إسرائيل أشبه بمقامر يخسر طوال الوقت ويأمل بانقلاب الحظ
عرب 48- الصحافة العبرية


"اتضح سريعا أن احتمال إنقاذهم بالقوة ضئيل للغاية، إثر استعدادات حماس البالغة للتعامل مع أي محاولة إنقاذ. وفي العديد من الحالات على الأقل، التوغل البري لم يحسن وضع المخطوفين، وإنما قتلهم"


فنّد محللون أمنيون اليوم، الأربعاء، ادعاء المسؤولين الإسرائيليين أن تشديد الضغط العسكري من خلال المناورة البرية على قطاع غزة، سيؤدي إلى تحرير الرهائن، وإنما أدى إلى مقتل قسم منهم، وذلك على إثر رفض رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، التوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع حركة حماس.


ووصف مسؤول إسرائيلي واسع الاطلاع على خطط الحرب وقضية الرهائن "دولة إسرائيل، جهازها الأمني، الجيش الإسرائيلي، الموساد، الشاباك، وزارة الأمن والمحيطين برئيس الحكومة"، بأنهم أشبه "برواد كازينو، أو مجرد شخص غارق بثقته بنفسه، الذي دخل إلى هيكل القمار وراح يضع نقود في آلة القمار"، وفق ما نقل عنه محلل الشؤون الاستخباراتية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، رونين برغمان.


وأضاف المسؤول نفسه أن "دولة إسرائيل بعساكرها ووكالات استخباراتها، تقف أمام آلة الحظ، رغم أنها تخسر مرة تلو الأخرى وفي أفضل الأحوال تربح نقودا ضئيلة، لكن في نهاية الأمر هي في حالة خسارة هائلة، وتستمر في تنفيذ الأمر ذاته بالضبط، وتأمل وتؤمن بأنه ستأتي اللحظة لينقلب الحظ، ويأتي الربح الكبير، لكن من خلال الإصرار على الانتصار تسمح للحياة بالمرور أمامها، ولا تنتبه أنها تخسر المال كله، ولا تدرك أن الكازينو هو الرابح دائما في النهاية".


وأشار برغمان إلى أن إسرائيل "نجحت بتحرير مخطوفة واحدة طوال 100 يوم، وباقي الثمانين مخطوفا حررتهم بصفقة، قال الوسطاء القطريون إنها كانت مطروحة قبل بدء المناورة البرية. وطوال المئة يوم ادعت المؤسسة كلها، السياسية والأمنية، أن هدف العملية العسكرية الأول هو تفكيك قدرات حماس هو الذي سيدفع ويسمح بتحقيق الهدف الثاني، تحرير المخطوفين".


وأضاف أنه "يُسأل أي مسؤول رسمي كيف يحدث أنه كلما اشتد الضغط العسكري، وجرافات الجيش الإسرائيلي تغرس مخالبها، مثلما أوضح وزير الأمن، في مسافة قصيرة عن السنوار، يشدد الأخير شروطه" لصفقة.


وأفاد برغمان بأنه في الجيش الإسرائيلي وأجهزة الاستخبارات يتحدثون بهمس، منذ 100 يوم، حول إمكانية أنه حدث في مرات عديدة ما يخشاه الجميع طوال الوقت، وأن مخطوفين قُتلوا (بقصف إسرائيلي) أو بأيدي حماس في ظروف مرتبطة مباشرة بتلك المناورة البرية التي يفترض أن تنقذهم".


وأضاف أنه بغض النظر عن ظروف مقتل رهائن، فإنه "يتهامسون الآن، لأول مرة، حول ضرورة إعادة التفكير في الموضوع كله، وأنه ربما لا يوجد احتمال حقيقي للفوز الكبير في هذه الآلة، وأن الاستمرار هو أشبه بضرب الرأس على الحائط، لكن الحديث ليس عن مال وإنما عن بشر، وقد يدفعون حياتهم ثمنا".


وتابع أنه "اتضح سريعا أن احتمال إنقاذهم بالقوة ضئيل للغاية، إثر استعدادات حماس البالغة للتعامل مع أي محاولة إنقاذ".


ولفت برغمان إلى أن "موضوع المخطوفين لم يكن في البداية على رأس سلم أفضليات القيادة. كما أنه لم يكتب كهدف من أهداف الحرب. وفقط في 16 تشرين الأول/أكتوبر، بعد ضغط جماهيري شديد وبعد أن نظمت عائلات المخطوفين نفسها، أضاف كابينيت الحرب سرا موضوع المخطوفين كهدف ثان للحرب".


وكرر برغمان أقوال محللين آخرين، بأن "هدفي الحرب لا يمكن تحقيقهما معا وهما يناقضان بعضهما. ولم يكن في جهاز الأمن أحد ليوقف هذا السباق ويقول إن هذا لن ينجح. وفي العديد من الحالات على الأقل، التوغل البري لم يحسن وضع المخطوفين، وإنما قتلهم".


وأشار إلى أن "هناك من يدعي أن بحوزة الجيش الإسرائيلي معلومات استخباراتية بنوعية عالية بشأن موت عدد غير قليل من المخطوفين، بعضهم بنيران الجيش الإسرائيلي في اليوم الأول للحرب، في إطار إجراء حنبعل الذي استخدم رسميا"، والذي يعني أنه يتعين على الجيش قتل جنوده لدى أسرهم، واستخدم هذا النظام، في 7 أكتوبر، ضد مواطنين إسرائيليين وليس جنودا.


ورأى برغمان أن "المشكلة هي أنه إذا لم تتوقف الحرب، واستمر (وزير الأمن يوآف) غالانت في قيادة العملية العسكرية التي تشمل احتلال أجزاء من قطاع غزة على الأقل، فإن لا أحد بإمكانه ضمان أنها ستنتهي بإنجاز الأهداف. وعمليا، يقول الجيش الإسرائيلي أن هذه العملية ستستمر لسنة أو اثنتين، وذلك من أن يفسر أبدا ماذا سيحدث للمخطوفين خلال هذه الفترة. فالهدفان متناقضان".


من جانبه، كرر المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن "نتنياهو يكرر العبارة الجوفاء:’سنحارب حتى الانتصار’، لكن بالنسبة له ينبع ذلك بالأساس من اعتبارات بقائه السياسي. فنتنياهو يعلم أنه بالرغم من التأييد المتزايد لدى الجمهور لصفقة تشمل تنازلات صعبة، فإن خطوة كهذه ستفكك حكومته من الداخل، لأن شركائه من اليمين المتطرف سينسحبون منها".

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023