يديعوت أحرونوت
ترجمة حضارات
بقلم آفي شيلون
لـ “الأحمق” نتنياهو: الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس جائزة لحماس.. بل لإسرائيل
بعد الصدمة والحزن الأولي على ما جرى في 7 أكتوبر، كنتُ أكثر تفاؤلاً بالمستقبل مقارنة بآخرين. رأيت الجمال في الإسرائيليين الذين يتوحّدون وقت الضيق، ويتطوعون، ويُبدون استعداداً للتضحية بأنفسهم في حرب بدت وكأنها أعدل الحروب. تلقّينا دعماً من العالم المتنوّر، واتّحد الشعب اليهودي بمختلف أطيافه في كل أنحاء العالم. قدّرتُ أن إسرائيل ستخوض حرباً لعدة أشهر، وفي نهايتها سيهزم الجيش الإسرائيلي حماس بحيث لا يعود لها أي تهديد ذي مغزى. وبالتوازي، تمنّيت أن يتخلّى الفلسطينيون عن وحشية حماس، وأن يعلنوا بعد الحرب أنهم يريدون المصالحة بدولة منزوعة السلاح، بلا جيش ولا حماس، وعندها تستغل (إسرائيل) هذه الفرصة لعرض المفاوضات بعد هزيمة غزة.
معظم من حولي آنذاك كانوا يعيشون مأساة 7 أكتوبر، مشتّتين وغارقين في الحزن. وها هو الآن، بعد سنتين وبفارق زمني واضح، يتجلّى فصل مهم من توقّعي المتفائل أمام أعيننا: حماس ضُربت ضربة قاصمة وأعلنت نيتها التنازل عن الحكم في غزة. رئيس السلطة الفلسطينية، أبو مازن، خطب أمام العالم أجمع وتعهد ألا تكون حماس شريكاً في الحكم، وأن تكون فلسطين بلا جيش، تعيش إلى جانب (إسرائيل) بسلام، وشجب أحداث 7 أكتوبر، وطالب بإعادة المخطوفين. كما أن أغلبية دول العالم التي اعترفت بالدولة الفلسطينية اشترطت على السلطة الفلسطينية إجراء إصلاحات، بما في ذلك إصلاح جهاز التعليم، وأكدت أن الدولة لن تقوم دون الاستجابة للمطالب الأمنية (لإسرائيل.) عملياً، ما جرى في الأسبوع الأخير على الساحة الدبلوماسية يُعَدّ نصراً مطلقاً. توقعتُ أن يحدث ذلك، لأن التاريخ أثبت مراراً أن المصالحة تأتي بعد أن يتعرض الطرفان لضربات قاسية. هكذا مثلاً، شقّت حرب يوم الغفران الطريق للسلام مع مصر.
الأسبوع الماضي أيضاً كان يمكن أن يشكّل اختراقاً حقيقياً للطريق، لكن ذلك يتطلب قيادة شجاعة من الطرفين، كما كان الحال مع بيغن والسادات. للأسف، القيادة الإسرائيلية بكل أطيافها – وليس نتنياهو وحده – ترفض الاعتراف بحقيقة اللحظة، وتتعامل مع خطاب أبو مازن باعتباره مجرد موقف افتتاحي للمفاوضات. الغريب أن التوجّه السائد هو الادعاء الصبياني بأن رؤية الدولتين من دون حماس هي في الواقع "جائزة لحماس". لماذا؟ حماس أُقصيت عن الحكم، والرئيس الفلسطيني يندد بها علناً، والخطة المطروحة تنص على أن يُقام في غزة حكم فلسطيني مدعوم من الدول العربية ملتزم بجمع السلاح المتبقي لدى حماس. لماذا يُعدّ مثل هذا الاقتراح جائزة لا عقاباً لحماس؟ لا يوجد جواب مقنع. حتى ترامب وجد صعوبة في تفسير ذلك، واكتفى بالقول إننا نريد المخطوفين. هذا صحيح، فقبل أي مفاوضات، يجب إعادة المخطوفين، لكن ذلك لا يتناقض مع خطة المصالحة.
لكن كي نستعيد المخطوفين، يجب أن نُنهي الحرب. وإذا كان نتنياهو غير مستعد لإنهائها حتى تتم تصفية كل فرد لا يزال يختبئ في غزة، فهذا يعني أن الحرب لن تنتهي أبداً، وهذا أمر غبي ومحزن، لأن علم حماس الأبيض مرفوع الآن. وببساطة، يجب تحريك المسيرة السياسية لتُستبدل الحرب. كما أن إسرائيل تتناسى أن من المهم منع وضع يبحث فيه الجيل القادم في غزة عن الثأر لما فعلناه هناك، ثم نرد نحن، ثم يردون هم، وهكذا دواليك – لمجرد الإصرار على البقاء 500 متر إضافية في القطاع.
7 أكتوبر لم يكن مجرد كارثة، بل كان أيضاً فرصة. وللأسف، انتصرنا في الحرب، لكننا نخسر الفرصة لإحداث تغيير حقيقي في وجه الشرق الأوسط.