تقليص قوات الحماية في مستوطنات الضفة الغربية تحليل الموقف والتقدير

عبدالله أمين

خبير عسكري وأمني


تحليل الموقف والتقدير

أولاً: الموقف:

إعلان العدو الإسرائيلي أنه في صدد تقليص قوات الحماية الموجودة في مستوطنات الضفة الغربية المحتلة، على نحو ملموس، بعد أن كان عزز هذه القوات بشكل كبير بعد السابع من أكتوبر 2023، حيث وصل استعداد انتشاره في منطقة العمليات إلى ما يزيد عن 22 كتيبة قتالية. كما يجري الحديث حول نية العدو إلقاء مسؤولية الحماية على المستوطنات نفسها. مشيرة مصادر المعلوماتالمفتوحة إلى أن القرار النهائي في هذا السياق لم يُتخذ بعد.

يأتي تحليل الموقف هذا لرصد الإجراء التعبوي المشار له، وفهم ما يترتب عليه، وينتج عنه، وكيفية مواجهة مثل هذا الإجراء في حال مضى العدو في تنفيذه. إلّا أننا، وكمقتضي معرفي مهني؛ سنعيد التذكير بقدرات العدو المنتشرة في منطقة عمليات الضفة الغربية.

تقع الضفة الغربية ضمن مسؤولية القيادة الوسطى لجيش العدو، والتي يقع مقر قيادتها بالقرب من مغتصبة "بيت إيل" شمال مدينة رام الله، حيث يتولى الجنرال " أفي بلوت" مسؤولية قيادة هذه المنطقة. كما تتولى فرقة الضفة الغربية، بقيادة العميد " ياكوف دولف" مسؤولية تنفيذ المهام العسكرية في منطقة العمليات، والتي تشمل مسؤليتها ــ مسؤولية فرقة الضفة الغربية ـــ محافظات: نابلس، جنين، طول كرم، قلقيلة، رام الله، بيت لحم، الخليل.  

كما يُقسّم العدو منطقة العمليات إلى مقرات قيادة، تحت مسمى " ألوية"، موزعة ــ تجب الإشارة إلى أهمية مراجعة هذا التركيب والانتشار القتالي بشكل دوري، كونه خاضع للتغيير بناء على تغيير الموقف القتالي، والتدابير القيادية للعدو ــــ  على النحو التالي:

ا. لواء منشيه والذي يضم في تركيبه: قوات استطلاع مظليين للأمن الجاري، وكتائب التعزيز 334 كركال، 402 جفعاتي.

ب. لواء شومرون، وتقع تحت مسؤوليته: قوات استطلاع جولاني، للأمن الجاري، كتائب التعزيز 94 وغيفن.

ت. لواء أفرايم، وينشر الكائب التالية: 411، استطلاع ناحال، 931 ، للأمن الجاري، وكتائب التعزيز 405، وقوات من الكتائب 94 و 53.

ث. لواء بنيامين وينشر الكتائب 932 و 75 للأمن الجاري.


ج. لواء عتصيون، وينشر كتائب " شكيد" و " رام" للأمن الجاري، و" شاحر" للتعزيز، كما تقع تحت مسؤوليته قوات من كتائب: " تبور" و " كركال" و " إيغوز" .

ح. لواء يهودا، حيث ينشر الكتائب: 890 و 601 و تبور، ويعزز قدراته بالكتائب 51 و 46 .

خ. لواء الأغوار وينشر الكتائب: 41 و 47 .

د. كما تعمل في منطقة العمليات قوات خاصة من "اليمام" و "دفدفان" و "شمشون".    


ثانياً: تحليل الموقف:

يعود إجراء العدو إلى مجموعة من الأسباب التعبوية والإدارية، كما سينتج عنه مجموعة من النتائجالتعبوية والإدارية أيضاً. أما فيما يخص الأسباب، فيمكن إرجاعها إلى التالي:

1. منح القوات العاملة في منطقة العمليات فترة استراحة ونقاهة بعد فترة من خدمتها الميدانية.

2. تراجع حدة الفعل المقاوم ـــ كماً ونوعاًـــ نتيجة للضغط الذي مارسته قوات العدو على المقاومة وبيئتها الحاضنة.

3. منح القوات العاملة فرصة للتدريب، وتحسين مستوى الجاهزية، بناء على دروس وعبر مستقاة من عملياتها التعبوية في منطاق العمليات.

4. التملص ــ إلى حد ما ــ من مسؤولية الدولة وأجهزتها الأمنية والعسكرية عن بعض الأفعال غير المُتفهمة؛ محلياً وإقلمياً، ودولياً، وإلقائها على عاتق المستوطنين المتطرفين.

أما فيما يمكن أن ينتج عن هذا الإجراء التعبوي من نتائج تعبوية وإدارية؛ فيمكن الإشارة إلى بعض الأمور، من أهمها ما يلي:

1. زيادة الاعتماد على حرس المستوطنات، ومنحهم مزيداً من الصلاحيات والسلطات الأمنيةوالإدارية.

2. زيادة الاعتماد على قوات الاحتياط، ونشرها مكان القوات النظامية العاملة في منطقة العمليات.

3. زيادة الاعتماد على المستوطنين في بؤر الاستيطان المنتشرة في الضفة الغربية، في السيطرة على الأراضي، وخطوط المواصلات وعقدها.

4. رفع مستوى التنسيق، وسرعة الاستجابة، بين مستوطني المستوطنات والبؤر الاستيطانية، وقوات الجيش والأمن النظامية.

5. زيادة مستوى تسليح المستوطنين، كماً ونوعاً، بما يمكنهم من القيام بالمهام الجديدة المناطة بهم.

6. زيادة مستوى التنسيق الأمني بين أجهزة سلطة الحكم الذاتي، وسلطات أمن العدو العاملة فيمنطقة العمليات.

7. زيادة مستوى (توحش) وتفلت المستوطنين؛ خاصة المنتشرون في بؤر الاستيطان الرعوية.


ثالثاً: التقدير والتوصيات:

نعتقد أن إجراء خفض القوات في حال تم إقراره، سوف يكون بشكل مؤقت، بحث تخرج القوات النظامية لأخذ راحة واستراحة، تُستغل في إعادة تنظيمها وتدريبها ورفع كفاءتها، واستعادة جاهزيتها، بناء على الدروس والعبر المستقاة من فترات خدمتها السابقة، على أن تبقى هذه القوات في حالة جاهزية عالية للاستجابة لأي طارئ، أو حدث أمني يستدعي تدخلها أو عودتها، الدائمة أو المؤقتة، للتعامل مع الموقف أو المواقف المستجدة، الأمر الذي يوصى للتعامل معه بالآتي:

1. إدامة التماس المعلوماتي على هذا الموقف المستجد، ليبنى على الشيء مقتضاه.

2. إدامة التماس المعلوماتي على إجراءات المستوطنين، في المستوطنات والبؤر الاستيطانية؛ الدائمة أو المؤقتة، ورصد أي تغير على حركتهم أو سلوكهم، ثم يبنى على الشيء مقتضاه.

3. تحديد شكل ونمط إجراءات المستوطنين في بؤرهم ومستوطناتهم، في حالات الطوارئ، أو المواقف الأمنية.

4. معرفة الفترة الزمنية اللازمة لاستجابة القوات النظامية، لأي طارئ، أو استدعاء تعزيز للمستوطناتأو البؤر الاستيطانية المنتشرة في الضفة الغربية.

5. التركيز على ضرب بؤر الاستيطان الرعوية، وقواعد سيطرتها الجغرافية (كل بؤرة لها نقطة مرجع ومثابة ترجع لها في حالات الطوارئ والمواقف الأمنية) المنتشرة في جغرافيا الضفة الغربية.

6. تقسيم مناطق الضفة الغربية إلى مناطق ومربعات حماية ذاتية، معروفة الحدود، محددة المهام، مشخصة التهديدات، ثم يبنى على الشيء مقتضاه.

7. رعاية (ما أمكن) أصل الدفاع المتقابل، والتأمين المشترك، بين القرى والخرب والتجمعات السكانيةالفلسطينية المنتشرة في الضفة الغربية، خاصة النائية عن المدن والحواضر السكانية.

8. اعتماد (دوريات) الحراسة، والإنذار المبكر على التهديدات في الأمكان الأكثر خطورة، خاصة القريبة من مستوطنات، أو بؤر استيطان.

9. استهداف البنى التحتية، والأصول الخدمية ــ محطات ماء، محولات كهرباء، أبراج اتصالات،... ـــ التي تمد البؤر بأسباب الراحة، والاستقرار، وتحسن من تواصلها، مع محيطها الاستيطاني.

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

عبد الله أمين

25 10 2025



جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025