نداء من علماء المسلمين إلى أخوة الدين والدم
حضارات

بسم الله الرحمن الرحيم

في ذكرى الطوفان والمجازر


قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُول بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) الأنفال: 24

الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه... وبعد

فإن هذا نداء من طائفة من علماء المسلمين إلى أمة التوحيد الواحدة مع اكتمال سنة كاملة من المجازر الصهيونية النازية التي تقتل الأطفال والنساء والرجال وتدمر المساجد والمدارس والمستشفيات والبلديات وآبار المياه والمخابز والبنى التحتية وتحاصر الناس وتمنع عنهم الغذاء والكساء والدواء والماء والكهرباء والوقود وتمنع اصلاح ما أفسدته آلتهم التدميرية الفتاكة من خطوط الصرف الصحي حيث تنتشر الأوبئة والأم ارض الخطيرة وتمنع نقل أكوام القمامة وببقائها تستحيل معها الحياة، الموت في كل مكان، إما بالقصف والنار وإما بالتجويع والحصار ونحن طائفة من علماء الأمة تنظر إلى أمة المليار وتنقل إليها وجع المحاصرين المقهورين الخائفين في الليل والنهار ومن واجبنا الشرعي الملزم أن نبين لها ما عليها حسب ما أمر الله سبحانه وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم من خلال ما يأتي:

أولاً: لا بد أن يبقى الأقصى الأسير حاضراً في قلوبنا وأرواحنا وأن نستشعر دوماً أن الطوفان الذي انطلق من غزة هو من أجل الأقصى ومن أجل وقف العدو تدنيسه له ومنعه من تنفيذ مخططاته بهدمه وإحراقه وبناء الهيكل المزعوم فيه وإقامة الصلوات التلموذية وذبح القرابين الحيوانية، وإن الأمة جمعاء مسؤولة عنه مسؤولية جماعية وفردية ولا يجوز بحال من الأحوال التقاعس أو التخاذل أو الإهمال أو النسيان للأقصى الجريح الأسير فقد قال الله سبحانه وتعالى [فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ ليَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كما دخلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبَرُوا مَا عَلَوْا تَثْبِيرًا" سورة الاسراء 7.

ثانياً: إن نصرة إخواننا في غزة وفلسطين واجب شرعي على الحكومات والشعوب وإن خذلانهم جريمة كبيرة عند الله سبحانه لأنها تضعف المسلمين وتقوي العدو عليهم وهي شراكة مع المجرم في إجرامه وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك بصريح الحديث حيث قال " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله"، وأنه من أوجب الواجبات على جميع المسلمين المعنيين القادرين بالإسراع بفتح المعابر تجاه المحاصرين ومدهم بكل أسباب الحياة الكريمة وعدم الرضوخ للأعداء المجرمين وإن لم يفعلوا وترتب على صمتهم جوع أو حرمان أو وفاة فإن ذلك في رقابهم سيسألون عنه أمام الله وحكمهم في ذلك حكم القاتل بالترك وحكم المؤذي بالترك وعقوبته عظيمة عند الله سبحانه وتعالى.

ثالثاً: يجب على الحكومات المسلمة جميعها أن تحرك جيوشها لنصرة المظلومين في فلسطين وأن تدافع عن حقهم في الحياة الكريمة على أرضهم، وأن تمد لهم يد العون بالإمداد بالسلاح، ذلك لأن المجاهدين في فلسطين هم في حالة دفاع عن حقوقهم ويجاهدون من أجل تحرير أرض المسلمين المقدسة وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك.

رابعاً: إن استمرار التطبيع مع العدو الصهيوني النازي المجرم هو إصرار على الجريمة الكبيرة مع ما بين العلماء كثيراً عظم جرمه، وإننا ومع مرور هذه السنة العجفاء على شعبنا المظلوم في فلسطين والممارسات المتواصلة بتدنيس الأقصى والتوعد بحرقه وهدمه وإقامة الهيكل المزعوم مكانه فإن الإصرار على التطبيع قد يفضى إلى خذلان المقدسات وموالاة أعداء الله تعالى مما قد يفضي الردة عن الدين فقد قال الله سبحانه وتعالى: [لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ] سورة آل عمران 23، وقال سبحانه وتعالى[يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصْرَى أَوْلِيَاءُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّلِمِينَ" المائدة: 51. 

خامساً: يجب أن تستمر الأمة بمقاطعة الشركات الداعمة للاحتلال بجميع بضائعها دون تمييز لهذه البضائع ويجب أن توطن الأمة نفسها على العيش بدونها ولا فرق بين ما هو كمالي وما هو ضروري ذلك لأننا يجب أن نستشعر حياة المحاصرين في غزة حيث لا يجدون من ذلك شيئاً وهذا أقل الواجب في شراكتهم في معاناتهم وشراكتهم في مقاومة عدوهم، وإن كل من يبيع أو يشتري من هذه الشركات الداعمة هو آثم إثماً عظيماً ويأكل حراماً ويطعم زوجه وأبناءه الحرام علماً بأن نتائج هذه المقاطعة المباركة أثرت كثيراً على هذه الشركات في داخل الكيان الغاضب وخارجه.
​​​​​​​
سادساً: يجب أن تزيد الأمة من الدعم المالي للأهل المحاصرين الذين يمثلون رأس الحربة للأمة في الدفاع عن كرامتها ومقدساتها ولا يجوز التوقف أو التباطؤ في هذا الدعم الواجب سواء للمجاهدين أو لإغاثة المحرومين والمنكوبين فقد قال سبحانه وتعالى [وأنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ، وَأَحْسِنُوا. إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ] سورة البقرة 195، وفي هذه الآية بين ربنا سبحانه بكل وضوح أن عدم الإنفاق في سبيل الله هو إلقاء بالنفس إلى التهلكة لأنه يمكن للعدو من رقاب إخواننا والعياذ باللّه.

سابعاً: يجب أن تواصل الجماهير الغاضبة مسيراتها ومظاهراتها في جميع الميادين للضغط على الحكومات وأن تقوم بواجبها الشرعي والإغاثي والإنساني والسياسي دعماً وإسناداً للحق المسلوب في فلسطين من حفنه مارقة من البشر.

ثامناً: بالإضافة إلى البند السابق سابعاً يجب أن تقوم الأمة باعتصامات دائمة حول سفا ارت العدو في دولنا العربية والإسلامية لطرد هؤلاء الأنجاس والضغط على الحكومات لقطع العلاقات معهم وكذلك السفارة الأمريكية التي تمثل الدولة المجرمة التي تمد الكيان الصهيوني بجميع أسلحة القتل والدمار فلا نامت أعين الحارسين لها، ولا بوركت حياة الراغبين بها.

تاسعاً: إننا علماء الأمة الإسلامية ندعو أبناء أمتنا وأحرار العالم الغيورين على الإنسانية والغاضبين من الإبادة الجماعية التي يمارسها هذا العدو المجرم في غزة وفلسطين ولبنان، ندعو الجميع أن يكون السابع من أكتوبر الذي يتم سنة من الدمار وسفك الدماء والتجويع وقتل الأبرياء أن يكون "يوم اضراب عالمي عام وشامل لجميع م ارفق الحياة" في جميع دول العالم تتوقف فيه الحياة عن الحركة وتشل فيه مسيرة المجتمعات حتى يدرك العالم المتشدق بحقوق الانسان أن دعواه زائفة في ظل صمته عن جرائم الصهيونية ومحارقها النازية.

عاشراً: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أو انفِرُوا جَمِيعًا" سورة النساء 71، نحذر نحن العلماء دولنا العربية المجاورة لفلسطين المحتلة أن العدو عدو مجرم غادر طامع في أرضنا العربية والإسلامية وقد أعلن رئيسه النازي المجرم نيته الخبيثة في السيطرة على مساحات إضافية من أرض مصر والأردن وسوريا ولبنان وغيرها، وعليه فإننا نقول لقيادات وشعوب هذه الدول إن دعمكم لغزة وتعزيز صمودها وحفاظكم على القدس والأقصى وتعزيز بقاء أهلها فيها لهو صمام الأمان لباقي دولنا العربية والإسلامية وإن دعمكم لفلسطين مجاهدين ومواطنين سيكون سبباً للحفاظ على حياض وطننا وأمتنا.

وأخيراً: فإننا نترحم على شهداء فلسطين ولبنان ونبارك العملية البطولية التي قام بها الشهيد بإذن الله ماهر الجازي والشهيد محمد صلاح والشهيد حسن سكالانان، وندعو شباب أمتنا أن يقتفوا أثرهم وأن يقوموا بمثل ما قاموا به فهذا هو الطريق الأوحد لصد العدوان وتحرير الأرض والمقدسات.

وإننا على يقين بنصر الله سبحانه لأوليائه والهزيمة لأعدائه فقد قال سبحانه وتعالى ﴿ذَٰلِكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ ٱلْكَٰفِرِينَ﴾. سورة الأنفال 18، وقال ﴿ألا إنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ "سورة البقرة ."214

طائفة من علماء المسلمين 
إسطنبول

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023