الباحثة الإسرائيلية ليزا روزفسكي
هآرتس
يزداد في الأيام الأخيرة الاهتمام بوقف التعاون بين إسرائيل والأونروا في أروقة الأمم المتحدة والكنيست. وغداً (الخميس)، يبدأ تنفيذ القوانين التي تمنع نشاطات الوكالة في الأراضي الإسرائيلية، وفي الضفة الغربية، وفي قطاع غزة، وتحظر أيّ علاقة بينها وبين سلطات الدولة. وباستثناء التصريحات المعادية للقوانين، ليس لدى المجتمع الدولي والدول التي تمّول الوكالة وسائل فعالة لمنع هذه الخطوة.
سيغادر الضفة الغربية والقدس الشرقية وإسرائيل في الأيام المقبلة نحو 25 موظفاً دولياً في الوكالة، بعد انتهاء تأشيراتهم. أمّا في قطاع غزة، فإسرائيل مصرة على عدم السماح لموظفي الأونروا بالدخول إلى غزة، لكن الموجودين هناك لا ينوون المغادرة، بل الاستمرار في عملهم أطول وقت ممكن. كذلك، أعلنت الأونروا أنها لا تنوي إخلاء مراكزها في القدس الشرقية، على الرغم من طلب إسرائيل الواضح، التي حظيت بتشجيع من الولايات المتحدة في الأمس.
لكن حتى في إسرائيل، لا يوجد فهم واضح بشأن كيفية تنفيذ القوانين. واتضح في نقاش جرى في لجنة المال، في الأسبوع الماضي، أن بنك إسرائيل لا يعرف ما إذا كان قانون قطع العلاقة بالأونروا يُطبّق على المصارف. هذا السؤال سيُطرح على المستشارة القانونية للحكومة، والتقدير السائد هو أن المصارف لن تنصاع لسلطات الدولة في هذا الشأن. وعلى الرغم من ذلك، واستناداً إلى الأونروا، فإن بنك ليؤمي جمّد مبلغ 2.8 مليون دولار تملكه الوكالة. أيضاً، من غير الواضح كيف ستتعامل الدولة مع رفض الأونروا إخلاء مكاتبها في القدس الشرقية، ومن المحتمل جداً أن تصل القضية إلى المحاكم. وهنا سيطرح المأزق في المرحلة الحالية السؤال التالي: هل يُسمح للمحاكم التابعة لسلطات الدولة بالبحث في مسائل لها علاقة بالأونروا، التي تمنع القوانين الجديدة أيّ علاقة بها؟
هذا الوضع العبثي يسيطر أيضاً على نواحٍ أساسية تتعلق بالتعاون بين سلطات الدولة وبين الأونروا. لقد رفضوا في الجيش الإجابة، قبل يومين من دخول القوانين حيّز التنفيذ، عن سؤال يتعلق بماهية العلاقة بالأونروا، في حال كان هناك خطر على الحياة، على سبيل المثال، الحاجة إلى إجلاء سكان، بعد عمليات للجيش الإسرائيلي في مخيمٍ للّاجئين في الضفة، أو في غزة.
يقولون في إسرائيل إن مساهمة الأونروا في الجهد الإنساني في غزة ليست كبيرة، كما تدّعي الأمم المتحدة، التي تتحدث عن توفير الأونروا الطعام لِما لا يقلّ عن نصف سكان القطاع. من جهة أُخرى، لا تنكر إسرائيل المهمة المركزية للوكالة في مجالَي الصحة والتعليم في القطاع. وتقول إسرائيل إن استبدال الأونروا بهيئات أُخرى تابعة للأمم المتحدة ليس صعباً، وأن معارضة رئاسة الأمم المتحدة تعود إلى اعتبارات سياسية، وإلى العداء لإسرائيل. في المقابل، يدّعون في الأمم المتحدة أن التفويض الخاص للأونروا، الذي يسمح لها بالاهتمام بعشرات الآلاف من أحفاد اللاجئين الفلسطينيين، لا يمكن استبداله، وبالتأكيد، ليس بقرار بيروقراطي. ومن أجل تغيير النظام العالمي واستبدال الوكالة التي تأسست في سنة 1949، المطلوب صدور قرار جديد عن الجمعية العمومية. وفي جميع الأحوال، لا يبدو أن إسرائيل، أو الأمم المتحدة، مستعدتان للتراجع عن موقفَيهما قريباً.
إن الذريعة الأساسية التي اعتمدت عليها إسرائيل من أجل المطالبة بوقف عمل الوكالة، هي أن عملها "ملوث بالإرهاب". وتدّعي الأونروا، من ناحيتها، أنه باستثناء عشرة موظفين، قدمت إسرائيل أدلة على مشاركتهم في "مذبحة" 7 أكتوبر، وأُقيلوا من الوكالة، أو قُتلوا، ليس هناك أدلة كافية على أن العشرات من العاملين الآخرين، الذين قدمت إسرائيل أسماءهم، لهم علاقة بـ"حماس". ويقولون في الأونروا إنهم يواصلون التحقيق في ادّعاءات ضد عمال آخرين.
لكن الاتهامات الموجهة إلى الأونروا لها علاقة مباشرة بالدور المركزي الذي تقوم به في إدارة المجتمع الفلسطيني، سواء أكان في الضفة، أو غزة. فالأونروا تحتل المركز الثاني في التوظيف في المناطق، وتقوم بمهمات الدولة منذ عشرات الأعوام، وتحولت إلى جزء من المجتمع الفلسطيني، كما أن عدداً من العاملين يُظهر تماهياً مع "حماس". واستناداً إلى رأي كثيرين في المجتمع الدولي، وفي الوكالة نفسها، فإن احتمالات إبعاد الأونروا بصورة كاملة عن "حماس" ممكنة، فقط مع انتقال المهمات إلى دولة فلسطينية، أو على الأقل، إلى السلطة الفلسطينية، أو إلى "الدولة التي على الطريق". وتحديداً، هذا هو الحل الذي تبذل حكومة نتنياهو كل ما في وسعها من أجل إفشاله.
من الناحية التاريخية السياسية، إن مغزى إغلاق الأونروا، بالنسبة إلى إسرائيل، هو إزالة موضوع اللاجئين الفلسطينيين، الذي أقيمت الوكالة من أجله، من جدول الأعمال. لكن هذا الموضوع لا يمكن أن يزول من دون قيام دولة فلسطينية.
من هنا، فإن إغلاق الأونروا هو نوع من "إغلاق مزيف"، ومن المتوقع أن يزيد في الفوضى في الضفة، وفي القطاع، وتحديداً، في فترة من التحركات التاريخية الدراماتيكية التي تحتاج إسرائيل خلالها إلى الهدوء والنظام مهما كانا هشَّيْن.