أيّها الناس..... ما يجري في جنين ليس مباراة كرة القدم؟!

وليد الهودلي

كاتب وأديب فلسطيني

(وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ )
هذه الاية الكريمة تتوعّد الذين تفرّقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات بالعذاب العظيم، المسألة ليست عبثا سياسيّا أو مباراة غير ودّية في كرة القدم، وهل هناك أوضح من هذه الايات البيّنة: عدوّ لئيم يمارس الابادة الجماعية والمجازر اليومية في غزّة ويفتح سجونه ليمارس فيها كل أنواع التنكيل وامتهان الكرامة وهذا يقدّم بين يدي سرديته كل هذه الجرائم والتي تقوم على استئصال الفلسطيني من أرضه ومقدّساته وكل حقوقه، هذه بيّنات لا يمكن القفز عليها أبدا وهي شاهدة الان ولم يتم استدعاءها من التاريخ البعيد ، بينات واضحات شاخصة حاضرة لا يمكن الاختلاف عليها.
ثم إن عدنا للاية التي سبقتها نجد الذي ينبغي أن نتفق عليه ولا يجوز أن نختلف عليه أبدا هو أن نكون مع المعروف في مواجهة المنكر ، وهل هناك منكر أوضح وأبشع من منكر الاحتلال وما يريده الاحتلال فينا؟ 
انظروا الاية التي توضّح مساحة الاتفاق وهي التي سبقت هذا الوعيد بالعذاب العظيم إن تفرقنا واختلفنا: 
  وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ 
إذا التفرق والاحتلاف على قاعدة الامر بالمعروف الذي يثبت الناس في أوطانهم ويربط على قلوبهم والنهي عن المنكر الذي يفرّق ويشتت ويخدم الاعتلال . وهل هناك شرّ أعظم من شرّ الاعتلال وأهدافه البغيضة فينا؟
ممنوع منعا جازما الاختلاف والتفرّق بعد أن بان الخيط الابيض من الاسود بين المعروف والمنكر ، وهذه أهم أبجديات السياسة أن نميّز بين الصديق والعدو، أهل المعروف من أهل المنكر. بعد ذلك هل يعقل أن يقتتل من يجمعهم وصف الضحية لهذا المعتل المجرم؟ 
يجب أن ينتهي كلّ من يعتبر نفسه من أهل القرآن عن أية فتنة داخلية بالفعل أو الكلمة أو التحريض والتحشيد وإثارة الاحقاد والبغضاء، في شهر رمضان يقبل الناس بغالبيتهم العظمى على ختم القران ومنهم من يختم عدة مرات بحماسهم وفتحهم وأغلب مكوّناهم ، اليوم بات مطلوبا منا فقط أن نقف عند حدود هاتين الايتين: إما أن نتوحّد على برنامج المفلحين أو أن نختلف ونكون من الذين توعّدهم الله بعذاب عظيم، ولا خيار ثالث لنا. 
من يحرّض طرف على ثاني ويذكي حالة الصراع الداخلي لينظر في هاتين الايتين عندما يعود إلى بيته وليرى نفسه مع أيّ الفريقين ؟؟


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023