أولاً : الموقف :
وفي " اليوم العشرين " لمعركة " طوفان الأقصى " ، بدأ العدو (الأصيل) ـ أمريكا ـ ، قائد هذه المعركة ، والممسك بزمام أمرها ؛ بدأ بتظهير دوره فيها أكثر مما كان قد أظهره عند بدايتها ؛ فلم يكتفِ بإرسال حاملات طائراته ، والإعلان عن تعبئة عدة آلاف من جنده لنشرهم في المنطقة عند الحاجة ، وإقامته لجسر جوي لملئ مخازن العدو بما يلزمه من ذخائر وأسلحة ، وإرسال مستشارين عسكرين ، قال أن لديهم خبرات قتالية تصلح لبيئات قتال تشبه بيئة غزة ، أرسلهم للمشاركة في التخطيط لهذه الحرب وإدارة صفحاتها ؛ لم يكتف بكل تلك الإجراءات ، بل قصف أهدافاً " للحرس الثوري " الإيراني في شرق سوريا ، قال العدو الأمريكي أنها تحوي قدرات وأصول تمكّن فصائل المقاومة العراقية والسورية من شن عمليات عسكرية على قواعده في سوريا والعراق .
هذا عن (الأصيل) ؛ أما عن (الوكيل) ؛ فقد بقي يقصف ، ويدمر ، ويقتل على عادته التي انتهجها منذ بداية هذا العدوان ، فلم تسلم منه مدينة ولا مخيم ، ولا مشفىً ولا مدرسة ، فركز قصفه على مناطق شرق القطاع ؛ من " بيت حانون شمالاً " وحتى " خان يونس " و " البريج جنوباً " ، وتنقلت مجازره بين المناطق ؛ ففي " خان يونس " ارتكب مجزرة راح ضحيتها 10 أفراد من عائلة أبو شمالة ، وصب حمم مدافعه بشكل مركز على طول السياج الأمني في شرق القطاع ، وقصف شرق " حي الزيتون" ومخيم "النصيرات" ، وباقي مدن القطاع ومخيماته .
كما خرج الناطق باسمه في مؤتمره الصحفي اليومي ليعيد التذكير بأن هدفهم هو تدمير " حماس" والقضاء على حكمها في قطاع غزة ، وأنهم لن يدّخروا جهداً لتحرير الأسرى ،حيث هم ـ الأسرى ـ أحد أولويات عملهم وأهدافه ، كما كرر مطالبته للجبهة الداخلية بأن تلتزم التعليمات التي تصدر عن الجيش حفاظاً على سلامتها ، وأنهم قد قضوا في اليوم السابق على خمس خلايا لـ " حزب الله " كانت تحاول تنفيذ علميات إطلاق نار على مقراته ومواقعه على الجبهة الشمالية ، كما عاد وأكد أن خسائرهم من الجنود حتى كتابة هذا الموقف قد بلغت 309 من القتلى و 222 من الأسرى .
هذا وقد تَظهّر الخلاف السياسي بين قادة الكيان المؤقت ، فخرج تصريح عن مكتب رئيس الوزراء " نتنياهو " يقول : " أن من يتحمل مسؤولية ما حصل في السابع من أكتوبر هو رئيس هيئة الأركان ، وقادة المعارضة الذين خرجوا في الأيام السابقة يتظاهرون ضد حكومته" .
كما بدأت في الـ 24 ساعة الماضية تخرج أصواتاً تتحدث عن استعداد الكيان المؤقت لدفع ثمنٍ مقابل الافراج عن الأسرى الذين في حوزة فصائل المقاومة في غزة .
إلّا أن أبرز تطور في الموقف جاء من الميدان ، حيث بدء العدو قرابة الساعة 00:20 بقصف الحافة الأمامية للمناطق السكنية في مناطق شرق القطاع في "خان يونس " و " البريج " و " بيت حانون " و" رفح " جنوباً ، كما بدأ تحركاً برياً باتجاه مناطق " بيت حانون " و شرق "البريج " و " رفح " ، حيث تصدى له المقاومون في " بيت حانون " وأوقعوا فيه خسائراً ورُد على عقبه .
أما في صفحة المقاومة ؛ فقد بقيت مشتبكة مع العدو في جبهة غزة ، فقد استُهدفت مروحية للعدو في شرق " البريج " ، وقصفت مواقع حشد قواته في " كيسوفيم " ـ الساعة : 11:30 ـ و " نيريم " ـ الساعة : 11:50 ـ و في " صوفا " و " حوليت " و " العين الثالثة " الساعة " 15:30 ـ ، وقُصف العمق الفلسطيني في "تل الربيع " و " عسقلان " و " أسدود " و " بئر السبع " ومنطقة " غوش دان " ، أما في الجبهة الشمالية ؛ فقد أعلن العدو عن سقوط طائرة مسيرة له في هذه الجبهة ، كما أعلن ولأول مرة عن إطلاق صاروخ أرض جو باتجاه مسيرة للعدو كانت تجوب أجواء منطقة العمليات الشمالية ، كما أعلن " حزب الله " عن ارتقاء مقاتلين من مقاتليه في هذا اليوم ، ليرتفع عدد شهدائه منذ بداية معركة " طوفان الأقصى " إلى 47 شهيداً .
أما في خطوط الجبهة الخارجية ، فقد أعلنت المقاومة العراقية كتائب " حزب الله " أنها مستعدة لحرب استنزاف في مواجهة العدو الأمريكي ، وأنها منخرطة في معركة الدفاع عن غزة ، كما أُعلن عن قصف ـ الساعة : 14:00 ـ القاعدة الأمريكية في منطقة " الشدادي " السورية ، كما استهدفت ـ الساعة : 20:35 ـ القواعد الأمريكية قرب مطار " أربيل " بالصواريخ والطائرات المسيرة .
كما أعلن ـ الساعة : 23:50 ـ عن استهداف قاعدة عسكرية للعدو الصهيوني في جزيرة " دهلك " الأريتيرية ، تقوم بمراقبة الحركة في البحر الأحمر ، حيث أعلن عن مقتل ضابطٍ رفيع المستوى ، في خبر ـ مقتل الضابط ـ لم يُتأكد منه إلى الآن .
وفي " اليوم العشرين " للحرب على أهلنا في قطاع غزة ، ناهز شهداؤنا الـ 7028 شهيداً ، وجرحى العدوان الـ 13000 جريحاً ، فضلاً عن المفقودين الذين ما زالت جثثهم تحت الأنقاض والذين بلغ عددهم قرابة 1500 شهيد .
كما بقيت " الضفة الغربية " مشتبكة مع العدو الإسرائيلي في معظم مدنها وقراها ، التي يقتحمها العدو ، ففي " طوباس " تصدى ـ الساعة : 09:30 ـ المقاومون لقوة صهيونية دخلت المدينة ، كما داهم العدو " كوبر " ، هذا وقد هاجم المقاومون قطعان المستوطنين عند مفترق " يونيم " ، كما استشهد طفلٌ في مخيم الجلزون " شمال رام الله ، واقتحم ـ الساعة : 00:20 ـ العدو " الجلمة " في جنين ، حيث ارتقى 3 شهداء ، وجرح 8 مواطنين في عملية الاقتحام هذه .
ولم يرفع العدو قبضته الأمنية عن باقي مدن وقرى الضفة الغربية من أقصها إلى أقصها ، الأمر الذي حال دون أهلها والمشاركة الفاعلية والمؤثرة في مجريات الحرب الدائرة في قطاع غزة .
أما في مناطق الثمانية والأربعين ؛ فقد أعلن العدو عن عزم الوزير المتطرف " بن غيفير " على انشاء قوة مسلحة للتصدي لأهلنا في تلك المناطق ، ليحول بينهم وبين المشاركة الفعلية والمؤثرة في نصرة أهلنا في غزة ، الأمر ـ المشاركة الفاعلية ـ الذي سينعكس إيجاباً على موقف المقاومة التي تتصدى للعدو في جبهة القطاع ، جنوب فلسطين .
وفي الحراك السياسي ؛ فـ (حركة بلا بركة )، وخطب رنانة في صالات وأروقة الأمم المتحدة ، لم توقف حرباً ، أو تفتح معبراً .
وما كسر رتابة هذا المشهد ؛ كلمة رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية " حماس " الأخ " إسماعيل هنية " حيث خرج مخاطباً الجماهير مساء 26/ 10/ 2023 ، حاثّهم على مشاركة أكثر فاعلية ، وأكثر تأثيراً ، للضغط على هذا العدو الـ ( أمريصهيوني ) ، متحدثاً عن أحد معالم اليوم التالي لوقف الحرب ألا وهو : عدم قبول عودة الوضع في غزة إلى ما كان عليه قبل العدوان ، من حصار وتضييق ، طالباً من رؤساء وزعماء الدول عدم التماهي من الخطاب الـ ( أمرصهيوني ) في تجريم حركة "حماس " أو وصفها بالإرهاب .
أما فيما يخص فاعليات التأييد ، ووقفات التضامن مع الشعب الفلسطيني ، فقد بقيت هذه النشاطات تجوب كثيراً من دول العالم ، وعواصمه ؛ العربية والإسلامية والغربية ، وقد ظهرت السيدة الأولى في اسكتلاندا " نادية النقلا " الفلسطينية الأصل ، ظهرت مرتدية الزي الفلسطيني ، كإشارة على تأييدها ودعمها للشعب الفلسطيني في نضاله ضد العدو الصهيوني .
ثانياً : التحليل والتقدير :
لقد كسرت مناورات العدو المسائية رتابة المشهد الميداني ، حيث بدأ العدو بممارسة عمليات التوغل وجس النبض للحافة الأمامية للمناطق السكنية ، معتمداً الانطلاق من أكثر مناطقه حشده للجنود ـ شمال، وشمال شرق القطاع حيث محور " سدروت " " بيت حانون " وفي الوسط حيث " محور " كارني " " نتساريم " " البريج " وجنوباً " حيث محور " كرم أبو سالم " " رفح " ، بدأ العدو عملياته هذه في جهد تعرضي ـ استطلاع بالنار ـ على خطوط جبهة المقاومة لتحقيق عدة أهداف :
وعليه وبناء على معطيات الموقف هذه ، فإننا نعتقد أن المشهد في الـ 24 ساعة القادمة سوف يكون على النحو الآتي :
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
عبد الله أمين
27 10 2023