وَعَدوا بالحسم ولم ينفّذوا – ليس هكذا يبدو النصر المطلق.

القناة 14

عومري حاييم

قاتلت القوات، و العائلات دفعت الثمن، والقيادة تعهدت – لكن حماس لم تُهزَم بعد، واليوم التالي يشبه في ملامحه اليوم الذي سبَق المذبحة. بعد عامين على المجزرة، مع مئات القتلى وآلاف الجرحى، ما زالت إسرائيل لم تحقق أهدافها. لا يبدو هكذا النصر المطلق!

قُتل 920 جنديا منذ اندلاع الحرب في 07.10.2023، قبل عامين. 920! ليس أقل من 920 عائلة تحطّمت حياتها ولن تعود كما كانت أبدا. منذ بداية التوغّل في غزة، بعد 20 يوما من تلك السبت، قُتل 470 من خيرة أبنائنا. نُحصي 6,367 جريحا منذ بداية الحرب، منهم 2,978 منذ بدء التوغّل، بينهم 564 في حالة خطيرة.

كل هذا الفقد، كل هذا الألم، كل تلك الوجوه والأسماء، كل الأبناء والإخوة والأحفاد والأعمام والأصدقاء والأحبّة – جميعهم من خيرة الشباب، أصحاب القلوب الطيبة والعيون النقيّة – لم يُقتلوا أو يُصابوا كي يبدو اليوم التالي في غزة كما كان اليوم الذي سبق المجزرة.

كل مقاتل، كل جندي في الجيش خرج إلى الحرب وكرّس نفسه لنجاحها كي ينتصر، كي يحسم المعركة ضد العدو في غزة الذي قتل ودمّر وقطّع وأحرق ونهب وخنق و تلذذ بقتل اليهود الذين كانوا يجلسون بأمان في عيدهم – مرة وللأبد. كل من ارتدى الزي العسكري بذل كل ما يملك ليضمن ألا يتكرر ذلك أبدا.

ترك كل واحدٍ منهم زوجا أو زوجة في البيت، أطفال، آباء، عائلاتٍ وأعمال بنوها بأيديهم وعرقهم، لأنهم آمنوا أنهم ذهبوا ليضمنوا «لا مزيد» للأبد. لكي تتحقق كل أهداف الحرب.

في شهر أغسطس الماضي قال رئيس الوزراء إنه مع انعقاد الكابينت قبل أسبوع من كلامه هذا اتفق المشاركون على خمسة مبادئ لإنهاء الحرب:

1. نزع سلاح حماس.

2. إعادة جميع الأسرى — الأحياء والقتلى على حد سواء.

3. نزع السلاح من القطاع = ليس فقط تفكيك سلاح حماس، بل ضمان ألا يتم تصنيع أسلحة في القطاع ولا تهريبها إليه.

4. سيطرة أمنية إسرائيلية على قطاع غزة، بما في ذلك الطوق/المحيط الأمني.

5. حكم مدني بديل ليس حماس ولا السلطة الفلسطينية — أشخاص لا يربون أطفالهم على المقاومة، لا يمولونها.

«هذه المبادئ الخمسة ستضمن أمن إسرائيل. هذا هو معنى كلمة ‘نصر’. هذا ما نعمل من أجله — وينبغي على الجميع استيعاب ذلك»، قال رئيس الوزراء.

في هذه الأثناء، الآن؟ بعد مرور عامين: في غزة، يعمل القطريون من جديد بالتعاون مع حماس، وتعمل جهات تركية أعلنتها إسرائيل بنفسها تنظيما إرهابيا، كما يعمل المصريون الذين سمحوا بوقوع المجزرة من خلال أنفاق التهريب من أراضيهم. بل وتم بالفعل اختيار أسماء للجنة "فلسطينية" ستدير شؤون غزة في "اليوم التالي" — لجنة تُبقي على وجود حماس، ليس فقط في الساحة العسكرية، بل أيضا في الساحة السياسية الفلسطينية.

صحيح أن الواقع ما زال يتشكّل، وربما لم تُقال الكلمة الأخيرة بعد، لكن الآن حماس التي نجت، تعيد بناء نفسها من جديد. قادتها يشعرون اليوم بالقوة والقدرة الفائقة فقط لأنهم نجوا من المعركة ضد ما يسمّونه "آلة الحرب الإسرائيلية"، التي لم تستطع التغلب عليهم — بحسب تصورهم. اليوم، عناصر حماس يعبرون الحدود التي حدّدتها إسرائيل، بموافقة منها على ذلك. اليوم، إسرائيل تتسامح وتتنازل عن كرامة جنودها الذين قُتلوا على يد العدو خلال وقف إطلاق النار.

من وجهة نظر حماس، هي قد حققت إنجازا ضخما لمجرد أنها لم تُباد تماما عن وجه الأرض. والعدو الغزّي — الحاضنة التي خرجت منها حماس — حقق إنجازا ضخما بمجرد أنه لم يُنفَ من أرضه. أما إسرائيل، فبحماقتها، لم تضم أي أراض رسميا أو شكليا إليها، رغم أنها أخذت الأرض من السكان الذين ارتكبوا ضدها أبشع مجزرة عرفها اليهود منذ المحرقة.

كلنا نأمل أن يُستخرج الأرنب من القبعة، ننتظر تغيرا مفاجئًا في مسار الحبكة. ننتظر وننتظر النصر، نصلي من أجله. لأنه وحتى لحظة كتابة هذه السطور — لم يتحقق بعد، وهكذا لا يبدو النصر الكامل. ليس والعدو ما زال بأكمله خلف الجدار، يعمل وفي قلبه نفس الطموح لإبادتنا جميعا، من رأس الناقورا إلى إيلات.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025