ظاهرة المشايخ الذين لا يفهمون في السياسة إلى متى؟

وليد الهودلي

كاتب وأديب فلسطيني

بالله عليكم ارحمونا ودعوا السياسة جانبا .

 أمامنا أقوال مشايخ حققت سبق في الادلاء بدلوها بخصوص حادثة الاغتيال للقائد الشهيد اسماعيل هنيّة ولم تنتظر الموقف الرسمي للحركة أو هي حتى مستعدة لأخذه بعين الاعتبار. 

مثال على ذلك وليس حصرا ما أدلى به الشيخ الداعية وجدي غنيم باتهام اي ران وسذاجة الحركة التي تلدغ من الجحر مرّتين مرّة باغتيال الشيخ صالح العاروري  ومرّة الشيخ اسماع يل هنيّة؟! ليس عيبا يا شيخ أن تقول لا أدري في مسألة سياسية فمن قال لا أدري فقد أفتى، ليس عيبا أن تقول ردّوا الامر إلى من هم في المعركة. 

ليس عيبا أن تقول لننتظر قليلا حتى ينقشع الغبار فتصبح الرؤية أوضح. 

ليس عيبا أن تقول أن هناك ناطق رسمي وبيان سيصدر ممن هم أعلم مني في هذا الشأن، ليس عيبا أن تقول على الاقلّ هذا ليس حكم الدين وإنما هو اجتهاد شخصي فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي.. يعني مثلا الشيخ وجدي غنيم لم يسمع بالاية الكريمة ( وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلْأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِۦ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُوْلِى ٱلْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنۢبِطُونَهُۥ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُۥ لَٱتَّبَعْتُمُ ٱلشَّيْطَٰنَ إِلَّا قَلِيلًا) يا شيخ عليك أولا أن ترد الامر للذين يستنبطونه منهم يعني الذين يقفون على الامر بكل تفاصيله وأصحاب الشان والاختصاص ، لذلك قال الله تعالى:( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ) هؤلاء الذين نفروا في الجهاد وفي معمعة المعركة والميدان هم الذين يفقهون الامن والسياسة ويعرفون كيف يصلون إلى الحكم السديد وليس من يجيدون تنميق الكلام ويجيدون تصدير خطاب ديني مفعم بالايات والاحاديث ولكنه خال من فقه الجهاد ومعرفة أسراره ..

 فهل يأخذ الناس فقههم الجهادي من مصادر المقا ومة الموثوقة وبياناتها الرسمية وهي المطلعة على التفاصيل وهي المخوّلة بتقدير الموقف والقراءة السياسية الدقيقة والعميقة أم نأخذه من فضيلة الشيخ وجدي غنيم الغارق في الوعظ الديني ويشكر على ذلك ولكنه بعيد عن الفهم السياسي الصحيح .. الاية تقول لنا ارجعوه للذين هم في المعركة والقادرين على الاستنباط الصحيح خاصة اذا كان الامر أمنيا ( إذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف)، نحن يا شيخ لسنا أمام مسألة حكم ركعتي تحية المسجد أنت تتهم بالقتل وتتهم حركة بالسذاجة لها باع طويل في العمل السياسي والامني ومعمّدة بآلاف التضحيات والشهداء .

 يجب أن ندرك تماما أنه ليس كل شيخ يرتقي المنبر ويتحدث في الدين فهمان في كلّ شئون الحياة وقادر على سبر أغوار السياسة وتقدير الموقف بكل دقّة وعمق ووضوح، يطلق الموقف السياسي كما هو معتاد على اطلاق الاية والحديث بكل سلاسة ويسر .. هناك فرق شاسع بين الدين وبين فهمك للدين سيدي الشيخ، على رسلك قليلا ، لا عصمة لأحد في السياسة وقدرتك على الحديث في الدين لا تعطيك العصمة في السياسة. لا سيّدي الشيخ نرجو أن تتواضع قليلا . فلا يفتي قاعد على مجاهد، لا يفتي من يعتلي المنبر وهو معطّر بالعنبر والمسك ومن يفتي وهو معطر بغبار المعركة. 

مضطر للحديث عن تجربتي فرق شاسع بين معرفتي في السياسة والامن ما قبل حبستي 14 سنة وما بعد ذلك إذ صقلت التجربة تفكيرنا السياسي والامني كثيرا ومع ذلك أنتظر الموقف ممن هم الان في المعركة لأنهم الاقدر على الاستنباط، بحكم أنهم في داخل المطبخ السياسي والأمني وأنا بالكاد أشم رائحة ما يطبخ هناك.

 للاسف أمثال الشيخ وجدي غنيم في السياسة كثيرون وقد أصبحت ظاهرة لا تطاق، وللاسف أيضا هناك من يأخذ فيديو الشيخ ولا يلتفت إلى ما يصدر رسميا من أولي الشأن ومن يدهم في نار المعركة .

 أترك لكم في التعليق الاوّل والثاني رابط الشيخ ورابط المصدر الرسمي ولكم أن تردّوه إلى ما شئتم عملا بالاية الكريمة( لعلمه الذين يستنبطونه منهم) وأرجو في التعليقات أن لا نسيئ لأحد من المشايخ لا نريد إلا نقدا ايجابيا ونحن نشكرهم على ما يقدّمون ..

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023