بعد سلسلة من الغارات الجوية الكثيفة التي شنّها الجيش الإسرائيلي على شمال ووسط قطاع غزة، اجتمع المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) لمناقشة ثلاثة سيناريوهات رئيسية لاستمرار العمليات: الاحتلال الكامل، صفقة تبادل أسرى، أو فرض حصار شامل على القطاع – علماً أن الخيار الثالث يواجه معارضة شديدة من المستشارة القضائية للحكومة غالي بهراف-ميارا، ومن المدعية العسكرية العامة ييفات تومر-يروشالمي.
تطورات ميدانية ومناقشات حساسة:
بعد أن أصدر الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي باللغة العربية عدة بيانات تدعو سكان غزة إلى الإخلاء، بدأت العمليات العسكرية، حيث شنت القوات الجوية الإسرائيلية ضربات قوية على مناطق وسط وشمال القطاع، وأفادت مصادر فلسطينية بوقوع عشرات القتلى والجرحى.
وجاء ذلك على خلفية جلسة خاصة للمجلس الوزاري المصغر عُقدت أمس في مقر القيادة الجنوبية للجيش، والتي استُكملت مساء اليوم. في افتتاح الجلسة، قدّم رئيس الأركان الجديد الفريق إيال زمير صورة الوضع قائلاً:
"نحن نسيطر حالياً على حوالي 75% من أراضي قطاع غزة. هناك حاجة حقيقية لاتخاذ قرار واضح بشأن الاتجاه المقبل."
السيناريوهات الثلاثة التي قدّمها الجيش:
1. الاحتلال الكامل لقطاع غزة، بما يشمل إعادة فرض الإدارة العسكرية الإسرائيلية. هذا الخيار طُرح مع الإشارة إلى الثمن الباهظ المترتب عليه: عدد كبير من القتلى بين الجنود والأسرى، بالإضافة إلى تكاليف سياسية وأمنية عالية.
2. إبرام صفقة شاملة لإطلاق سراح الأسرى والمخطوفين – وهو الخيار الذي عبّر الجيش عن دعمه الواسع له في المناقشات.
3. فرض حصار شامل ومُحكم على قطاع غزة حتى تحقيق الاستسلام الكامل – وهو السيناريو الذي كُشف عنه لأول مرة في هذا التقرير. وقد أثار معارضة شديدة من المستشارة القضائية للحكومة غالي بهراف-ميارا، وكذلك من المدعية العسكرية العامة ييفات تومر-يروشالمي،
"الحصار الشامل الذي يمنع دخول المواد الأساسية بشكل منهجي يمكن أن يُعتبر انتهاكاً للقانون الدولي، خاصة إذا أضر بالسكان المدنيين."
توتر سياسي: مواجهة بين بن غفير ورئيس الأركان
في لحظة حساسة خلال الجلسة، تصاعد التوتر بعد أن قال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير لرئيس الأركان:
"مهمة الجيش هي الاندفاع إلى الأمام بكل قوة."
ورد عليه الفريق إيال زمير بغضب واضح قائلاً:
"مع كل الاحترام، هذا بالضبط ما نقوم به منذ البداية."
مما استدعى تدخل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتهدئة النقاش واحتواء الخلاف.
مقترحات إضافية طُرحت على طاولة الكابينت:
1. فتح نقاط توزيع إضافية للمساعدات الإنسانية داخل القطاع:
خلال المناقشة، طُرحت تساؤلات بشأن لماذا لم يبلغ الجيش القيادة السياسية بأن المساعدات الإنسانية تصل فعلياً إلى حماس.
وكان رئيس الوزراء ووزير الدفاع قد طلبا توضيحاً خلال 48 ساعة، لكن الجيش لم يقدم أي تقرير.
وفي المقابل، أعلن الجيش اليوم أنه قام بتغيير الإجراءات وتعزيز وسائل الحماية الأمنية حول مناطق توزيع المساعدات.
2. اقتراح إنشاء بنية تحتية مدنية في منطقة رفح:
الخطة تشمل نقل السكان المدنيين من القطاع بشكل منظم إلى مناطق يتم فيها تسجيل أسمائهم مع فصل واضح بين المدنيين والمسلحين.
لكن الطرح قوبل بتحفظات كبيرة، حيث أشار الجيش إلى أن تنفيذ هذه الخطة يتطلب أشهر طويلة وتكاليف مالية عالية، مما سيؤخر بشكل كبير إمكانية التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى.
الخلاصة:
انتهى اجتماع الكابينت مساء أمس دون اتخاذ أي قرار حاسم، وتم استئنافه مساء اليوم لمزيد من المناقشات وسط انقسامات حادة بين المسؤولين السياسيين، والقيادة العسكرية