ايتمار آيخنر
يديعوت احرونوت
الأشهر الأولى لرئاسة ترامب تبدو كشهر عسل لحكومة إسرائيل، ولبنيامين نتنياهو بشكل شخصي. في البيت الأبيض يجلس رئيس يفهم إسرائيل ومصالح الإسرائيليين ولا يحاول فرض حلول وخطوات لا تروق لنا. وبالاجمال يبدو ان ترامب يعمل وفق منطق يتناسب وحكومة اليمين الإسرائيلية. بل انه يسير بعيدا الى اكثر من هذا حين يقترح طرد سكان غزة وبناء ريفييرا هناك. حلول حتى اليمين الإسرائيلي لم يتجرأ على طرحها. غير أنه من الجهة الأخرى، نحن نرى أيضا بان الامل في شريك في البيت الأبيض خاب، وبمعنى ما بدلا من شريك يوجد لنا رب بيت او ملك.
لقد لاقى نتنياهو في الغرفة البيضوية انسانا يأخذ القرارات الاستراتيجية نيابة عنه. من خلال مبعوثه ستيف ويتكوف بدأ يعمل حتى قبل ان يدخل الى البيت الأبيض وفرض المرحلة الأولى من اتفاق المخطوفين الذي لم يرغب فيه نتنياهو. يدور الحديث عن ذاك الاتفاق الذي كان ممكنا عقده قبل نحو سنة، والان فرض عليه.
عودة الى اتفاق 2022
هذه هي الولايات المتحدة إياها التي الان في واقع الامر تفرض تنفيذ مرحلة التباحث مع لبنان على الحدود، الامر الذي لم يرغب فيه نتنياهو بالتأكيد. عندما وقع لبيد على اتفاق المياه الاقتصادية مع لبنان، وصفه نتنياهو كاتفاق خيانة واستسلام بل ووعد حتى بالغائه. نتنياهو سبق أن استسلم للرئيس بايدن عندما وافق على اتفاق وقف النار مع حزب الله. كان هذا استسلاما لبايدن تحول الى استسلام لترامب. عمليا، سينفذ نتنياهو بالضبط اتفاق لبيد.
بالتوازي تكتشف حكومة إسرائيل أيضا بانه تجري مفاوضات مباشرة بين الولايات المتحدة وحماس. ومع أن هذه المفاوضات لم تنجح والولايات المتحدة أعلنت منذ الان بانها لن تتكرر، لكن من جهة أخرى واضح ان هذا تم انطلاقا من موقع قوة ودون أن يتشاوروا او يسألوا حكومة إسرائيل. لو نجحت هذه المفاوضات، وكانت حماس أكثر ذكاءً وفهمت بان من الأفضل لها ان تبحث مباشرة مع ترامب – لكنا سنرى كيف ستفرض كل الخطوات المستقبلية علينا من قبل الأمريكيين، دون أي تفكر إسرائيلي. لحظنا، طرحت حماس مطالب مبالغا فيها لتحرير مئات المخربين مقابل عيدان الكسندر، مطالب حتى الأمريكيين فهموا انها مبالغ فيها. في كل ما يتعلق بالمخطوفين، النهج الأمريكي هو بالتأكيد بشرى طيبة. ترامب ومبعوثه ويتكوف يريدان أن يريا استمرارا لوقف النار وتحرير مخطوفين. بخلاف بايدن لا يمكن لنتنياهو ان يقول لهما لا، وويتكوف يعرف هذا.
في هذه الاثناء، بالنسبة للمفاوضات الإسرائيلية مع حماس بوساطة قطر ومصر، في القدس يقدرون بان الاحتمالات بان تقبل حماس منحى ويتكوف بتحرير عشرة مخطوفين احياء ووقف نار لستين يوما متدنية. وعليه، فقد اقترحوا في إسرائيل تمديد المرحلة الأولى بنبضات تحرير اصغر. امس جاء ويتكوف الى الدوحة واليوم سينضم الى المحادثات.
فضلا عن الاملاءات في المفاوضات، فان إسرائيل تطيع أيضا املاءات أمريكية بالنسبة لاعلانات في الولايات المتحدة، والدليل – التصويت في صالح روسيا وضد أوكرانيا.
ينبغي أن نقول بصدق: إسرائيل خاضعة تماما للاجندة الامريكية. نحن نكشف لمفاجأتنا بان ترامب لا يكتفي بان يكون رئيس الولايات المتحدة. فهو يريد أن يكون أيضا رئيس وزراء إسرائيل.
في هذه الاثناء، هذا ينجح له على نحو لا بأس به. حكومة إسرائيل تقبل باستسلام كل مطالبه. لن يحصل لنتنياهو ما حصل لزلنسكي طالما كان يطيع ترامب. في اللحظة التي يتوقف فيها عن اطاعته من شأن هذا ان يتغير – ونتنياهو يعرف هذا. وعليه فان إسرائيل سكتت حين انكشفت مفاوضات المبعوث بولر مع حماس. وعليه، سكتت إسرائيل أيضا حين ضحك بولر في المقابلات على ديرمر وتحدث عن فنجان القهوة مع زعماء حماس دون أن يفهم ما الذي يفعله.
وعودة الى الاتفاق مع لبنان: في المحادثات في الناقورة بمشاركة ممثلي الجيش الإسرائيلي، الولايات المتحدة، فرنسا ولبنان – اتفق على إقامة مجموعات عمل هدفها استقرار المنطقة. ستركز المجموعات على المواضيع التالية: خمس النقاط التي تسيطر عليها إسرائيل في جنوب لبنان. مباحثات في موضوع الخط الأزرق والنقاط التي بقيت موضع خلاف (بالاجمال 13 نقطة). وموضوع المعتقلين اللبنانيين المحتجزين لدى إسرائيل.
بشكل استثنائي، إسرائيل، بتنسيق مع الولايات المتحدة، وكبادرة حسن نية للرئيس اللبناني الجديد جوزيف عون وافقت على تحرير خمسة معتقلين لبنانيين بينهم أيضا رجل حزب الله واحد. المعتقلون نقلوا امس الى لبنان وإسرائيل أوضحت بانه اذا انتشر الجيش اللبناني في الجنوب – ستبدأ إسرائيل بالانسحاب من المواقع التي تسيطر فيها.
الاحتمال بجائزة نوبل
وافقت إسرائيل أيضا على الدخول في حديث مع نقاط الحدود موضع الخلاف مع لبنان منذ قبل سنتين، بناء على طلب المبعوث السابق عاموس هوكشتاين. الحرب منعت تنفيذ التوافق، لكنه سلم للإدارة الامريكية منذ زمن بعيد.
البادرة الطيبة للرئيس اللبناني لم تأتي من فراغ. يدور الحديث عن رئيس انتخب رغم أنف المحور الشيعي ويتخذ خطوات من خلف الكواليس ضد حزب الله، ولهذا السبب فان إسرائيل تريد أن تعزز المحور المعتدل في لبنان، وهي تتخذ هنا خطوات حقيقية.
نشير الى ان اتفاقا إسرائيليا لبنانيا هو مصلحة أمريكية. كما أن هذه مصلحة اللاعب القوي في المنطقة، الوحيد الذي يشكل حقا شريكا لترامب – السعودية. السعوديون يريدون تعزيز مكانتهم الإقليمية على حساب ايران الآخذة بالضعف وترامب من جهته يتطلع بكل آماله لان يصل الى اتفاق بين السعودية وإسرائيل. سواء كي يحصل على جائزة نوبل أو كي يملأ جيوب عائلته وجيوب أصدقائه المالتي مليارديريين. وهو لن يتردد في أن يدفع للسعوديين “بعملة إسرائيلية”، بما في ذلك حيال السلطة الفلسطينية، وذلك دون أن يتجرأ نتنياهو وحكومته على الاعراب عن أي اعتراض، خوفا من أن يصبحوا الصيغة الشرق أوسطية لفولوديمير زلنسكي.