تقدير موقف
أولاً : أرضية الموقف والخلفيات :
شنت المقاومة الفلسطينية في غزة بقيادة كتائب الشهيد عز الدين القسام في تاريخ 07 10 2023 الساعة 0600 تقريباً ، هجوماً مفاجئاً على قوات العدو المنتشرة على الحافة الأمامية للحدود الشرقية للقطاع ، مما أسفر عن سيطرتها ـ المقاومة ـ على معظم المواقع العسكرية لفرقة غزة ، والمغتصبات المحاذية لمنطقة الحدود ، كما أسرت المقاومة والقوات التي ( اجتاحت ) الحدود ، والمواطنون المدنيون الذين دخلوا بدون تنسيق مع الوحدات العسكرية ، أسرت هذه القوات مع المدنيين ؛ ما لا يقل عن 200 أسير صهيوني ، الأمر ـ الهجوم ـ استطاع العدو امتصاص مفاجأته خلال الساعات الأولى ، محتوياً تداعياته ، بادئاً عملية جوية الهدف منها السيطرة على الموقف ومنع تفاقمه ، والتمهيد لعملية برية تجبي من المقاومة الفلسطينية وبيئتها ثمناً لما قامت به من تعرض عليه . على أثر هذه العملية ؛ بدأت المقاومة الإسلامية في لبنان " حزب الله " في 08 10 2023 هجوماً نارياً تحت عنوان إسناد المقاومة الفلسطينية ودعماً لصمودها ؛ حيث فتحت نار مدفعيتها القوسية والمباشرة على الأهداف العسكرية المعادية في منطقة مزارع شبعا ، الأمر الذي كان يندرج في حينه ضمن قواعد الاشتباك ومعالات الحرب بين "حزب الله " والعدو الصهيوني ، ثم بدأ الموقف يتطور شكلاً ونوعاً وجغرافيا ؛ الأمر الذي أدى إلى تهجير مئات آلاف المغتصبين من مغتصبات شمال فلسطين المحتلة ، وفرض عدم عودتهم إلى ( منازلهم ) ما لم تتوقف الحرب في غزة . وفي سياق هذا الاشتباك الناري ؛ نفذ العدو الصهيوني مجموعة من العمليات الأمنية ضد قادة ومسؤولين من " حزب الله " شملت كوادر معنيون مباشرة في شؤون جبهة الجنوب ، وآخرين من الصف الأول في المجلس الجهادي للحزب ، وعلى رأسهم الشهيد السعيد " فؤاد شكر / السيد محسن " المعاون الجهادي للأمين العام لـ " حزب الله " السيد حسن نصر الله في 30 07 2024 . وعلى أثر هذا الاستهداف لهذا المسؤول الجهادي الكبير ، والذي تم في قلب الضاحية الجنوبية ، معقل " حزب الله " الرئيسي ، الأمر الذي شكل كسراً لقواعد الاشتباك ، وتجاوزاً لخطوط حمر ؛ تعهد " حزب الله " بالرد على هذه العملية ، فقصف في 25 08 2024 مقر قيادة الوحدة 8200 ملحقاً فيها خسائر بشرية ومادية ، تكتم العدو عن ذكرها ، ليقوم العدو بعد هذه العملية بالرد على بعملية (البيجر) في 17 09 2024 وعملية (أجهزة اللاسلكي) في 18 09 2024 ، ثم استهداف معاون السيد حسن نصر الله لشؤون العمليات ـ ركن العمليات ـ الشهيد السعيد الحج عبد القادر ( أبو محمد ) ومجموعة من أركانه ، في تاريخ 20 09 2024 ؛ في عملية إغتيال أسفرت عن شهادة الحج عبد الله قادر ومجموعة من أركان عمله ، الأمر الذي رد عليه الحزب باستهداف موسع لقواعد ومقرات عسكرية معادية دخيلة بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات استهداف الضاحية الجنوبية واغتيال قيادات وكوادرالحزب . وعلى إثر هذه العملية الموسعة لحزب الله ؛ بدء العدو الصهيوني ظهر ـ تقريباً الساعة 1300 ـ 23 09 2024 عملية جوية موسعة ، طالت كثيراً مما في بنكه من أهداف للمقاومة منتشرة على الحافية الأمامية للقرى اللبنانية وفي عمقه ، وصولاً إلى مقرات الحزب في محافظة البقاع ؛ من غربها إلى شرقها ، حيث يعتقد العدو أن "حزب الله " يحتفظ بأصوله العسكرية الثقيلة المؤثرة في المعركة ، في هذه الجغرافيات والمواقع . الأمر الذي فتح جولة من الاشتباك بين المقاومة الإسلامية " حزب لله " والعدو الصهيوني ، ما زلنا نشهد جولاتها ، ونقلب صفحاتها . إن تقدير الموقف هذا سوف يعنى بالحديث عن أهداف كلا طرفي المعادلة ، وخيارات عملهم ، ثم تقدير مآلات الموقف وتطوراته المستقبلية .
ثانياً : أهداف العدو :
ثالثاً : قدرات العدو :
رابعاً : تخصيص القدرات :
خامساً : خيارات عمل العدو :
الخيار الأول : الاشتباك الناري عبر القصف الجوي والمدفعي بمختلف الصنوف والمديات .
الخيار الثاني : العمل البري المحدود عبر السيطرة على العوارض الحساسة جنوب الليطاني .
الخيار الثالث : العمل البري الواسع حتى شمال الليطاني للسيطرة على العوارض الحساسية وتأمين منطقة العمليات جنوب الليطاني ومستعمرات الحافة الأمامية حتى عمق 10 كلم .
الخيار الرابع : الدخول في صفقة سياسية تشمل لبنان وغزة .
سادساً : مناقشة خيارات عمل العدو :
إن خيارات عمل العدو من التداخل بمكان ، بحيث يطول الحديث عن كل خيار على حدى من حيث الجدوى والاكلاف ، أو الحسنات والسيئات ، الأمر الذي نفضل أن نناقشه على شكل حزمة ، بحيث نسرد متطلبات تنفيذ هذه الخيارات مجتمعة ؛ فإن حازها ـ المتطلبات ـ العدو ؛ قدر على تنفيذ ما يختار منها ، لذلك فمن أجل أن ينفذ العدو أي من خياراته تلك فإنه بحاجة إلى :
إن التدقيق في متطلبات منح العدو هامش عمل مناسب لتحقيق أهدافه الرئيسية من الحرب ـ تأمين شمال فلسطين ، وعودة المهجرين ، ومنع بناء قدرات للمقاومة تهدده مستقبلا ً ـيحملنا على الاعتقاد أن مساحة عمل العدو ، و حرية حركته ؛ خاصة في محور الجهد الرئيسي لهذه الحركة ، ألا وهو المحور العسكري ، ليست على أفضل حالها ، كما أنه من المشكوك فيه أن يحقق هذا المحور ـ العسكري ـ أصل هدفه من هذه الحرب .
سابعاً : أهداف المقاومة :
ثامناً : قدرات المقاومة :
تاسعاً : خيارات عمل المقاومة :
عاشراً : مناقشة خيارت عمل المقاومة :
وعلى شاكلة مناقشة خيارات عمل العدو ؛ سنناقش خيارات عمل المقاومة ، من خلال متطلبات تحقيق هذه الخيارات مجتمعة ، مما يعني تحقيقها في حال الضرورة منفردة ، وحتى تحقق المقاومة أهدافها ، عبر خيارات العمل هذه فإنها بحاجة إلى :
إن التدقيق في هذه المتطلبات الذاتية والموضوعية ، يحملنا على الاعتقاد أن " حزب الله " لديه من هامش المناورة والفعل ، مستفيداً من استثمار هذه المتطلبات ، ما يمكنه أن يديم معركة استنزاف يطول زمنها ، وترتفع أكلفها على العدو ، وصولاً إلى منعه من تحقيق أهم أهدافه من هذه الحرب ، ألا وهي تأمين شمال فلسطين ، وعودة المهجرين ، ومنع بناء قدرات للمقاومة تهدده مستقبلا ً .
حادي عشر : تقدير الموقف :
لا نعتقد ـ حتى هذه اللحظة ـ بتوفر ظروف دولية وإقليمية ومحلية ، فضلاً عن قدرات عسكرية كافية للعدو ، تمكن العدو من تطوير العملية الجوية ، بحيث يصاحبها عمل بري حقيقي ذا مصداقية ، تشارك فيه قوات الواجب المنتشرة في شمال فلسطين ، بحيث تصل قواته إلى شمال الليطاني لتسيطر على كامل المنطقة الواقعة جنوب النهر ، بهدف تأمين مستوطنات الشمال ، ومنع إعادة تشكيل تهديد ذا مصداقية عليه ـ على العدو ـ ، إلى أنه يملك قدرات يستطيع من خلالها شن عمليات اختراق محدودة بقوات خاصة ، بناء على معلومات صلبة لتحييد قدرات بشرية ومادية ذات مصداقية للمقاومة ، ومن ثم الانسحاب إلى خلف الحدود . ولكن في حال قرر العدو تطوير العملية ليصاحبها جهد بري ؛ فإننا نعتقد أنها ستكون على مرحلتين :
المرحلة الأولى : احتلال العوارض الحساسة في جنوب الليطاني للسيطرة على منطقة العمليات ، ومحاولة (تطهيرها ) من قدرات المقاومة البشرية والمادية .
المرحلة الثانية : في حال نجاحه ـ الأمر المستبعد ـ في تحقيق أهداف المرحلة الأولى ، سينتقل العدو بعد أن يثبّت نقاط احتلاله جنوب النهر ، وإعادة تنظيم قواته ، لمحاولة احتلال العوارض الحساسة شمال نهر الليطاني ، ومن ثم استكمال ( تطهير ) منطقة العمليات ، وإدامة السيطرة عليها ، ومحاولة استثمار هذه النجاحات في تحقيق أهدافه السياسية والعسكرية .
إلّا أن هذا الأمر ـتطوير المناورة الجوية لتدعم مناورة برية ـ لا نعتقد أنه بهذا السهولة ؛ حيث سيواجه العدو بقدرات المقاومة القتالية المنتشرة في البقع الدفاعية في قرى ومدن الجنوب اللبناني كافة ، حيث سيتكبد العدو خسائر غير قابلة للتحمل ، وستتعثر مناورته وتخرج عن جداولها الزمنية المقرة ، كما أن عمقه القريب والبعيد ، لن يخرج من دائرة التهديد ، حيث ستستمر صواريخ المقاومة وقذائفها ، وبمختلف المديات والأعيرة والصنوف بالسقوط على مغتصبات الحافة الأمامية لمنطقة القتال ، فضلاً عن تهديد العمق الفلسطيني بالكامل ، مضافاً له ما يمكن أن يعزز هذه التهديدات من تهديدات قادمة من ساحة العراق أو اليمن .
وعليه :
لا نعتقد أن العدو ذاهب إلى مناورة برية في المدى المنظور ـ حتى نهاية هذا الأسبوع ـ وسيحاول أن يصل إلى حلول سياسية على جبهتي غزة ولبنان ، بحيث يؤمن أفضل موقف سياسي يمكن أن يحقق من خلاله بعض أهدافه على هاتين الجبهتين .
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .