البيان الذي صاغته حركة حماس وأعلنت فيه موافقتها على خطة ترامب جاء بصياغة حمساوية خالصة، من داخل مؤسساتها ودوائرها القيادية، دون أي تدخل مباشر من أي قوة خارجية. صحيح أن الحركة أجرت مشاورات واسعة، شملت عدداً من الفصائل الفلسطينية، واطلعت النخب والكتاب والشخصيات الوطنية والمؤثرة، كما استمعت إلى آراء أصدقائها من بعض الدول، إلا أن لحظة اتخاذ القرار كانت شديدة السرية، اتسمت بالاستقلالية الكاملة، وبُنيت على موازنات دقيقة وأفكار مدروسة.
الأولوية التي وضعتها حماس واضحة لا لبس فيها: وقف الإبادة بحق الشعب الفلسطيني. هذه كانت نقطة الانطلاق والغاية الأساسية، ومن أجلها أبدت الحركة استعدادها لتقديم كل ما يمكن، إيماناً منها بأن حياة شعبها ووقف نزيف الدم فوق أي اعتبار آخر.
ولمن لا يعرف، فإن حماس ليست تنظيماً عفوياً أو عاطفياً، بل حركة مؤسسات راسخة: سياسية، عسكرية، وأمنية، تضم كوادر وعقولاً كبيرة قادرة على التفكير الاستراتيجي واتخاذ القرار المسؤول. هي حركة تحمل في داخلها التوازن بين الثورية والواقعية، بين المبدئية والبراغماتية، ما يمنحها قدرة فريدة على التجانس مع محيطها والتكيف مع تعقيدات الميدان والسياسة.
إن العقل الحمساوي والجسد الحمساوي معاً يملكان القدرة على الذهاب بعيداً في خدمة الشعب الفلسطيني وقضيته، من دون إفراط يضيع الإنجازات، ولا تفريط يبدد الحقوق. وهنا تكمن قوة الحركة: ثورية في الجوهر، واقعية في الممارسة، مرنة في التكتيك، صلبة في الهدف.