مسؤول سابق في الشاباك: هذا هو أصل الفشل الذي أدى إلى طوفان السابع من أكتوبر
ترجمة حضارات

معاريف

في حديث مع "معاريف"، أشار موشيه بوزيلوف، العضو البارز السابق في الشاباك، إلى التغير في مفهوم إسرائيل للأمن، وقال إنه "نهج تبلور على مر السنين، ويركز على الاحتواء والتسوية بدلا من الحسم القاطع للعدو".

تحدث موشيه بوزيلوف، الباحث البارز في معهد مسغاف للأمن القومي والمسؤول السابق في الشاباك، مع "معاريف" وقال: إن تصور إسرائيل للأمن شهد تغيرات كبيرة على مر السنين، خاصة خلال فترة رئيس الاركان السابق جادي آيزنكوت. وفي تحديث التصور الأمني في عام 2018، أكد آيزنكوت على الدفاع والردع والحسم والدفاع متعدد الأبعاد، لكن يبدو أن جذور الفشل الذي أدى إلى أحداث 7 أكتوبر 2023 تكمن في النهج الذي تشكل على مر السنين، والذي يركز على الاحتواء والتسوية بدلا من الحسم القاطع للعدو".

وأوضح بوزيلوف: "إن مفهوم دافيد بن غوريون للأمن، الذي تشكل في سنوات تأسيس الدولة، كان يعتمد على ثلاثة مبادئ مركزية. الردع - خلق تهديد حقيقي من شأنه أن يمنع أعداء إسرائيل من بدء الحرب. تحذير - القدرة على التعرف على نوايا العدو وتحركاته في أقرب وقت ممكن. الحسم – السعي لتحقيق النصر بشكل سريع وواضح في حالة نشوب مواجهه. وكان بن غوريون يعتقد أن القوة العسكرية الإسرائيلية يجب أن تكون جاهزة للعمل في أي وقت، وليس الاعتماد على الدبلوماسية وحدها في إدارة الصراعات."

"في المقابل، ركز نهج آيزنكوت على نهج الاحتواء والتسوية، مع تكييف السياسة مع التهديدات غير الحكومية مثل حماس وحزب الله. ويركز آيزنكوت على أربعة عناصر: الدفاع - تطوير أنظمة دفاع متقدمة. الردع - استخدام القوة العسكرية لخلق الردع. الحسم - المعدلة لواقع الحرب غير المتكافئة. الدفاع متعدد الأبعاد - التكامل بين الأنظمة السيبرانية والاستخبارات والحرب الإلكترونية. وكان هذا النهج يفضل احتواء التهديدات من خلال الحلول والترتيبات الدبلوماسية، بدلا من السعي إلى الحسم الذي لا لبس فيه على العدو.

وأضاف: "في تحديث "روح الجيش"، لم تظهر قيمتا "النصر" و"الحسم" كقيمتين مستقلتين، بل تجسدتا جزئيا في قيمة "التمسك بالمهمة في ضوء الهدف والسعي لتحقيق النصر." ويشير هذا التغيير إلى تراجع التأكيد على قيم الحسم المباشر والواضح للعدو. إن إخفاقات الشاباك نتجت عن تغييرات تنظيمية ومفاهيمية ركزت على التكنولوجيا على حساب الاستخبارات البشرية (يومنت)."

"خلال فترة عمل نداف أرغمان ورونين بار، ابتعد الشاباك عن تشغيل العملاء العاملين في غزة، مما أضعف قدرته على جمع معلومات استخباراتية مهمة. بالإضافة إلى ذلك، فإن وضع قسم الأبحاث مباشرة تحت إشراف رئيس الشاباك خلق ثقافة التوافق مع التقييم الرسمي للوضع. وطالب الشاباك بالحصرية في عملية تشغيل الاستخبارات البشرية "يومينت" في غزة، لكنه تخلى تدريجياً عن عمل العملاء لصالح الاعتماد على التكنولوجيا، وتبين أن ظهور "حماس مردوعه" كان في الواقع عملية احتيال كبيرة"، أكد بوزيلوف.

وأشار إلى أن "تدريب كبار ضباط الشاباك في كلية الأمن القومي التابعة للجيش عرّفهم على المفاهيم العسكرية الجديدة، التي تغلغلت في الشاباك أيضا. وقد ساهم ذلك في اعتماد الشاباك المتزايد على الجيش وفقدانه استقلاله الفكري والوظيفي. المفهوم الذي اعتمد عليه الشاباك والجيش كان يقوم على افتراض أن حماس لن تجرؤ على الدخول في حرب شاملة بسبب الردع الإسرائيلي. ويذكرنا هذا الخطأ بالفشل الاستخباراتي قبل حرب يوم الغفران عام 1973.
إن التغيير في مفهوم الأمن الذي ركز على الاحتواء والتسوية، إلى جانب إخراج قيمة النصر والحسم من قيم الجيش، خلق بنية تحتية مفاهيمية مكنت من فشل 7 أكتوبر 2023. التعايش بين الشاباك و الجيش أدى إلى فقدان استقلال الشاباك.

"الخلاصة هي أن هناك حاجة للعودة إلى قيم الحسم والنصر العسكري الواضح، كما أكد بن غوريون، من أجل منع تكرار مثل هذا الفشل في المستقبل. مثل هذا التغيير في التصور يتطلب من جميع المصادر الأمنية أن تسعى إلى الحسم وعدم الاكتفاء بإدارة الصراع واحتواء التهديدات. وأخيرا، من المهم الحفاظ على عمل التعاون بين الأجهزة الأمنية، ولكن أيضا تشجيع المنافسة الصحية بينها من أجل تعزيز التفكير النقدي المتنوع".

ولإثبات كلامه، يشير بوزيلوف إلى مقال "بحث هندسي حول الإخفاقات في الوقاية والتنبؤ والأداء في أحداث السابع من أكتوبر 2023: الأسباب الجذرية والحلول". المقال مبني ومكتوب على أساس بحث نوي بيرو ولينوي شيلو بتوجيه من الدكتور غابرييل بينتو وأبراهام مردوخ من كلية عزراييلي للهندسة. 

وتسلط الدراسة الضوء على البنية التحتية النظامية والثقافية في المنظومة الأمنية، والتي سمحت بحدوث هذه الإخفاقات، وتوفر أساسا مهما لفحص التوجهات لاستعادة وتعزيز القدرات الأمنية لإسرائيل. وتتمثل جذور المشكلة التي أشار إليها البحث في وجود علاقة بين التخلي عن المنهج الواقعي لصالح المنهج المثالي.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023