القناة 12
توقّف القتال في غزة، وبدأ الصراع بين الوسطاء على مستقبل القطاع
سفير ليبكين
بعد أن توقفت النار في غزة وبدأت محاولات إزالة الأنقاض، اندلع صراع جديد بين ثلاث : القوى الوسيطة الرئيسية: قطر، مصر، وتركيا، وكل واحدة تسعى لتثبيت نفوذها في مرحلة "اليوم التالي" من خلال مشاريع إنسانية ولوجستية كبرى.
لكن اللافت أن هذه الدول الثلاث التزمت الصمت تجاه خروقات اتفاق وقف إطلاق النار التي وقعت أمس.
تركيا: عودة عبر منظمة IHH وتعيين منسق خاص
تركيا عادت إلى المشهد من خلال منظمة IHH، التي تصفها إسرائيل بـ"منظمة إرهابية إسلامية تحت غطاء العمل الخيري"، والتي سبق أن قادت أسطول مرمرة عام 2010.
المنظمة بدأت العمل في القطاع في إزالة الأنقاض وتقديم المساعدات، ويُشتبه بأنها قد تستخدم هذا النشاط كغطاء لتمويل أو تسليح عناصر من حماس.
وزارة الخارجية التركية عيّنت محمد رولو أوغلو – الرئيس السابق لهيئة الكوارث والطوارئ (AFAD) – منسقًا للمساعدات إلى غزة، وقد وصل إلى المنطقة لتنسيق عمليات توزيع المساعدات، إجلاء الجرحى، وإقامة ملاجئ مؤقتة بالتعاون مع الأمم المتحدة ومصر والأردن.
وقال مصدر تركي لوكالة رويترز:
> "تركيا تسخر كل مواردها لإيصال المساعدات بسرعة إلى غزة، لإقامة ملاجئ مؤقتة وإعادة الإعمار."
مصر: تسوية الأرض وإسكان آلاف النازحين
اللجنة المصرية لإعمار غزة بدأت العمل في شمال القطاع لتسوية الأرض وبناء مجمعات سكنية مؤقتة لعشرات آلاف الأسر.
وقال المتحدث باسم اللجنة، محمد منصور، لقناة "العربية" السعودية:
> "حتى الآن أُنشئت 13 موقعًا رئيسيًا مزودة بخيام ومرافق أساسية، وتم إسكان أكثر من 10,000 أسرة."
كما توزع اللجنة المياه، وتحفر الآبار، وتعيد تشغيل المخابز والمستشفيات.
أُعيد تأهيل أكثر من 20 مخبزًا بطاقة إنتاج تبلغ نحو 20 ألف رغيف خبز يوميًا، إضافة إلى تجهيز ستة مراكز طبية.
قطر: جسر بري ضخم للمساعدات
أعلنت قطر يوم الخميس عن إنشاء جسر بري إنساني بين الدوحة والعريش لتوريد المساعدات المباشرة إلى غزة، تشمل الغذاء والماء والمواد التعليمية.
كما أعلنت وزيرة التعاون الدولي القطرية عن إرسال 86 ألف خيمة إلى غزة، والمشاركة في إزالة الأنقاض وفتح طرق جديدة لتسريع نقل الإمدادات.
دوافع كل وسيط
تركيا: تسعى للعودة إلى مركز التأثير الإقليمي عبر منظمات إسلامية قريبة منها، لبسط "قوة ناعمة" في غزة، وتستخدم ذلك كورقة ضغط في علاقاتها مع العالم العربي.
مصر: تريد الحفاظ على موقعها كوسيط رئيسي و"حارس البوابة الجنوبية" لغزة، وتخشى من تمدد نفوذ حماس وتركيا وقطر قرب حدودها، لذا تقدم نفسها كقوة مسؤولة عن الاستقرار وإعادة الإعمار.
قطر: تموّل مشاريع إعادة الإعمار كأداة لتوسيع نفوذها السياسي والدبلوماسي، وتحاول تحسين صورتها الدولية كوسيط موثوق، مع منافسة مصر على زعامة ملف "اليوم التالي لغزة".
خلاصة:
القطاع ما زال يئن تحت الدمار، لكن معركة النفوذ بدأت فعليًا بين الوسطاء الثلاثة، وكل طرف يحاول فرض حضوره الميداني والسياسي استعدادًا لمرحلة ما بعد الحرب، بينما تستمر الانتهاكات لوقف إطلاق النار دون رد من أي منهم.