيادة المقاومة في المفاوضات القادمة.
أما فيما يخص الإعلان عن تحريك قطع عسكرية في البحار أو البراري، أو وصول طائرات أو ما شابهها من قدرات، فإن الهدف الرئيسي منه ردع حلفاء المقاومة عن التدخل الفاعل والمؤثر في مجريات هذه المعركة ، وإبقائهم على (الحياد) الفعلي، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في هذا الأمرــ (حياد) الحلفاء ـ والتقدم خطوة إلى الإمام ورفع سقف الإجراءات، والكشف عن "الخطوط الحمراء" التي قيل أنه لا يجب تخطيها، أو أن تخطيها يعني تدخلاً مباشراً وفاعلاً من قوى" محور المقاومة ".
فأهم أصول " الردع " الفاعل؛ معرفة المتخاصمون بالخطوط الحمر لبعضهم البعض، وإلا فقد " الردع " معناه والهدف منه.
وأمام هذا الموقف فإننا نوصي بالآتي :
الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
عبد الله أمين
13 10 2023