نتنياهو وانقلابه النظامي: سنجبر الإسرائيليين على بيع الخضراوات قبل إملاءات ترامب

 ألوف بن

هآرتس


وقف إطلاق النار في غزة وإمكانية فرض إدارة ترامب على إسرائيل هدنة مع حماس، تشطب من جدول الأعمال استئناف الحرب وإعادة نظام نتنياهو للدفع قدماً بالانقلاب الداخلي. إن تأسيس ديكتاتورية دينية على أنقاض ديمقراطية إسرائيلية نازفة، كان وما زال جهد الحكومة الأساسي، وهي تتوجه إليه مجدداً بنفس الحماسة والتصميم كما في الأيام الأولى وأمام قدر أقل من الاحتجاج والمعارضة.

إذا ما نجحوا، كيف ستبدو الدولة اليهودية الديكتاتورية تحت حكم نتنياهو ولفين؟ ورغم أن الوزير نير بركات يسمي رئيس الحكومة “الزعيم الأعلى”، يصعب تخيل إسرائيل مثل كوريا الشمالية أو إيران، ومن يعارضون النظام يزجون في “سديه تيمان” بدلاً من الأسرى الفلسطينيين. ربما تكون مجرد أمنية. مع ذلك، يبدو أن النظام البيبي سيفضل الاعتماد على الخضوع المدني والمطالبة بالإخلاص الأيديولوجي وليس على العنف المكشوف.

فاتسلاف هابل، الكاتب المسرحي الذي حارب ضد النظام الشيوعي في تشيكوسلوفاكيا وانتخب رئيساً أول لها عندما أصبحت دولة ديمقراطية، وصف في مقال سري له في العام 1978 “قوة عديمي القوة”. ووصف كيف يعمل جهاز القمع. كان البطل بائع خضراوات، علق في دكانه، بين البصل والجزر، لافتة عليها شعار الماركسية، “يا عمال العالم، اتحدوا”.

هل بائع الخضراوات متحمس من الوحدة بين عمال العالم؟ لا، كتب هابل، هو تسلم اللافتة من المسؤولين عنه وعلقها ليظهر الامتثال ويتجنب المشاكل. “لو تسلم بائع الخضراوات تعليمات بعرض شعار “أنا خائف، لذلك أمتثل بدون طرح أسئلة”، لاهتم بدلالات هذا الشعار رغم أنه يعكس الحقيقة. بائع الخضراوات كان سيخجل من وضع إعلان قاطع لإهانته على نافذة محله”، كتب هابل، ويذهب التفكير بعيداً ليصل إلى شخصيات حالية مثل بركات أو الرئيس إسحق هرتسوغ، رموز الخضوع للبيبية.

لكن النظام لم يرغب في إهانة بائع الخضراوات، بل يريد إخضاعه فقط. لذلك، غلف الإهانة بغلاف أيديولوجي. “الأيديولوجيا، قال هابل، هي طريق مضللة للنظر إلى العالم. تمنح الناس وهم الهوية والكرامة والأخلاق، في حين تسهل عليهم الانفصال عنها: هي تعويذة يمكن للناس إخفاء وجودهم الهابط خلفها واستخفافهم وتكيفهم مع الوضع القائم. ذريعة يمكن لأي شخص استخدامها، بدءاً من بائع الخضراوات الذي يخفي خوفه من فقدان عمله خلف مصلحة مفترضة في توحيد عمال العالم، إلى المسؤول الأعلى الذي يريد البقاء في السلطة”.

كليشيهات القومية اليهودية المتطرفة في إسرائيل، بدءاً من “معاً سننتصر” وحتى آيات مطاردة العدو التي أطلقها رئيس الأركان الجديد إيال زمير، تعمل بالضبط مثل لافتة بائع الخضراوات من براغ. فهي تستهدف تحديد الذين لا يخضعون لأوامر السلطة، ويتجرأون على التشكيك أو المعارضة، تحديداً رئيس “الشاباك” رونين بار، والحاصل على جائزة الأوسكار يوفال أبراهام، والمستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف ميارا، والممثل الارتجالي نضال بدارنة.

جميعهم يزعجون السيطرة البيبية، مثل الجزر المستقلة التي بقيت في المسرح والسينما والأكاديميا ووسائل الإعلام.

 وكلما تقدم انقلاب نتنياهو سيقف المزيد من الإسرائيليين أمام الاختيار بين إما تعليق اللافتة أو رفض المخاطرة بالإقالة والمقاطعة لليهود والتحقيق والاعتقال للعرب.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023