ذكر موقع والا العبري:" تدمير مدرعة نمر مصيبة كبرى، إنها عربة مصفحة من كل الجهات، تُعتبر مدرعة المستقبل التي تحمي الجنود بداخلها".
بعد عدة أيام من نجاح عملية "طوفان الأقصى أعلنت القسام عن دخول قذيفة جديدة الخدمة.. إنها قذيفة" الياسين 105" التي استخدمتها في يوم العبور المجيد لمستوطنات غلاف غزة.
بثت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، يوم الجمعة 20/10/2023 مقطعاً مصوراً للحوامات التي استخدمها في استهداف آليات جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال معركة طوفان الأقصى. وظهر في المقطع عناصر من القسام وهم يجهِّزون إحدى الحوامات قبل إطلاقها جواً، وصولاً إلى إلقاء حمولتها على إحدى الأهداف وإصابتها بدقة.
واختُتم المقطع بعبارة" وأرسلنا عليهم طيرا أبابيل".
وفي 31 أكتوبر، وفي كلمة مصورة بثتها قناة كتائب القسام على تيليجرام تداولها الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، أطل علينا الملثم الغامض، الناطق باسم كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة حماس" أبو عبيدة"، ليصرح عبر كلمته بإدخال قذيفة الياسين من عيار 105 ملم رسمياً في الخدمة وتستعملها كتائب القسام في المعارك البرية".
وتوالت بعد ذلك تصريحات كتائب القسام في قناتها على التيليجرام، فمثلاً: في 31/10/2023 ذكرت" كتائب القسام" الذراع العسكرية لحركة حماس الفلسطينية في بيان لها على قناة تيليجرام أنها دمرت دبابتين إسرائيليتين في منطقة مدرسة الزراعة في بيت حانون شمال شرق قطاع غزة.
انضمت قذيفة الياسين، إلى مجموعة جديدة من الأسلحة التي ابتكرتها كتائب القسام منها: الراجمة الصاروخية "رجوم"، ومضاد الطيران "مُتبّر"، وعبوات "العمل الفدائي"، وطوربيد "العاصف"، ومُسيّرات "الزواري"، ودخلت هذه الأسلحة الخدمة لأول مرة في معركة طوفان الأقصى.
فما هي قذيفة الياسين 105؟ ومن أين للمقاومة مثل هذه القذائف التي أثبتت نجاعتها في التصدي للقوات الغازية للمنطقة البرية لغزة؟
قذائف الياسين 105:
هي قذائف محلية الصنع ومضادة للدروع( بما في ذلك المدرعات والدبابات التي يستخدمها جيش الاحتلال)، تتميز بقدرة تدميرية عالية وهي نسخة مطورة عن قذيفة التاندوم الروسية، استخدمتها كتائب القسام في حربها على الاحتلال في معركة طوفان الأقصى، وأسفرت عن تدمير العديد من الدبابات الصهيونية العدوان البري الإسرائيلي على قطاع غزة. تعود تسميتها، إلى مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين. ولإطلاق قذيفة الياسين من عيار 105 الحالية، يُستخدم قاذف آر بي جي 7 أو آر بي جي 29.
في بداية الانتفاضة الثانية، بدأت كتائب القسام تعمل بشكلٍ كبير على إنتاج قذائف مضادة للدروع، للتغلب على صعوبة الحصول على الأسلحة من الخارج. وكان الشهيد عدنان (يحيى) الغول، المسؤول الأساسي عن إنتاج هذا النوع من الأسلحة.
في عام 2002 تم إنتاج قاذف البنا، ثم قاذف البتار في تطوير عنه بعد أقل من عام، وصولًا إلى قاذف الياسين عام 2004، الذي بقي في الاستخدام حتى عام 2014، حيث خرجت هذه القواذف من الخدمة، مع وصول صواريخ كورنيت وقذائف تاندوم الروسية.
آلية عمل قذيفة الياسين 105
لم تكشف المقاومة الكثير من المعلومات عن الياسين، لكن كما يبدو من شكل القذائف يتضح أنها ذات رأس حربي ترادفي، أي أنها تحتوي على حشوتين تقومان بمرحلتين من التفجير، تكون هناك شحنة متفجرة في مقدمة القذيفة، وهناك شحنة أخرى أكبر في وسطها.
فمع ارتطام القذيفة في المدرعة تنفجر الحشوة الأولى منها، مُحدثة ثقباً في الطبقة الخارجية للهدف، أو أنها تقوم بتنشيط الدرع التفاعلي للهدف، وهو نوع من الدروع تنفجر للخارج لمواجهة القذيفة القادمة، فيتمكَّن هذا الدرع من توجيه كامل قوة القذيفة الانفجارية إلى الخارج وليس إلى داخل الدبابة أو العربة المدرعة لحماية من فيها.
بعد وقت قصير من اختراق الحشوة الأولى للدرع، تنفجر الحشوة الثانية للقذيفة ذاتها، حيث تستغل الثقب الذي أحدثته الحشوة الأولى في الدرع التفاعلي، وتقوم الثانية بتفرغ كامل قوتها داخل العربة المدرعة أو الدبابة، ما يتسبب بضرر كبير للطبقة الداخلية للهدف أو مكوناته، حيث تعطل المركبة عن العمل وتصل إلى ركابها من الجنود، وتوقف تقدمها.
أي إن وظيفة الشحنة الأولى تكون تحسين اختراق الدرع، أما وظيفة الثانية فهي تطوير الانفجار وتحقيق أكبر فعالية.
كيف تطلق قذيفة الياسين 105 وكيف تصيب هدفها المنشود؟
تُطلق قذيفة الياسين 105 من قاذفات "آر بي جي-7" الروسية، وهي قاذفة صواريخ تُحمل على الكتف؛ لأنها عديمة الارتداد، وعادة ما يكون تشغيلها بواسطة شخصين، الأول مدفعي يحمل القاذف، والثاني مساعد يحمل القذائف ويدافع عن المدفعي من الهجوم.
يقدر مدى القذيفة بـِ 100-500 متر، ويكون مداها الفعال في حدود 150 متراً.
بعد 10 أمتار من ضرب القذيفة، يشتعل المحرك الصاروخي الداخلي لها، وتنفتح من جوانبها 4 زعانف تثبيت؛ تمنح المقذوفة استقراراً أثناء رحلتها ناحية الهدف، وتمنحها سرعة قصوى تبلغ 300 متر في الثانية، وغالباً ما تضرب الهدف خلال مسافة قدرها 200 متر. في هذا النطاق من المقدَّر أن يكون لدى الصاروخ الترادفي من هذا النوع فرصة بنسبة 50% تقريبا لإصابة هدف متحرك (وليس ثابتا)، ما معناه أن إطلاق 20 منها سيحقق 10 إصابات ضاربة.
الخسائر التي تكبدها المحتل في الحرب البرية في قطاع غزة مع استخدام قذيفة الياسين 105
في الأول من نوفمبر، اعترف الاحتلال بمقتل 16 جندياً، منذ بداية عدوانه البري، معظمهم بالنيران المضادة للدروع. كان هناك مجموعة من الجنود قتلت بعد استهداف عربة النمر المدرعة بالقرب من الشجاعية، فيما قتلت مجموعات أخرى في بيت حانون باستخدام قذيفة الياسين 105 التي كثف استخدامها في الأيام الأخيرة.
وينظر إلى أن كتائب القسام، بحسب البلاغات التي تصدرها، تعمل على استهداف الدبابة الواحدة، بأكثر من قذيفة "الياسين"، وذلك من أجل تجاوز نظام الحماية "تروفي"، الذي لم يحقق نجاحات تذكر حتى الآن، بالإضافة إلى تعزيز قدرة الاختراق.
وتكرر في بيانات القسام، الحديث عن اشتعال الدبابات أو الآليات، وذلك بعد تعمد استهداف المدرعات الإسرائيلية، في نقاط ضعفها، أو منطقة تخزين الوقود فيها بقذيفة الياسين 105.
د. زهرة خدرج
كاتبة صحفية وروائية وناشطة فلسطينية