حماس" لا تزال العنصر المسيطِر على غزة، ما العمل؟

 أفرايم سنا

يديعوت أحرونوت  

في الشهر السابع عشر للحرب، لا تزال "حماس" العنصر المسيطِر على غزة. والمسؤول عن ذلك هو رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي رفض بشدة معالجة "اليوم التالي"، ومستقبل إدارة غزة والسيطرة عليها بعد الحرب. يعيش اليوم في غزة أكثر من مليونَي شخص من دون مسكن، أو مصدر رزق. هذه القنبلة الموقوتة موضوعة على بوابة دولة إسرائيل، وليس لدينا الوسائل لمعالجتها.

تشكل إعادة البناء الاقتصادي والإداري لغزة، من دون تدخُّل من "حماس"، مصلحة إسرائيلية واضحة. والسيطرة العسكرية الإسرائيلية على السكان الغزّيين تشكل عبئاً سيُنهك الجيش الإسرائيلي، ويُنهك حياتنا، وسيحوّل الموارد، ويمنع الإعداد للتحديات الأمنية الأُخرى.  

إن الرؤيا الاستيطانية في غزة هي من صُنع سموتريتش وبن غفير، والرغبة في عدم إزعاجهما هي الدافع الحقيقي إلى أن الحرب في غزة ليس لها أيّ هدف استراتيجي. لقد جرى فعلاً القضاء على القدرات العسكرية لـ"حماس"، واغتيال كل عناصرها حتى آخر واحد منهم هو مهمة لا نهاية لها، عملياً.

لذلك، عندما طرح ترامب خطة "الريفييرا" في غزة، احتضنته حكومة نتنياهو بشدة. لكن الخلل الجوهري في الخطة يكمن في عدم وجود أيّ دولة عربية مستعدة لاستقبال مليونَي فلسطيني، بينما الدول غير العربية تحاول التخلص من المهاجرين المسلمين الموجودين على أراضيها، ولا مصلحة لها في زيادتهم. "الهجرة الطوعية" خلال الحرب هي بمثابة تهجير، ومَن يتورط به، سيُتّهم في النهاية بارتكاب جريمة حرب. ويبدو أن ترامب نفسه يدرك أنه لا توجد استجابة دولية وإقليمية لخطة "الريفييرا"، وبدأ بالتراجع عنها.

في ظلّ هذا الوضع اليائس، الذي ستضطر فيه إسرائيل إلى إدارة وحُكم غزة من خلال مواصلة القتال ضد "حماس"، اقترحت مصر خطة تتعلق بمستقبل غزة. المهم بالنسبة إلينا، أن لا مكان فيها لـ"حماس"، وستحلّ محلها حكومة فلسطينية من التكنوقراط التابعين للسلطة الفلسطينية.

وهنا يجب توضيح أمور ليس من السهل استيعابها، بالنسبة إلى قسم منا: لا يملك أيّ طرف، باستثناء السلطة الفلسطينية، شرعية دولية لحكم السكان الفلسطينيين، بمن فيهم سكان غزة. خلال 15 عاماً، وبصورة خاصة خلال السنوات الأخيرة، تبذل حكومات إسرائيل جهدها لإضعاف السلطة الفلسطينية ومنع حصولها على الموارد الخاصة بها، وفق الاتفاقات الموقّعة معها. مَن يدمّر السلطة الفلسطينية لا يحق له أن يشتكي من عدم قدراتها. هناك مجال كبير لإصلاح أدائها، لكن هذا يتطلب مساعدتها، وليس مساعدة "حماس"...

منذ الانتفاضة الثانية، لا يعرف الإسرائيليون كلّ الأطراف في المجتمع الفلسطيني، ولذلك، فإن أغلبيتهم لا تثق بقدرة الفلسطينيين على إدارة شؤونهم المدنية بنجاعة. الفلسطينيون الوحيدون الذين يعرفهم الرأي العام الإسرائيلي هم الملثمون، مع الأشرطة الخضراء على جباههم والكلاشينكوف في أيديهم. لكن مَن يعرف المنطقة التي نعيش فيها، ويعرف المجتمع الفلسطيني، يعلم بأن أغلبية الشركات الاقتصادية الناجحة في الشرق الأوسط أنشأها فلسطينيون موهوبون ومتعلمون، لا يحملون كلاشينكوف. يوجد في المجتمع الفلسطيني، وفي غزة، العديد من الأشخاص القادرين على إدارة الدولة بنجاح.

تتضمن الخطة المصرية، بوضوح، كيفية الانتقال التدريجي إلى السلطة الأمنية في غزة، من الأطراف الخارجية إلى أطراف محلية لا علاقة لهم بـ"حماس". كذلك، وُضع مخطط لإعادة البناء بصورة تدريجية ومنطقية. لكن الخطة تفتقر بصورة أساسية إلى تحديد واضح لهوية الدول التي ستموّل إعادة إعمار غزة، وتستفيد منها. الخطة المصرية المؤلفة من 112 صفحة ليست مثالية، لكنها عملية بما فيه الكفاية للبدء بتطبيقها.  وأهم ما فيها أنها تضع "حماس" في الخارج، وتقترح بدائل منها. ومع عدم وجود خطة إسرائيلية ودولية، تبقى الخطة المصرية هي الخيار الوحيد الموجود.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023