المحلل العسكري ليلاخ شوفا
اسرائيل اليوم
التحقيق الذي فحص شعبة العمليات في احداث 7 اكتوبر، يفيد بأن “رئيس شعبة العمليات، الجنرال شلومو بندر (الذي كان في حينه عميد)، اتخذ القرارات الصحيحة، وعمل برباطة جأش واستخدم كل الموارد الذي كانت بحوزته.
ولكن التحقيق الشامل الذي يرتكز الى الصور والتسجيلات من “القبو” يبدأ فقط في الساعة 6:29. ما حدث عشية الهجوم لم يتم فحصه بنفس مستوى التفصيل، بل فقط كجزء من تحقيق عام اجراه ضابط كبير في شعبة العمليات. وحقيقة أن هذا الضابط يشغل منصب مثل منصب بندر، تثير علامات استفهام حول موضوعية الفحص.
يجب التذكير بأن تعيين بندر كرئيس لشعبة العمليات ووجه بانتقاد كبير في الجيش وخارجه. رئيس الاركان، الجنرال هرتسي هليفي، تم اتهامه بترقية المقرب منه والمخلص له، الذي كان رئيس شعبة العمليات في صباح المذبحة. هليفي قال إن الجهود الاولية للتحقيق حول شعبة العمليات لم تمنع التعيين. ولكن حقيقة أن التحقيق بدأ فقط في الساعة السادسة والنصف صباحا يمكن أن تُجمل الصورة، وحتى الآن لم يتم اجراء أي عملية تكامل بين التحقيقين.
من التحقيقات التي اجريت حتى الآن يتبين أن الجنرال بندر لم يعرف عن خطة “سور اريحا” اذا تم اقتحام جماعي للمخربين. السيناريو الاكثر خطورة الذي تم الاستعداد له على قاعدة تقديرات الاستخبارات هو اطلاق الصواريخ والاقتحامات المركزة.
في الساعة 2:30 فجرا حصل بندر على معلومات اولية عن احداث استثنائية، من الشباك وليس من الاستخبارات في الجيش أو من قيادة المنطقة الجنوبية. ورغم أن المعلومات لم تشر الى التحذير الفوري، إلا أن بندر قام باجراء اتصالات مع مرؤوسيه ومع ضباط في سلاح الجو وسلاح البحرية.
في الساعة 4:30 صباحا قام رئيس شعبة العمليات ورئيس الاركان بتقدير للوضع، سبق تقدير الوضع المخطط له في الصباح. في اعقاب ذلك قام بندر بارسال رئيس المنطقة الجنوبية (ضابط برتبة مقدم) الى مقر وزارة الدفاع من اجل اعداد تقدير للوضع.
مع ذلك، رغم الدلائل الاستخبارية المتراكمة إلا أن بندر لم يقم باجراء تقدير شامل للوضع في نفس الليلة، الذي كان يمكن أن يسبق مشاورات قادته. في هذه المشاورات، كما هو معروف، لا أحد قدر أنه يتوقع حدوث حدث استثنائي. باللغة العسكرية لم يتم تشخيص فترة زمنية فوري للتحذير أو حدوث حدث في قطاع غزة. ولكن ربما أن تقدير للوضع اكثر شمولية ومشاورات في شعبة الاستخبارات كانت ستؤدي الى نتيجة مختلفة.
لم يكن نقص في القوات
الادعاء الرئيسي يتعلق بالوصول المتأخر لبندر الى “القبو” (غرفة العمليات تحت الارض). وحسب الخطوط الاساسية في التحقيق التي وصلت الى صحيفة “اسرائيل اليوم” فقد تم توثيقه بالكاميرات وهو يدخل الى مقر القيادة العليا فقط في الساعة 8:47 صباحا، أي بعد ساعتين تقريبا على بدء الهجوم الارهابي. تفسير ذلك في التحقيق هو أن الجنرال بندر يعيش في رمات هغولان، وبين حين وآخر هو يضطر الى التأخر من اجل اعطاء التعليمات، لأن التقاط الهواتف المحمولة اثناء النزول من الهضبة تكون مشوشة. في التحقيق جاء أن قراره في هذا السياق معقول.
حسب التحقيق فانه عند بدء الهجوم في الساعة 6:29 صباحا كانت غرفة العمليات التابعة لرئاسة الاركان في مقر وزارة الدفاع في حالة استعداد اساسية فقط. مدير القتال كان ضابط برتبة رائد، لكن في اعقاب الاحداث التي حدثت في الليل وصل الى المكان ايضا رئيس الساحة الجنوبية، ضابط برتبة مقدم، من اجل تهيئة المواد لجلسة تقدير الوضع التي سيتم عقدها في الصباح.
رغم التقارير عن النقص في القوات في فرقة غزة، إلا أن التحقيق وجد أنه عمليا كان في هذا القاطع فصيل واحد، اعلى من المستوى المطلوب. في الحقيقة يمكن الجدال حول ما اذا كان ترتيب القوات منسق، لكن على الارض لم يكن نقص في القوات. مع البدء في اطلاق الصواريخ قامت شعبة العمليات بتفعيل القوات التي كانت توجد في حالة استعداد سريع: وحدات خاصة وعدة كتائب، من بينها كتيبة جفعاتي من الشمال، وكتيبة 450 من مدرسة قادة الفصائل، وكتيبة غيفن من مدرسة التدريب 1.
التقارير أخذت في التراكم
في الساعة 6:36 جرت محادثات بمشاركة رئيس الاركان ورئيس شعبة العمليات وقائد سلاح الجو وقائد المنطقة الجنوبية. وقد تقرر فيها تفعيل الجيش بأكبر قدر ممكن. حتى الساعة 7:30 تم تفعيل جميع قوات الجيش النظامي وجزء من الاحتياط.
التحقيق الذي يرتكز على الكاميرات من “غرفة العمليات” في الوقت الحقيقي يظهر أن الشاشات عملت ولم تكن فجوة كبيرة بين صورة الوضع التي قدمتها “اوسنت” (المعلومات من مصادر علنية) وبين المعلومات التي كانت توجد في “القبو” (الادعاء بشأن شاشات غير مشغلة يتعلق بغرف عمليات اخرى للجيش).
اعلان “فرس بليشت” – امر طواريء في حالة تسلل معادي – تحرك نحو اعلى سلسلة القيادة: فرقة غزة اعلنت في الساعة 6:37 وقيادة المنطقة الجنوبية في الساعة 6:43 وغرفة العمليات في الساعة 6:48، الامر الذي يعطي قائد القاطع الصلاحية للتعامل مع التسلل، بما في ذلك اطلاق النار من الجو ومن الوحدات الخاصة.
التقرير الاول عن عملية الاقتحام وصل الى شعبة العمليات في الساعة 6.48. التقارير اخذت تزداد. في الساعة 7:10 ابلغت قيادة المنطقة الجنوبية عن ثمانية اختراقات. وفي الساعة 7:30 كانت معلومات عن 15 اختراق على طول القطاع. بعد ذلك سجلت عشرات الاختراقات، بعضها تم الابلاغ عنه وبعضها لم يتم الابلاغ عنه.
وصول بطيء الى المنطقة
بعد بضع دقائق على بدء الهجوم بدأت محادثة فيديو متواصلة بين قيادة المنطقة الجنوبية وغرفة العمليات. هناك شاهدوا افلام فيديو من مصادر اخرى. هكذا تم تجنب فجوة في صورة تقدير الوضع بين هيئة الاركان وموقع القيادة العليا. في الساعة 6:55 شخص رئيس الساحة الجنوبية تسلل من البحر وابلغ ضابط شعبة العمليات في قيادة المنطقة الجنوبية، الذي يدوره أبلغ الفرقة. في الدقائق الاولى سمع رئيس الاركان وهو يبلغ عن عملية تسلل بالتراكتورات الطائرة، بعد أن شاهد قائد الفرقة 146 في حينه، العميد اسرائيل شومر، من سكان كفار عزة، بأم عينه ذلك.
السؤال الرئيسي حول أداء شعبة العمليات يتعلق بطريقة توزيع القوات على عشرات مواقع الاحداث. في التحقيق يتبين أن فرقة غزة وقيادة المنطقة الجنوبية و”القبو” وهيئة الاركان، وجدت صعوبة في بلورة صورة وضع دقيقة عما يحدث، ضمن امور اخرى، لأن التقارير عن عمليات التسلل كانت متشابهة.
حسب التحقيق فانه حتى الساعة 7:30 استخدمت شعبة العمليات جميع القوات الموجودة لديها. هيئة الاركان، بواسطة شعبة العمليات، خصصت قوات لقيادة المنطقة الجنوبية، التي بدورها نقلتها للفرقة وفقا لسلسلة القيادة المنظمة. القيادة القطرية والفرقة كانت هي المسؤولة عن ارسال القوات الى النقاط المختلفة. في الساعة 8:00، بعد تقدير الوضع من قبل رئيس الاركان، دخل رئيس قسم العمليات الجنرال عوديد بسيو، واصدر تعليمات بشأن الانتقال الى حالة الحرب. فقد قام بازالة كل القيود الاخيرة وصادق على تجنيد الاحتياط. في الساعة 9:07 فعلت شعبة العمليات منظومة “غال” (تجنيد وطني) حتى قبل مصادقة المستوى السياسي.
عنق الزجاجة
حول السؤال المهم والضروري لماذا لم تصل القوات بشكل اسرع، التحقيق وجد أن هناك عقبات مادية للوقت، الانتظام والسفر. معظم القوات وصلت في الساعة 9:30 – 10:00. الوصول حسب التحقيق لم يكن بالسرعة المطلوبة. ولكن الجيش الاسرائيلي لم يستعد لسيناريو يتسلل فيه مئات أو آلاف المخربين في نفس الوقت من عشرات النقاط. وافترض أنه سيكون انذار يمكن من الاستعداد المناسب لترتيب القوات.
التحقيق ايضا يجيب على سؤال “أين كان الجيش؟”. الجواب بسيط: الجيش علق في سدروت. القوات التي وصلت الى الجنوب تركزت في اوفكيم وسدروت لعدة اسباب: صورة الوضع التي تأثرت، ضمن امور اخرى، فيلم سيارة تندر المسلحين في سدروت اشار الى وجود قتال في المدينة. قوات كثيرة تم ارسالها الى هناك رغم أنه في نير عوز مثلا، كان هناك عشرة اضعاف من المخربين. التقدير هو أن هناك ضرر اكبر في المدن المأهولة. اضافة الى ذلك فان سدروت كانت عنق زجاجة جغرافي عمل على تأخير تقدم القوات الى الجنوب حتى الساعة 11:00 تقريبا.
بصورة مؤلمة القوات تم ارسالها الى اماكن نجحت في “الصراخ” بشكل اقوى لطلب المساعدة. مثلا، وصلت الى نير عوز القوات فقط بعد مغادرة آخر المخربين. في حفلة “نوفا” الجيش لم يعرف ابعاد الكارثة حتى وقت متأخر. التحقيق فحص ايضا لماذا القيادة العامة لم تتدخل اكثر في تخصيص القوات، رغم الوضع الكارثي والفوضى. الجواب يكمن في بنية القيادة في الجيش الاسرائيلي – قيادة المنطقة الجنوبية قامت بعملها، فرصة غزة برئاسة العميد آفي روزنفيلد بثت السيطرة على الوضع، رغم أنها بالفعل انهارت. في هذا الوضع، حسب التحقيق، ومع الاخذ في الحسبان الحاجة الى الاستعداد لساحات اخرى (بالاساس في الشمال) لم يكن هناك أي مبرر لتدخل أكثر من هيئة الاركان. الانحراف عن قواعد القيادة والسيطرة، قيل، كان سيخلق الفوضى.
مع ذلك، كانت هناك حالات فيها هيئة الاركان العامة تدخلت حقا، لكنها فعلت ذلك بمشاركة قيادة المنطقة وليس فوقها. في بعض الحالات مثلا، كان يمكن رؤية أن رئيس شعبة العمليات، الجنرال بندر، وهو يوجه القوات والقادة الى بلدات، هو وضابط شعبة الاستخبارات التابعة لقيادة المنطقة الجنوبية.
هذا ليس ملخص رسمي
رغم النتيجة الوحشية والمؤلمة للمذبحة، إلا أن التحقيق يقول بأنه في ظروف الاستعداد القائمة وفي ظل غياب تحذير استخباري، فان سلوك “القبو” التابع لهيئة الاركان، كان جيد بالاجمال.
مع ذلك، تم تشخيص مجالات للتحسين: بلورة افضل لصورة الوضع، استنفاد قدرات كل الاجهزة (الشباك، الموساد ومنظمات اخرى كانت توجد في المكان)، وتفعيل اسرع للقوات ووجود منظومة طواريء سريعة تضم منظومات نقل وطائرات مروحية.
لكن يطرح سؤال هل منهجية التحقيق التي تم اختيارها صحيحة. الفصل بين الاحداث في تلك الليلة والاحداث في النهار تثير التساؤلات، حيث أن القرارات، أو غيابها، في الليل اثرت بشكل جوهري على ما حدث في النهار، وعلى القدرة على منع أو تقليص الكارثة. تحقيق شعبة العمليات الذي يبدأ في الساعة 6:29 لا يمكن أن يكون كامل بدون تزامن مع فحص سلوكها في الليل.
المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي قال ردا على ذلك: “الجيش الاسرائيلي يوجد حاليا في ذروة عملية التحقيق في احداث 7 اكتوبر وما سبقها. التفاصيل الموجودة في المقال لا تشكل الملخص الرسمي للتحقيق. التحقيق لم يتم استكماله بعد، وعندما سيتم استكماله سيعرض بشفافية على الجمهور”.