أولاً : تمهيد وتوطئية :
معروفٌ عن العدو الإسرائيلي أنه يحلل ويدرس ويستخلص الدروس والعبر مما يقوم به من حروب أو مناورات أو أعمال عسكرية ؛ فيطور ذاته وأدواته بناء على ما استخلصه واستنتجه . كما أنه لا يقطع التواصل مع من يخرجون من هياكله الإدارية أو تشكيلاته العسكرية والأمنية ؛ إن بسبب بلوغ السن القانوني المتاح للخدمة ، أو لدواعي شخصية وذاتية ؛ حيث يديم التواصل معهم والسماع منهم ، ويسترشد بنصائحهم التي قد تجد طريقها إلى مكاتب صناع القرار وأصحابه ؛ فتتحول إلى قرارات وإجراءات وتوجهات . ومن الذين يديم العدو تواصله معهم ، ولا يقطع التماس مع ما لديهم من نصائح وتوصيات ؛ من خدموا في أجهزته الأمنية والعسكرية ، لمعرفة هذه الشريحة من الطاقات البشرية بحاجات الكيان المؤقت فيما يخص مواجهة التهديدات والمخاطر . وقد رأينا هذا الأمر يتكرر مراراً أثناء معركة "طوفان الأقصى " ، حيث فتح العدو قنوات اتصاله حتى مع من يخالفونه الرأي والتوجه من أمثال (نبي) الغضب الجنرال "سحق بريك " أو قادة عسكرين من وزن " عمرام لفين " أو " غيورا آيلاند " وغيرهم من أصدقائهم والحلفاء ؛ فهذا الجنرال ذو الثلاث نجوم ( فريق ) قائد المنطقة الوسطى الأمريكية " مايكل كوريلا " ( ما بغيب راسه عن المنطقة إلّا رجليه طالات ) ، أما رئيسيه الجنرال ذو الأربع نجوم ( فريق أول ) رئيس هيئة أركان الجيوش الأمريكية " تشارلز بروان " فهو ووزيره الجنرال المتقاعد "لويد اوستن " على تماس دائم مع جيش الكيان المؤقت وساسته .
ولقد كان آخر من صدرت عنه توصيات بخصوص أمن الكيان وأزماته ؛ الوزير السابق "مائير بن شبات " ، والذي شغل منصب مستشار الأمن القومي للكيان في فترة سابقة ، حيث نشر منذ فترة مقالاً نحسب أن كله أبو بعضه سيجد طريقه ليتحول إلى إجراءات تنفيذية ، الأمر الذي ستعنى هذه الورقة بتحليل ما جاء فيه من توصيات ، عبر استخدام (الهندسة) العكسية لفهم خلفيات هذه التوصيات وما انبثقت عنه ، وما يمكن أن تكون قد ارتكزت عليه من استراتيجية عمل ، أو مهمة اختصاص ، وصولاً إلى ذات التوصيات التي سنفرد لكل منها ما يمكن أن يشتق من مهام وإجراءات لتنفيذها . وحيث أن المقال والتوصيات تحدثت عن أربع ساحات عمل هي :
وحيث أن الدخول في تفصيل هذه التوصيات واحدة واحدة ، سيجعل الحديث يطول ؛ فإننا سنقتصر بالحديث عكسياً ـ لأن كاتب التوصيات ذهب إلى الإجراءات مباشرة دون الحديث عن الاستراتيجية أو المهمة أو العقيدة القتالية ـ عما هو مرتبط بالضفة الغربية فقط ، بحيث نتوقع " الاستراتيجية " المتصورة التي انبثقت عنها " المهمة " المحولة ، والتي خرجت من رحمها هذه " التوصيات " المرسلة . ثم نخلص إلى إجراءات مقترحة للتعامل مع التوصيات المرسلة .
ثانياً : الاستراتيجية المتصورة :
إن المراقب للسلوك الأمني والعسكري للعدو مع أهلنا في الضفة الغربية ، وما يصدر من توصيات أمنية من هنا وهناك ، يستطيع أن يتصور أن العدو يعمل وفقاً للإستراتيجية التالية : " تدمير الأصول البشرية والمادية لحركات المقاومة في الضفة الغربية ، ومنعها من تطوير علاقة صحية مع حاضنتها الشعبية ، عبر استهداف ـ استهداف العدو ـ البنى التحتية والخدمية ، بحيث لا يتولد تهديد ذي مصداقية على أصول العدو البشرية والمادية المنتشرة على طول وعرض الضفة الغربية ، أو مدن وقرى التماس في فلسطين التاريخية " . ولتحقيق هذه الاستراتيجية ؛ لا بد من تحويلها إلى مهمة تعبوية كلية ، وهو ما سنتطرق له في العنوان الآتي .
رابعاً : المهمة المُحولة للجهات التنفيذية :
إذا كان فهمنا للأهداف الموصى بها صحيحاً ؛ الأمر الذي مكّنا من تصور الاستراتيجية الكليةالحاكمة للإجراءات التعبوية ، فإننا نعتقد أن المهمة الكلية المحولة للمستوى التنفيذي ـ العسكري ـ سوف تكون : " البحث عن نقاط ارتكاز المقاومة الفلسطينية ومراكز ثقلها المادية البشرية والاقتصادية ، عبر تشغيل كامل القدرات الذاتية والرديفة ، بهدف تدمير أصول المقاومة ومرتكزاتها ومراكز ثقلها في الضفة الغربية ، من أجل رفع مستوى الأمن والتأمين لـ ( مغتصبات ) العدو في منطقة العمليات ، ومنع تطور أي تهديد ذي مصداقية ضد مناطق التماس ، ينذر بـ " طوفان أقصى " ثانٍ في الضفة الغربية".نعتقد أن هذا الفهم للمهمة يتساوق مع تلك الأهداف والتوصيات الأمنية .
خامساً : مرتكزات العقيدة القتالية لتنفيذ الاستراتيجية العسكرية :
وحتى ينجح العدو في تحقيق المهمة المتصورة ، عبر تنفيذ الأهداف المشتقة منها ، فإننا نعتقد أنه سوف يتبنى عقيدة قتالية ترتكز على :
سادساً : توصيات وإجراءات مضادة مقترحة :
هذا بعض ما تيسر من فهم لمراقب للموقف عن بعد ، معتقدين أن مثل هذه الأوراق يجب أن تخضع للتدقيق والتقييم ، والدراسة والتحليل . فكل يؤخذ منه ويرد عليه ، إلا صاحب ذاك القبر صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم . والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .