هل سيؤدي وقف إطلاق النار إلى التطبيع مع السعودية؟

الباحثان الإسرائيليان: إيلان زلايط ويوئيل غوزنسكي
معهد دراسات الأمن القومي

منذ بدء الحرب، ازدادت حدة نبرة السعودية حيال إسرائيل، وأصبحت الرسائل العلنية من الرياض انتقادية ولاذعة. لقد وصلت إلى الذروة في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، عندما اتّهم وليّ العهد محمد بن سلمان، والرجل القوي في المملكة، إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" ضد الفلسطينيين في غزة. ومثلُ هذه التصريحات من الزعيم الفعلي للمملكة، لم تسمعه إسرائيل من ذي قبل، وهو يتعارض مع ما سبق أن قاله وليّ العهد في الإطار الإسرائيلي قبل الحرب.

لم يشدد السعوديون نبرتهم فحسب، بل أصبحوا من أهم المدافعين عن القضية الفلسطينية بشكل لم نشهده من ذي قبل، وهم يريدون الاستفادة من المشاعر المعادية لإسرائيل في المنطقة. وإلى جانب انتقاداتهم، فإنهم يسعون للعب دور أساسي في السياق الفلسطيني، وبادروا إلى إقامة "حلف" دولي، هدفه الدفع قدماً بإقامة دولة فلسطينية. بالنسبة إلى السعوديين، إن الصورة والشكل أهم من المضمون، وهم يسعون ليكونوا أصحاب الفضل في إقامة الدولة الفلسطينية أخيراً.

منذ بداية الحرب، دعت المملكة إلى وقف إطلاق نار فوري، وعندما تحقّق ذلك، رحّبت الخارجية السعودية به، وأعربت عن أملها بأن يؤدي إلى نهاية "كل الوحشية والعدوان الإسرائيليَّين" في غزة. كذلك، دعت المملكة إلى انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، ومؤخراً، أضافت مطلباً، هو انسحاب الجيش الإسرائيلي من "كل الأراضي العربية"، في إشارة إلى الأراضي التي استولى عليها الجيش الإسرائيلي في الجنوب اللبناني، وفي الجولان السوري. وبذلك، هي تقف صفاً واحداً مع سائر الدول العربية.

المملكة العربية السعودية مهتمة بالتطبيع مع إسرائيل بصورة تؤمّن حصولها على الجزرة الأميركية التي من الصعب أن تحصل عليها من دون ذلك. لكنها منذ بداية الحرب، تربط علناً بين التطبيع، أو الاندماج، وبين إقامة دولة فلسطينية، بطريقة لم تكن موجودة قبل الحرب.

لدى النظر إلى نصف الكوب الملآن، يمكن القول إن الاحتضان السعودي للقضية الفلسطينية هو أمر إيجابي، لأنها بذلك تأخذ القضية على عاتقها، وتمنع العناصر الراديكالية من استغلالها للحصول على تأييد. كما ربط السعوديون بصورة واضحة بين وقف إطلاق النار وبين عملية التطبيع، أي أن وقف النار هو شرط ضروري، وأن بداية عملية التطبيع ممكنة.

بعد إعلان وقف إطلاق النار، قال وزير الخارجية السعودي إن للمملكة مصلحة واضحة في التطبيق الكامل لوقف النار، وأن كل الأطراف في المنطقة تتحمل المسؤولية، وذلك في رسالة واضحة إلى "حماس"، وأيضاً إلى أطراف أُخرى، تدعوها إلى عدم تخريب الاتفاق. ومن المعقول أنه سيكون من السهل على الرياض، في ظل إدارة ترامب، النزول عن الشجرة التي صعدت إليها حيال الموضوع الفلسطيني، لكن بالنسبة إليها، هناك شروط ضرورية، وفي طليعتها استكمال وقف إطلاق النار، والانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من القطاع، وبدء عملية إعادة الإعمار.

وتؤثر سياسة ترامب حيال إيران في المملكة أيضاً. إن تحسُّن الوضع الاستراتيجي للمملكة سيسمح لها بالمخاطرة في موضوعات أُخرى. وكلما كان ترامب صارماً مع إيران وقادراً على منع تقدُّم مشروعها النووي، كلما سهّل ذلك على السعوديين، وربما على إسرائيل أيضاً، من أجل إبداء مرونة كبيرة أيضاً في السياق الفلسطيني.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023