طوفان الأقصى.. الموقف اليوم الخميس: 23/ 11/ 2023 الساعة: 08:00

عبدالله أمين

خبير عسكري وأمني


أولاً : الموقف

وفي ختام اليوم الـ 47 للحرب ؛ وبعد أن أفضت المفاوضات السياسية بوساطة قطرية ، إلى موافقة العدو (الأمريصهيوني ) على هدنة مؤقتة لمدة 4 أيام ـ لم يتم حتى كتابة هذا الموقف الإعلان عن بدء سريانها ـ يسابق العدو الوقت لتحقيق إنجازات ميدانية تحسن من موقفه القتالي ، بحيث يعود لاستئناف القتال من موقع أفضل مما هو عليه الآن . وعليه فقد بقي الموقف في صفحاته المختلفة على النحوي الآتي : 


ففي صفحة العدو القتالية؛ بقي العدو مستمراً في تقطيع مدينة غزة إلى بقع عمليات منفصلة عن بعضها البعض ، بحيث يدفع قواته باتجاه الأكثرها سهولة للمناورة وتحقيقاً للأهداف ، مثبّتاً البقع الأكثر صعوبة وصلابة ، للعودة لها لاحقاً ، وفي هذا السياق ؛ فقد أتم العدو حصاره لمنطقة جباليا في شمال مدنية غزة . كما كان موقف العدو القتالي في الـ 24 ساعة على النحو الآتي : 

  1. قتال العدو على القشرة الخارجية للأحياء الداخلية ـ الصفطاوي ، الكرامة ، الشيخ رضوان ، الزيتون ، محيط مشفى الشفاء ، محيط المستشفى الإندونيسي ـ لمدينة غزة . 
  2. أتم العدو حصار منطق جباليا في شمال مدنية غزة . 
  3. استمرار العدو في عمليات الأمن الجاري الساخن في كافة المناطق التي يعمل فيها شمال مدينة غزة . 
  4. أما في باقي مسرح العمليات ؛ فقد بقي العدو مثبّتاً مناطق جنوب وادي غزة ، بمختلف صنوف النار ، والمناورات السطحية ، بحيث لم يحتك إلى الآن بعمق الجهاز الدفاعي للمقاومة في تلك المناطق ، في إجراء ـ المناورات السطحية ـ الهدف منه : 
  • استطلاع قتالي بهدف جمع معلومات ، أو التثبت من معلومات موجودة .
  • كشف انتشار واستعداد الجهاز الدفاعي في منطقة العمليات جنوب وادي غزة . 
  • كشف قواعد النار الثابتة لجهاز المقاومة الدفاعي جنوب الوادي . 
  • تليين الأهداف وعُقد الدفاع الصلبة في منطقة العمليات . 

كما بقي العدو يمارس ضغطه بالنار والمناورة ، على الحاضنة الشعبية للمقاومة في مختلف مدن ومخيمات قطاع غزة ، مستهدفاً ما تبقى من المشافي ومراكز النزوح ، خاصة في أحياء شمال مدينة غزة ، كما بدأ ـ العدو ـ بتخصيص مزيداً من النار لمدينة خان يونس ، حيث يعتقد أن قيادة المقاومة متواجدة فيها . 

وفي سياق متصل ؛ بقي العدو يرد مختلف صنوف النار على مواقع وقواعد اطلاق النار التابعة للمقاومة الإسلامية " حزب الله " في جنوب لبنان ، كما طال قصفه محيط ضاحية السيدة زينب في ريف دمشق . 


أما في صفحة موقف المقاومة فلم تتغير في الـ 24 ساعة الماضية وبقيت على النحو الآتي : 

  1. عمليات استطلاع وجمع معلومات عن الأهداف المعادية التي تتحرك في مناطق المسؤولية. 
  2. الكر والفر والتعرض للأهداف المعادية بمختلف صنوف وتكتيكات حرب العصابات في المدن . 
  3. الدفاع المرن والمتحرك من بقعة عمليات إلى أخرى ، دون خوض اشتباكات حاسمة مع العدو . 
  4. الاشتباك بالنار مع العدو في عمق مناطق حشده ، ومراكز ثقله السياسية ، بواسطة سلاحي المدفعية والصواريخ . 

وعلى صلة ؛ فقد تصدت المقاومة الفلسطينية للعدو على محاور بيت حانون ، وجباليا ، حيث يركز العدو جهده الآن ، كما بقيت ـ المقاومة ـ تتعرض للعدو على باقي محاور عمله في الزيتون ، والرضوان ، وشرق مستشفى الشفاء ، وفي محيط المستشفى الإندونيسي ، كما قصفت المقاومة الفلسطينية مقار حشد وتجمع العدو في محيط غلاف غزة ، بمختلف صنوف الأسلحة . هذا وقد بلغ عدد شهداء شعبنا حتى كتابة هذا الموقف ما يقارب الـ 14500 شهيداً ، و 35000 جريحاً و7000 من المفقودين . 


أما في الجبهات الخارجية / لبنان ، سوريا ، العراق ، اليمن

  1. بقيت المقاومة الإسلامية في لبنان " حزب الله " مشتبكة مع العدو على كامل خط الجبهة بمختلف صنوف النار ، وتكتيكات العمل ، حيث استخدمت بالأمس صواريخ بركان ، والأسلحة الموجهة في استهداف قواعد وثكنات العدو في كل من : المرج ، بياض بليدا ، البغدادي ، الراهب ، العاصي ، المنارة ، تل الطحية ، مرج حانيتا . كما أعلنت القيادة المركزية للعدو الأمريكي أنها أسقطت طائرة مسيرة قادمة من اليمن باتجاه فلسطين المحتلة . 


وفي الضفة الغربية ؛ ما زال العدو يكرر عمليات اقتحامه اليومي ــ وبنفس طرق العمل والتكتيكات الميدانية ــ لمدن وقرى الضفة الغربية في عمليات أمن جاري ساخن ، يُحيّد فيه مقاومين ، ويدمر بناً تحتيه وخدمية ، ويُثّبتُ قدرات للمقاومة ، يمكن أن تساعد في اشغاله ، وتشتيت جهوده ، وتجميد جزء من قدراته ، أو تعيق تحركه السلسل باتجاه جبهات قتاله في الشمال أو الجنوب ، وفي هذا السياق ؛ فقد قصفت طائرة بدون طيار مجموعة من المقاومين في طول كرم ارتقى على أثرها 6 شهداء . وعلى صلة ؛ فقد اقتحمت قوات العدو كلاً من المناطق التالية في الضفة الغربية : مخيم بلاطة / نابلس ، مخيم العروب ، ومدينة دورا / الخليل ، قرية رمانة / جنين ، مخيم قلنديا / القدس ، ومدنية طوباس . هذا وقد بلغ عدد شهداء الضفة الغربية منذ بدء معركة " طوفان الأقصى " ما يقارب 227 شهيداً . 


وفي الدعم الشعبي للمقاومة ؛ لا زالت تجوب المدن والعواصم على شكل : 

  1. مظاهرات ومسيرات . 
  2. اعتصامات ووقفات أمام بعض المقار والممثليات . 
  3. ندوات وخطب ولقاءات . 


وفي الجهود السياسية ؛ أفضت المفاوضات القطرية مع العدو ( الأمريصهوني ) إلى التوصل إلى اتفاق هدنة مؤقتة لمدة 4 أيام قابلة للتمديد ، لم يعلن عن بدء تنفيذها حتى الآن ، حيث كان من المقرر أن يبدأ سريانها اليوم الساعة 1000 ، الأمر الذي أعلن عن تأجيله إلى يوم غد الجمعة الواقع فيه 24 11 2023 . 


ثانيا : التحليل والتقدير :

أفضت المفاوضات السياسية بين العدو (الأمريصهيوني) وبين المقاومة بوسطة قطرية إلى الوصول إلى هدنة مؤقت ، الأمر الذي سيمنح كافة الأطراف المشاركة في هذه الحرب ، إن في داخل فلسطين المحتلة أو خارجها ، سيمنحهم فرصة لتقييم ما تم تحقيقه على مدار الأيام الماضية ، كما أنها ـ الهدنة ـ ستساعد في التخفيف عن أهلنا وشعبنا في قطاع غزة ، عبر توفير أجواء أكثر أمناً لتفقد ممتلكاتهم ، وتأمين بعضاً من حاجاتهم ومتطلباتهم ، أما في الشق العسكري ؛ فإن هذه الهدنة سوف تمنح المقاومين فرصة لإعادة تنظيم تشكيلاتهم ، وحصر خسائرهم ، وترميم ما يمكن من قدراتهم ـ البشرية والمادية ـ والتحضر والتحضير لاستئناف القتال حال عدم تمديد هذه الهدنة .


أما في صفحة العدو ؛ فإنه سيستغل هذه الهدنة بالإضافة إلى إعادة تنظيم قواته ، سيستغلها في الاستطلاع وجمع المعلومات بمختلف وسائط الجمع العسكري والأمني ، بحثاً عن رؤوس خيوط يمكن أن تُستثمر ويستفاد منها للتتبع المقاومين ، والتعرف على مقارهم ، وخطوط حركتهم ، ليستفيد مما جمع وسجل من معلومات ، حال تجدد عمليات القتال ؛ إذا لم يتم تمديد هذه الهدنة . 


وعليه وأمام هذه المعطيات ، فإننا نعتقد أن الموقف في الـ 24 ساعة القادمة سوف يكون على النحو الآتي : 

  1. سوف يبقى العدو يمارس عدوانه على أبناء شعبنا حتى آخر ساعة قبل الإعلان عن بدء سريان اتفاق الهدنة ، محاولاً تسجيل نقاط لصالحه ، وتحسين موقفه القتالي في مختلف محاور القتال في مناطق الجهد الرئيسي أو الثانوي . 
  2. سوف يُحسن العدو من إجراءات تأمين قواته المنتشرة في مختلف بقع العمليات في كامل مسرحي عمليات غزة ، تخوفاً من أي إجراء من قبل المقاومة ، قد يهددها أثناء فترة الهدنة ، الأمر الذي يتطلب مزيداً من الحيطة والحذر من قبل المقاومين في حال تقرر التقرب من هذه المقار بقصد الاستطلاع ، وجمع المعلومات ، أو التحضير لمزيد من العمليات . 
  3. التزام كل الأطراف ـ داخل فلسطين وخارجها ـ المشتركة في هذه الحرب بمقتضيات هذه الهدنة ، حال إعلان توقيت بدئها . 
  4. سوف يستغل العدو أي زعم بخرق الهدنة لتحييد أي أهداف ظهرت ، أو ستظهر أمامه في منطقة مسرح عمليات قطاع غزة ، خاصة منطقة عمليات شمال الوادي . 
  5. سوف يستغل العدو هذه الهدنة في جمع المعلومات والمعطيات عن المقاومة ، وأصولها البشرية والمادية ، ليستثمر ما جمعه بعد انتهاء الهدنة ، الأمر الذي يتطلب
  • أخذ الحيطة والحذر أثناء التحرك في مناطق الاشتباكات في كامل مسرح العمليات . 
  • التنبه إلى حركة عملاء ومصادر العدو البشرية التي ستنشط في جمع المعلومات ، وتحديد الأهداف . 
  • الحذر من عمليات الاستطلاع الجوي المعادي ، والذي يمكن أن يتم دون الحاجة إلى دخول منطقة العمليات التي تشملها الهدنة . 

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .

عبد الله أمين

23/ 11/ 2023

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023