أول ما يقرأ المسلم في بداية يومه سورة الكافرون قرار حاسم لا يقبل المهادنة ولا أنصاف الحلول ولا الاقتراب من معسكر الكفر ولو مليمتر واحد بعيدا كل البعد عن التطبيع والتهجين وقابلية الاستعمار والتبعية والاستحمار ، أبدا تبقيك هذه السورة في موقع النقيض التام للكافرين مهما كان شكلهم أو لونهم أو طريقة عرضهم لكفرهم، تنبذ كل طرقهم المعسول منها والممجوج ، ظاهر العداوة أو باطنها.
اعلان سماوي من رب العالمين أننا نختلف اختلافا مطلقا معهم في ثقافتنا وسياستنا واقتصادنا وأخلاقنا وأقوالنا وأفعالنا ..
وهذا الاعلان الرباني الذي جاء بكلّ أشكال التأكيد (لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ، ومرة ثالثة حاسمة مانعة : لكم دينكم ولي دين. هذا الاعلان جاء ما يصدقه الواقع هذه الايام بكلّ دقّة وتفصيل ، ها هو معسكر الكفر كله يأتي مع الاحتلال ليمارس الجريمة ويمدها بكل مستلزماتها، ويبسط نفوذه ليذلّنا وينهب خيراتنا من خلال حكام لم يفهموا هذه السورة ولم يسلكوا سبلها وشعوب أيضا رضيت بأن يمتطيها هؤلاء الحكام الذين رضوا أن تمطتيهم كل قوى الكفر قاطبة.
حالنا اليوم أصبح على عكس ما أرادته السورة منا. وكأن لسان حالنا يقول: هناك مساحة واسعة نلتقي بها على ما تعبدون وهناك دين ابراهيمي مشترك فلا داعي لنقول لكم دينكم ولي دين، نجتمع على دين واحد تكون فيه السيادة والريادة والسقاية والرفادة لكم ، نسلم لكم رقابنا وبترولنا وسياستنا وأسواقنا وحاضرنا ومستقبلنا وثقافتنا وكلّ شيء فينا ، ولا مانع لدينا من حصر ديننا في زاوية ضيّقة من زوايا حياتنا.
أرأيتم لم يفتتح المؤمن يومه بهذه السورة؟!
هذه السورة لتعطينا المناعة من أن يصبح حالنا : قل يا أيها الكافرون لكم دينكم وليس لنا دين ...
لو كان الدين الاسلامي حيّا في نفوس اصحابه لما استمرت حرب الابادة في غزة 450 يوما كل يوم ترتكب عدة مجازر. ..