مركز ثقل حماس لم يعد في مدينة غزة وجيش الاحتلال أمام معضلة حقيقية
180 تحقيقات

اعتبر المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن اقتحام قوات الاحتلال مستشفى الشفاء في غزة قبيل فجر اليوم، الأربعاء، "يعبر عن استعداد إسرائيلي للتعامل مباشرة، وبالرغم من المخاطر، مع مركز منظومة حماس العسكرية والسياسية في شمال القطاع".


وحسب هرئيل، فإن "اقتحام المستشفى، المحدود بأهدافه وبحيز عمليات الاقتحام، مقرون بمخاطر التورط (الإسرائيلي). ويمكن أن يؤثر الاقتحام على ردود فعل المجتمع الدولي، وعلى احتمالات تقدم صفقة لتحرير المخطوفين قريبا وعلى أداء حزب الله عند الحدود اللبنانية".


وأضاف أن قوات الاحتلال حاصرت مستشفيات في غزة بموجب توجيهات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، بادعاء "التشديد على استخدام حماس الواسع في المستشفيات، والمساحات تحتها، كمقرات قيادة ومخابئ لعناصرها". وسبق ذلك اقتحام قوات الاحتلال لمستشفى الرنتيسي.


وتابع هرئيل أن "الإدارة الأميركية توافق على هذه العملية الإسرائيلية"، بعدما ادعت أمس أن بحوزتها معلومات استخباراتية حول أنشطة تنفذها حماس في المستشفيات. وتذرعت الإدارة الأميركية بطلب إنساني مزعوم من إسرائيل ألا تقصف مستشفى الشفاء من الجو قبل اقتحامه، بادعاء تقليص المخاطر على الطاقم الطبي والمرضى والجرحى المسررين في المستشفى.


في هذه الأثناء طرأت تحولات جوية. "وإذا كان هناك أمر محبط أكثر من الحرب فهو حرب في الشتاء". وأشار هرئيل إلى أن "المخاطر على الجنود في القطاع لا تنحصر بالأحوال الجوية. فبعد أسبوعين ونصف الأسبوع داخل القطاع، يوجد خطر أن تصبح القوات في حالة عدم تحرك وقابلة للاستهداف. والبقاء لفترة في وضع كهذا يقود أحيانا إلى مسّ بالأداء العملياتي الذي يكشف القوات للاستهداف".


وأضاف أن الضباط الإسرائيليين "قلقون من عدة تهديدات محتملة، وفي مقدمتها إطلاق قذائف مضادة للدبابات وتفخيخ بيوت. وداخل المناطق المكتظة في وسط المدينة، ثمة حاجة أيضا إلى الاحتماء من إطلاق نار من داخل بنايات متعددة الطبقات. والكثير منها، التي استهدفت بهجمات جوية، لا تزال موجودة وثمة تخوف من أن حماس أقام فيها مواقع جديدة للقنص وإطلاق قذائف مضادة للمدرعات".


ووفقا لهرئيل، فإن قوات الاحتلال "لم تعمل بعد في أحياء شرق ووسط مدينة غزة. ولا تزال تركز جهودها على الأنفاق، في محاولة للتوصل إلى حل فعّال لتدميرها بشكل أسرع".


وبحسبه، فإن "حماس لم تعد تسيطر سياسيا ومدنيا في هذه المنطقة، ولحقت أضرار بلوائيها العسكريين في شمال القطاع ومدينة غزة، وهي تعمل بشكل جزئي". وأضاف هرئيل أن "الألوية العسكرية الثلاثة الأخرى، في مخيمات اللاجئين في وسط القطاع ومدينتي خانيونس ورفح، استهدفت بشكل ضئيل فقط، ولا تزال هرميتها القيادية تعمل".


ونقل هرئيل عن ضابط إسرائيلي كبير قوله إن مقاتلي حماس "يقاتلون الآن من خلال مجموعات صغيرة نسبيا، تضم الواحدة منها عشرة أشخاص أو أقل. وقليلة الحالات التي يقاتلون فيها أثناء الليل. وعند الفجر، بعدما يؤدون الصلاة، يطلقون طائرة مسيرة صغيرة كي يستوضحوا ما الذي تغير في انتشار قواتنا قربهم ومحاولة تنظيم هجوم محلي".

من جانبه، رجح المحلل العسكري في صحيفة "معاريف"، طال ليف رام، أن "مركز الثقل العسكري لحماس لم يعد في مدينة غزة. ومخيمات اللاجئين في وسط القطاع ومدينتي خانيونس ورفح هي مراكز الثقل التي يجب تفكيك قدرات حماس العسكرية فيها".


ولفت ليف رام إلى أن "العمليات العسكرية الميدانية (الإسرائيلية) الناجحة لم ترتقِ بعد بصورة بارزة إلى المستوى الإستراتيجي. والإنجازات المثيرة للإعجاب لا تضمن حتى الآن تحقيق أهداف الحرب، لا بإعادة المخطوفين ولا بتفكيك قدرات حماس العسكرية والسلطوية".


وأضاف أنه "لا تزال هناك تحديات هائلة أمام الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، ولا مجال للتهاون أو الغطرسة. ومرحلة تطهير المنطقة، التي تجري حاليا عمليا، هي مرحلة صعبة ولا تقل صرامة. ولا تزال في المناطق التي يصعب القتال فيها كتائب حماس تعمل ويتوقع أن تدور معارك ضارية فيها".


ولفت ليف رام إلى "معضلة حقيقية" تواجهها قوات الاحتلال. "فتطهير كامل لمدينة غزة وتفكيك البنية التحتية العسكرية لحماس قد يستمر لأسابيع طويلة. والجيش الإسرائيلي يسعى إلى تنفيذ عملية عسكرية طويلة جدا، لكن من الواضح أن الوقت ليس غير محدود. ولذلك يتعين على قيادة جهاز الأمن أن تتخذ قرارات حول ماذا لن ينفذوا وما هو سلم الأولويات، من أجل التمهيد لاستمرار الحرب في المناطق التي ستكون هناك حاجة إلى استخدام فرق عسكرية، مثل رفح".


وفيما يتعلق بحزب الله في لبنان، أشار ليف رام إلى أن "الجيش الإسرائيلي اتخذ قرارا بإبقاء التركيز منصب على غزة، بالرغم من الانتقادات بأن إسرائيل ترتكب خطأ باحتواء حزب الله ويتعين أن تكون أكثر شدة حياله".


وبحسبه، فإن"أهداف الحرب تشمل تغيير الوضع في شمال إسرائيل أيضا، وبحيث يكون بإمكان السكان الشعور بالأمان والعودة إلى بيوتهم في نهاية الحرب. ويسعون في جهاز الأمن إلى التعهد بأن هذا لن يكون تعهدا على الورق فقط".

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023