المصدر: هآرتس
الأجواء الكئيبة التي سادت مراسم تسلُّم رئيس هيئة الأركان الجديد منصبه، والتي جرت في الكرياه في تل أبيب، تتحدث عن نفسها. ففي خضم وقف إطلاق النار، ومع وجود 59 مخطوفاً إسرائيلياً في أسر "حماس" في غزة، وفي ضوء احتمال تجدُّد القتال في القطاع، وفي ظل الهجوم الذي يشنّه المستوى السياسي على المستوى العسكري، ومحاولاته تحميله المسؤولية الحصرية عن تقصيرات 7 أكتوبر، جرى حفل ترفيع إيال زامير في الأمس إلى رتبة لواء، وتعيينه في منصب رئيس هيئة الأركان الرابع والعشرين للجيش الإسرائيلي.
"هذه ولايتي وأنا أتحمل المسؤولية، وباسم هذه المسؤولية، أنهي مهمتي"، بهذه الكلمات أنهى رئيس هيئة الأركان المنتهية ولايته هرتسي هليفي مهمته. ويؤكد كلامه الفارق الجوهري بين مَن تولى قيادة الجيش في 7 تشرين الأول/أكتوبر، ويتصرف وفق هذه المسؤولية منذ ذلك الحين، وبين مَن يترأس الحكومة، ويتهرب من تحمُّل المسؤولية. وليس من قبيل الصدفة أن يختار هليفي التشديد مجدداً على الحاجة إلى لجنة تحقيق رسمية، بينما يواصل بنيامين نتنياهو منع تشكيلها. وحسناً فعل هليفي أنه حاول استغلال الفرصة من أجل التطرق إلى هجوم أطراف في المستوى السياسي على الجيش.
إن النقاش بشأن مَن يتحمل المسؤولية مهم، ليس فقط فيما يتعلق بما جرى، بل أساساً بشأن ما هو مطروح الآن على جدول الأعمال. يتولى زامير المسؤولية عن قيادة الجيش، بينما نتنياهو مشغول بإفشال صفقة المخطوفين مع "حماس"، بهدف العودة إلى الحرب بقوة أكبر. بينما يُسمع في الخفاء كلام خطِر عن فتح أبواب الجحيم، وخصوصاً من طرف وزير الدفاع يسرائيل كاتس الذي جرى تعيينه في هذا المنصب، بهدف المسّ باستقلالية الجيش وتطهير صفوفه سياسياً.
إنها لحظة خطِرة في الحرب، وفي تاريخ النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني: لقد بدأت إسرائيل بمنع المساعدات الإنسانية، وهي تعمل على تطوير خطة لتهجير السكان (خطة الجنرالات). يجري هذا كله في وقت أعطى الرئيس الأميركي الضوء الأخضر لترحيل مليونَي غزّي، وأزال القيود التي كبحت القوة المسيانية اليهودية حتى الآن. وسيجد زامير نفسه مطالباً من المستوى السياسي بالقيام بعملية عسكرية يحوم فوقها علم أسود. ومن المهم أن نستوعب أن تجدُّد الحرب معناه التضحية بالمخطوفين الذين ما زالوا في قيد الحياة.
قال رئيس هيئة الأركان الجديد زامير في خطابه إن إسرائيل "في مواجهة تهديد وجودي دائم وجذري. لأننا محاطون بأعداء ’قساة’، يريدون تدميرنا"، وبحسب كلامه، "يتعين على الجيش العمل على التصدي لهذه التهديدات الوجودية والقاتلة، قبل حدوثها". لكن يتعين على زامير أيضاً الحفاظ على طهارة السلاح، وكبح العمليات الخطِرة في الجيش التي تزعزع قيَمه. كما يتعين عليه أن يقف في مواجهة المستوى السياسي الذي يريد الدفع قدماً بتحركات عسكرية، ستؤدي إلى التخلي عن المخطوفين من أجل مصالح سياسية داخلية، وفي طليعتها الحفاظ على الائتلاف الحاكم.