أعلن أمس 31/1-/2023 مدير مكتب نيويورك للمفوضية السامية لحقوق الإنسان "كريغ مخيبر" استقالته من منصبه احتجاجا على تعاطي الهيئات الأممية مع الوضع الكارثي في قطاع غزة.
وشدد على ضرورة تحمل المنظمة لمسؤولياتها تجاه حقوق الإنسان التي تدافع عنها.
قال مخيبر في رسالته:" إننا نشهد، مرة أخرى، إبادة جماعية تتكشف أمام أعيننا، ويبدو أن المنظمة التي نخدمها عاجزة عن وقفها، ما يحدث بغزة حالة إبادة جماعية، وهيئات رئيسية بالأمم المتحدة استسلمت للولايات المتحدة واللوبي الإسرائيلي".
وأضاف قائلاً:" المشروع الاستعماري الأوروبي دخل المرحلة النهائية لتدمير بقايا الحياة الفلسطينية الأصلية".
"بالأمس، على بعد بنايات قليلة من هنا، تم ملء محطة غراند سنترال في نيويورك بالكامل من قبل الآلاف من اليهود المدافعين عن حقوق الإنسان الذين وقفوا تضامنا مع الشعب الفلسطيني وطالبوا بوضع حد للطغيان الإسرائيلي (العديد منهم معرضون لخطر الاعتقال في هذه العملية.. من خلال قيامهم بذلك، تجردوا في لحظة من الدعاية الإسرائيلية (ومن الاستعارة القديمة المعادية للسامية) التي تقول إن إسرائيل تمثل الشعب اليهودي بطريقة أو بأخرى. وعلى هذا النحو، فإن إسرائيل هي المسؤولة الوحيدة عن جرائمها. في هذه النقطة، من الجدير التكرار، على الرغم من ادعاءات اللوبي الإسرائيلي عكس ذلك، أن انتقاد انتهاك إسرائيل لحقوق الإنسان ليس معاداة للسامية.
وعندما يسعون إلى إسكاتنا بتشويه السمعة والافتراءات، علينا أن نرفع صوتنا، لا أن نخفضه.
أنا على ثقة من أنك ستوافقني الرأي، أيها المفوض السامي، على أن هذا هو ما يعنيه قول الحقيقة للسلطة".
وأكد في رسالته قائلاً:" أجد الأمل أيضا في تلك الأجزاء من الأمم المتحدة التي رفضت التنازل عن مبادئ حقوق الإنسان، على الرغم من الضغوط الهائلة التي تعرضت لها للقيام بذلك.. لقد واصل مقررونا الخاصون المستقلون، ولجان التحقيق، وخبراء هيئات المعاهدات، إلى جانب معظم موظفينا، الدفاع عن حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني.
حتى في الوقت الذي قامت فيه أجزاء أخرى من الأمم المتحدة (حتى على أعلى المستويات) بإحناء رؤوسهم بشكل مخزٍ للسلطة.
وباعتبارها الجهة الراعية لقواعد ومعايير حقوق الإنسان، يقع على عاتق المفوضية واجب خاص يتمثل في الدفاع عن تلك المعايير.
أعتقد أن مهمتنا هي أن نجعل صوتنا مسموعا، من الأمين العام إلى أحدث موظف في الأمم المتحدة، وأفقيا عبر منظومة الأمم المتحدة الأوسع، مع الإصرار على أن حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني ليست موضع نقاش أو تفاوض أو تسويات في أي مكان تحت العلم الأزرق".
وتساءل قائلاً:"كيف يمكن أن يبدو الموقف القائم على معايير الأمم المتحدة؟ لماذا سنعمل إذا كنا صادقين مع تحذيراتنا الخطابية حول حقوق الإنسان والمساواة للجميع، ومساءلة الجناة، وإنصاف الضحايا، وحماية الضعفاء، وتمكين أصحاب الحقوق، وكل ذلك في ظل سيادة القانون؟
أعتقد أن الإجابة بسيطة: إذا كان لدينا الوضوح لنرى ما وراء الستار الدعائي الذي يشوه رؤية العدالة التي أقسمنا عليها، والشجاعة للتخلي عن الخوف والإذعان للدول القوية، والإرادة للتعامل بشكل حقيقي مع هذه القضية. راية حقوق الإنسان والسلام. من المؤكد أن هذا مشروع طويل الأمد وشاق. ولكن علينا أن نبدأ الآن أو نستسلم لرعب لا يوصف".
وأضاف: "أرى عشر نقاط أساسية" وهي:
وأضاف: "سيستغرق تحقيق ذلك سنوات، وستحاربنا القوى الغربية في كل خطوة على الطريق، لذا يجب أن نكون صامدين. وعلى المدى القريب، يجب علينا أن نعمل من أجل وقف فوري لإطلاق النار وإنهاء الحصار الذي طال أمده على غزة، والوقوف ضد التطهير العرقي في غزة والقدس والضفة الغربية (وأماكن أخرى)، وتوثيق هجوم الإبادة الجماعية في غزة، ومساعدة وتقديم مساعدات إنسانية ضخمة وإعادة الإعمار للفلسطينيين، ورعاية زملائنا المصابين بصدمات نفسية وأسرهم، والنضال بلا هوادة من أجل اتباع نهج مبدئي في المكاتب السياسية للأمم المتحدة".
واختتم مخيبر قائلا إن "فشل الأمم المتحدة في فلسطين حتى الآن ليس سببا للانسحاب بل ينبغي أن يمنحنا الشجاعة للتخلي عن نموذج الماضي الفاشل، وتبني مسار أكثر حفاظا على المبادئ. دعونا كمفوضية حقوق الإنسان، ننضم بجرأة وفخر إلى الحركة المناهضة للفصل العنصري التي تنمو في جميع أنحاء العالم، ونضيف شعارنا إلى راية المساواة وحقوق الإنسان للشعب الفلسطيني. العالم يراقب وسنكون جميعا مسؤولين عن موقفنا في هذه اللحظة الحاسمة من التاريخ فلنقف إلى جانب العدالة".
وأضاف: "أشكرك، حضرة السيد المفوض السامي فولكر تورك، على سماع هذا النداء الأخير من مكتبي سأترك المكتب في أيام قليلة للمرة الأخيرة، بعد أكثر من ثلاثة عقود من الخدمة ولكن من فضلك لا تتردد في التواصل لمعرفة ما إذا كان بإمكاني تقديم المساعدة في المستقبل".
وأصدرت حركة المقاومة الإسلامية حماس بياناً، ورد فيه:
" إن استقالة مدير مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان السيد كريغ مخيبر، احتجاجا على الانحياز الأمريكي والغربي للاحتلال الصهيوني الإرهابي في حربه العدوانية على قطاع غزَّة، والفشل في وقف حرب الإبادة الجماعية والمجازر المروعة ضد المدنيين العزل من الأطفال والنساء، يؤكد مستوى التواطؤ المشين لتلك القوى والدول مع الاحتلال في مجازره ضد شعبنا، وانتهاكاته الفاضحة لكل الأعراف والمواثيق الدولية".
وأضافت "حماس": "ندعو الدول والمؤسسات الدولية التي لا يزال فيها ضمير حي إلى تجاوز عتبة الإدانة والشجب باتخاذ موقف تاريخي حاسم بالوقوف ضد الاحتلال ومجازره، إنقاذا لقيم العدالة وحق الشعوب في الحرية والكرامة وتقرير المصير، وصونا للسلم والأمن الدوليين".
وأصدرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان، بيانا توضيحيا بشأن ما ورد في رسالة الاستقالة التي بعث بها مدير مكتب نيويورك كريغ مخيبر، مشيرة إلى أنها تعبر عن آرائه الشخصية.
وقالت: "ردا على الاستفسارات الصحفية والمعلومات المضللة المتداولة في وسائل الإعلام الرئيسية ووسائل التواصل الاجتماعي، تود مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان توضيح ما ورد في رسالة السيد كريغ مخيبر.
في مارس 2023، أبلغ الموظف بمكتب نيويورك كريغ مخيبر، الأمم المتحدة بتقاعده الوشيك. والآراء الواردة في الرسالة التي تم نشرها اليوم هي الآراء الشخصية للموظف الذي سيسري تقاعده غدا.
وأشار البيان إلى أن موقف المكتب بشأن الوضع الخطير في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل ينعكس في تقاريرنا وبياناتنا العامة".