جاكي خوري
هآرتس
إسرائيل وحماس ستواصلان الوقوف امام طريق مسدود في المحادثات حول تحرير المخطوفين ووقف القتال، طالما أن الطرفين بعيدين عن الاتفاق حول مسألة “اليوم التالي” في قطاع غزة. لأنه رغم الصعوبات في المفاوضات على المرحلة الأولى في الصفقة، القرارات اضرت بالأساس بجوانب تقنية مثل شروط انسحاب القوات وإعادة الانتشار، أسماء المخطوفين الذين سيتم اطلاق سراحهم والاتفاق حول معايير اختيار السجناء الفلسطينيين الذين سيتم اطلاق سراحهم من السجن الإسرائيلي. ولكن في المرحلة الثانية يجب على الطرفين حسم مسألة السلطة في القطاع في نهاية الحرب: كل طرف له دوافع واعتبارات ستؤثر بشكل كبير على مستقبله السياسي والامساك بالسلطة.
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يعتقد، بدرجة كبيرة من الثقة، أن أي قرار يرتكز في جوهره على الانسحاب العسكري الكامل من القطاع وانهاء الحرب في هذه الاثناء، يعني حل الحكومة أو على الأقل بداية نهايتها. هذا هو السبب في أن إسرائيل، بدعم من الإدارة الامريكية، تؤيد تمديد المرحلة الأولى للصفقة. بالنسبة لها هذا الامر يضمن عدة خطوات: تحرير مخطوفين آخرين مقابل سجناء بدون الالتزام بانهاء الحرب؛ السماح بعمليات عسكرية محدودة في القطاع؛ استمرار السيطرة على معابر القطاع، بما في ذلك معبر رفح؛ إمكانية تجنب كشف خطط إسرائيل فيما يتعلق بالسلطة في القطاع في اليوم التالي.
من ناحية حماس المرحلة الأولى في الصفقة كانت ضرورية جدا. أولا، وقف النار المؤقت وفر لحماس إمكانية إعادة الاستعداد – حتى لو كان ذلك على المستوى الإداري فقط. ثانيا، عودة النازحين الى شمال القطاع الى جانب تحرير الاسرى وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل كبير خلال 42 يوم، كل ذلك ساهم في تقوية حماس. ولكن من ناحية قيادة حماس فان تمديد المرحلة الأولى على أساس مشابه – مع تحرير مخطوفين الذين هم ورقة المساومة ووسيلة الضغط الوحيدة لديها – فقط يضعف المنظمة أكثر. في حماس يدركون أنه يجب عليهم أيضا الحسم فيما يتعلق باليوم التالي لتحرير جميع المخطوفين، لذلك، ليس لديهم حتى الآن جواب واضح. في الظروف القائمة فان السيناريو الأفضل بالنسبة لحماس هو تطبيق الاتفاق حسب المراحل التي تم تحديدها مسبقا، وفيه أيضا سيتم حسم انهاء الحرب. طالما سيترسخ الجهاز العسكري والإداري لحماس في القطاع فلن يستطيع أي جسم فلسطيني أو عربي تجاهله، ومع الوقت سيتعزز نهوض المنظمة.
رغم أن مباديء هذا السيناريو مصاغة بخطوط عامة في اتفاق وقف اطلاق النار، إلا أنها غير مقبولة على إسرائيل، وبالتأكيد ليس على السلطة الفلسطينية. أيضا معظم الدول العربية، لا سيما التي اجتمعت قبل أسبوعين في السعودية التي يتوقع أن تجتمع يوم الأربعاء القادم في القاهرة، تعارض هذا السيناريو. جميع الاحاطات التي خرجت مؤخرا من القاهرة اشارت الى رغبة عربية ودولية في انهاء حكم حماس في القطاع. ولكن حتى الآن لم يتقرر هل وكيف يمكن تطبيق ذلك. في الفترة الأخيرة أيضا تسرب أن حماس رفضت اقتراح لمصر، نزع سلاحها وايداعه لدى مصر. المتحدثون بلسان حماس اوضحوا بأن أي حديث عن نزع سلاح المنظمة يجب أن يتم باتفاق فلسطيني داخلي يضمن افق سياسي واضح ومتفق عليه. وإلا فان أي نزع للسلاح يعني الاستسلام.
من ناحية هذا الموقف يوضح لإسرائيل وللسلطة الفلسطينية والدول العربية، لا سيما مصر، أن كل تسوية في القطاع يجب أن تأخذ حماس في الحسبان، وأن أي حل يقتضي الاتفاق، أو أن كل شيء سيحكم عليه بالفشل. من ناحية أخرى، موقف حماس هذا يوفر لإسرائيل ولحكومة نتنياهو ذريعة للعودة الى الهجمات الواسعة في القطاع. هذه الهجمات ستضعف حماس اكثر، لا سيما عندما يظهر أن المس بالسكان المدنيين لم يعد يكبح العمليات العسكرية.
في حماس يعرفون أنه طالما أن ترامب في البيت الأبيض، والدول العربية تناقش بلورة خطة لانهاء الحرب وإعادة اعمار القطاع بدون حسم، فان حماس توجد في حالة تضارب مصالح. في حماس يعرفون أنه على طاولة المفاوضات يدهم الأدنى، ولكن تشجعهم حقيقة أنه في القطاع وفي القرار بشأن مصير المخطوفين يدهم هي العليا.