تضليل إعلامي متواصل بعد مجزرة المستشفى - الشاشات النمساوية مثالا

​​​​​​​


لم يشفع إزهاق أرواح مئات المدنيين الفلسطينيين في قصف جيش الاحتلال المستشفى المعمداني في غزة في كبح موجة التضليل الجارفة في منصًات إعلامية أوروبية، كما عبّرت عنه شاشات نمساوية مثلا.

قدّمت القناة النمساوية العامة الأولى ORF في نشرتها الإخبارية لمنتصف الليل، بعد ساعات من اقتراف المجزرة البشعة، تغطية باهتة ومضللة للحدث مع طمس العدد الهائل من الشهداء والجرحى وإغفال سياق الحدث، واستبعاد مفردة الفلسطينيين عند الإشارة إليهم، علاوة على تجتّب وصف جريمة الحرب هذه بالمجزرة. خفًفت التغطية وطأة المجزرة من خلال تورية النبأ إلى موقع الخبر الثاني، ثمّ قدّمت تفاصيل متعددة قبل الخبر متحدثة عن "قصف متبادل" طوال اليوم، ثم أوردت نبأ المجزرة بصفة تشتِّت المشاهدين عندما استهلّته بوجود تبادل اتهامات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بشأن الجهة التي قصفت المستشفى، وأنّ حقيقة ما جرى غامضة، واكتفت بإبراز متحدث باسم جيش الاحتلال لترويج الفرية الدعائية التي يتنصّل فيها من المسؤولية ويزيِّف فيها الحقيقة، دون إظهار أي متحدث فلسطيني في المقابل.

ثمّ اختُتمت النشرة بتقرير يحذِّر الجمهور من مشاهدة الصور والمقاطع التي تأتي من "الشرق الأوسط" عبر مواقع التواصل، وجيء بخبيرة نفسية تنصح بالامتناع عن مشاهدتها خاصة بالنسبة للأجيال الشابّة، لأنّ الصور القادمة من فلسطين "تسبِّب الاكتىاب" ويجب الابتعاد عنها. انتهى التقرير بنصح الشباب خصوصاً والجمهور عموماً بتفعيل خاصيّة حجب الصور والمقاطع التي تأتي من فلسطين حرصاً على "الصحّة النفسية"، وبالطبع الاكتفاء بمشاهدة ما تقدِّمه القنوات الإخبارية من رواية منحازة للاحتلال.

خلال ذلك انصرفت قناة Oe24 النمساوية الخاصة خلال ليلة الصدمة بعد مجزرة المستشفى المعمداني الشنيعة إلى إجراء مقابلة ودودة للغاية ودافئة جداً مع امرأة من فيينا استُدعي زوجها للخدمة في قوات الاحتياط بجيش الاحتلال، ضمن التعبئة العامة المتزامنة مع العدوان الوحشي على قطاع غزة. تحدثت ضيفة المقابلة عن مشاعرها الجيّاشة بالفخر لأنّ زوجها "يقاتل من أجل حقوق الإنسان وضدّ الإرهاب" دون أي مناقشة نقدية من الصحيفة. كان لافتاً للانتباه أنّ عنوان المقابلة على الشاشة لم يستعمل مفردة الجيش، فقد اكتفت القناة بالإشارة إليه بالحروف الأولى بصفة مخففة IDF وهي اختصار "جيش الدفاع الإسرائيلي". بدت المقابلة مادة علاقات عامة تخدم دعاية أنسنة جيش الاحتلال وتمجيده وتورية جرائم حربه الوحشية خلف ستار التضليل، مع شيطنة الشعب الفلسطيني وتبرير حملة العدوان الوحشي عليه.




#حسام_شاكر

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023