الخبير العسكري فتحي رمضان
تدرك المقاومة الفلسطينية جيداً أن "إسرائيل" تُحاول الضغط عليها من خلال القصف العشوائي والمستعر، الذي يستهدف بالأساس الحاضنة الشعبية بغزة، لذلك هي تناور جيداً بورقة الأسرى مزودجي الجنسية لديها، ويحاول العدو من جانبه، إظهار أنه غير مكترث بهذه المسألة، وأن جهده منصب فقط على "تدفيعها الثمن"، كي لا تظهر القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية بأنها جبانة أمام جبهتها الداخلية، وأمام العالم.
واضح تماماً أن المقاومة الفلسطينية بغزة تُمارس سياسة القطَّارة في الإفراج عن الأسرى مزودجي الجنسية لديها، وذلك لاعتباراتٍ عديدة، من أهمها: الاعتبار الأمني، فهي تعي تماماً أن العدو يتتبع هذا الملف استخبارياً، ويُحاول بشتى الطرق الوصول لطرف خيط يُوصله لتحديد موقع أي أسير، وبالتالي فهي لن تغامر بالإفراج عن 50 أسيراً دفعةً واحدة دون مراعاة هذا الاعتبار الهام، ناهيك عن الاعتبار الميداني، ففي ظل مواصلة جيش الاحتلال للقصف العشوائي والمتصاعد بغزة، من الاستحالة أن تَجري عملية التسليم إلا وفق هذه السياسة، التي تنتهجها المقاومة للحفاظ على غلتها من جانب، ومن جانب آخر المناورة للتخفيف من شدة العدوان ولو لبعض الوقت، هذا يضاف للاعتبار الإعلامي، فالمقاومة حريصة على تقديم رسائل بالصوت والصورة للرأي العام العالمي حول طريقة تعاملها مع الأسرى، ودحض الدعاية التي تُروجها "إسرائيل" ضدها وتحاول جاهدةً شيطنتها، كما أن هنالك اعتباراً دبلوماسياً، تريد من خلاله المقاومة إبقاء القنوات والخطوط مفتوحةً مع الوسطاء لاسيما قطر ومصر، ومن يريد أن يدخل على الخط كلاعب جديد.
المشاغلة التي يقوم بها حزب الله والمقاومة الفلسطينية في الجبهة الشمالية تُحقق أهدافها جيداً، فهي تستنزف جيش الاحتلال، وتزيد من تخبطه، وبالتالي تَشُل مخططه للهجوم البري على غزة، لذا هو يخشى تطور الأمور على هذه الجبهة، التي توصل رسائلها بالنار.
المقاومة الفلسطينية تقوم بجهد كبير في الجبهة الشمالية، فقد لاحظنا في اليومين الماضيين استشهاد مقاتلين تابعين لسرايا القدس، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين في الساحة السورية، شاركا في العمليات القتالية على الحدود اللبنانية، وقبلهما زفت "السرايا" شهيدين آخرين من مقاتليها في الساحة اللبنانية، في عملية تسلل خلف خطوط العدو، قرب بلدة الضهيرة بالجنوب اللبناني، أسفرت عن مقتل ثلاثة ضباط وجنود إسرائيليين، وإصابة تسعة آخرين بجراح متفاوتة، هذا فضلاً عن قيام كتائب القسام- لبنان بإطلاق رشقتين صاروخيتين صوب أهداف بالمدن الفلسطينية المحتلة.
في غزة، المقاومة الفلسطينية تقوم بجهد لافت، رغم التحليق المكثف لطائرات التجسس والطائرات الحربية الإسرائيلية، ف"القسام" حاول مهاجمة هدفين إسرائيليين بطائرات مسيرة من طراز (الزواري) بالأمس، واشتبك أول أمس مع قوة عسكرية من جيش الاحتلال، شرقي خان يونس موقعاً قتيلاً وعدداً من الإصابات في صفوفها، هذا بالإضافة لقيام "سرايا القدس" بتركيز استهدافها خلال اليومين الماضيين على الحشودات العسكرية الإسرائيلية في مواقع "إيرز" وصوفا وكيسوفيم بقذائف الهاون الثقيلة، هذا فضلاً عن مواصلة قصف "السرايا" و"القسام" للمدن والبلدات المحتلة بالرشقات الصاروخية.