الباحث الإسرائيلي شاي هار تسفي
استعداد الرئيس ترامب لإجراء محادثات مباشرة واستثنائية مع حماس يعطي عدة استنتاجات حول أسلوب تفكيره ونهجه:
أولًا: يفضل ترامب التفاوض المباشر، إذ يؤمن بمهاراته كرجل أعمال ناجح في تحقيق أفضل صفقة بهذه الطريقة. هذه ليست مقاربة جديدة، فقد عقد لقاءً تاريخيًا مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون خلال ولايته الأولى، رغم انتقاداته اللاذعة السابقة له ووصفه بـ"رجل الصواريخ الصغير". كما أجرى مؤخرًا مكالمة هاتفية مع الرئيس بوتين، وكانت الأولى بين رئيس أمريكي وبوتين منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، بل وأبدى استعداده لعقد قمة معه.
ثانيًا: يرى ترامب أن الاتصالات المباشرة لها ميزة كبيرة، حيث يمكنه تقييم مواقف الطرف الآخر بنفسه ونقل وجهة نظره بدقة، دون الخوف من تحريف الرسائل عبر الوسطاء.
ثالثًا: ترامب مستعد لتبني حلول غير تقليدية وكسر الأعراف لتحقيق النتائج. سواء في تعاملاته مع زيلينسكي خلال اجتماع البيت الأبيض أو الآن مع حماس، رغم أن المسؤولين الأمريكيين عادةً يتجنبون لقاء منظمات مصنفة كإرهابية. وقد ظهر هذا النهج مؤخرًا في مفاوضات وقف إطلاق النار في لبنان، حيث امتنع الوسيط الأمريكي آموس هوكستين عن التواصل المباشر مع مسؤولي حزب الله.
رابعًا: كان ترامب مدركًا لمعارضة إسرائيل لهذه المحادثات، لكنه لم يلغها. يشير ذلك إلى أنه، بمجرد أن يحدد نهجًا معينًا، يظل مصممًا على تنفيذه حتى لو تعارض مع مواقف حلفائه. علاوة على ذلك، امتناع رئيس الوزراء نتنياهو عن تحويل الاجتماع إلى مواجهة علنية مع الإدارة الأمريكية يعكس اختلاف مقاربته تجاه ترامب مقارنة بفترة بايدن، رغم التقارير عن محادثة متوترة بين الوزير الإسرائيلي للشؤون الاستراتيجية رون ديرمر والمبعوث الأمريكي لشؤون الأسرى آدم بوهلر.
خامسًا: يحاول ترامب استنفاد جميع الخيارات الدبلوماسية لإتمام صفقة، إدراكًا منه أن البديل هو استئناف القتال، مما قد تكون له عواقب سلبية، أبرزها على حياة الأسرى، وأيضًا على فرص دفع عملية التطبيع مع السعودية، التي يعتبرها "الجوهرة في التاج".
سادسًا: إيران قد تكون الهدف التالي؟ أوضح ترامب بالفعل أنه يفضل الخيار الدبلوماسي لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي. كما كشف أنه أرسل رسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني، معبرًا عن رغبته في التوصل إلى اتفاق نووي جديد، وإلا فإن الولايات المتحدة ستضطر إلى اتخاذ خطوات أخرى. خلال ولايته الأولى، أبدى ترامب اهتمامًا بلقاء الرئيس الإيراني حسن روحاني على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، لكنه لم يحدث. لذا، من المحتمل أنه هذه المرة سيفضل التفاوض المباشر مع طهران.
الخلاصة: يبدو أن ترامب مصمم على استكشاف كل السبل الممكنة للوصول إلى اتفاق مع حماس يضمن إطلاق سراح جميع الأسرى. وربما تجد حماس في استعداد الإدارة الأمريكية للحوار المباشر فرصةً لتقديم تنازلات قد تفتح الباب أمام تفاهمات جديدة، لا سيما بشأن تنفيذ مراحل إضافية من الصفقة.
هذا النهج يبرز أهمية تعزيز رئيس الوزراء نتنياهو للتعاون الاستراتيجي والتنسيق الوثيق مع ترامب، مع إبقاء الخلافات داخل الغرف المغلقة، لضمان الحفاظ على المصالح الإسرائيلية في ظل التحديات والتهديدات القائمة.