معاريف
آنا برسكي
الخطوة المفاجِئة التي نُفذت مؤخرًا قد تؤدي إلى ضغط كبير على إسرائيل في قضية الدولة الفلسطينية.
التحرك الأميركي في مجلس الأمن لدفع قرار شامل حول غزة، والذي قبل أيام قليلة فقط بدا كمسار مركزي لصياغة "اليوم التالي"، يدخل الآن في دوامة دبلوماسية: مسودة القرار الأميركية المُعدّلة تتضمن للمرة الأولى التزامًا عمليًا بفحص مسار لإقامة دولة فلسطينية، وذلك قبل لحظات من تقديم روسيا لمسودة مضادة خاصة بها، تهز الديناميكية داخل المجلس وقد تغيّر صورة الوضع قبل التصويت، المقرر يوم الاثنين في الساعة 15:00 بتوقيت نيويورك.
مسودة القرار الأميركية، التي وُزعت على الدول الأعضاء في مجلس الأمن ووضعت تحت "إجراء صامت"، شهدت في الأيام الأخيرة تعديلات جوهرية – وفي مقدمتها إدخال نص صريح يشير إلى إمكانية إنشاء مسار مستقبلي لإقامة دولة فلسطينية. هذا المسار سيشمل إصلاحات في السلطة الفلسطينية وتقدمًا في إعادة إعمار القطاع. النسخة المحدثة تتضمن أيضًا إحالة مباشرة إلى الخطة التي عرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب عام 2020، وإلى مبادرة سعودية–فرنسية، تظهر في الوثيقة كـ"مقترحات إضافية" تُبنى عليها الإصلاحات المطلوبة في السلطة، دون أي تفصيل عملي.
هذا التطور يأتي على خلفية الاستعدادات للقاء المرتقب بين الرئيس ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وهو لقاء يتوقع أن يتناول التحركات الإقليمية المرتبطة بالنقاش حول الترتيبات المستقبلية في القطاع ودور السعودية في دعم المبادرات لإعادة إعمار غزة.
وفق النسخة السابقة للاقتراح، كانت المسؤولية عن غزة بعد انتهاء العملية العسكرية ستُنقل إلى السلطة الفلسطينية، بشرط تطبيق إصلاح داخلي وفق "الخطة الشاملة" المرفقة كملحق. إلا أن تلك النسخة لم تتضمن أي ذكر لمسار سياسي للفلسطينيين أو صلة بين الإصلاح وبين موضوع الدولة.
في النسخة الجديدة أضيفت إلى الجزء العملي فقرة مهمة كانت سابقًا في الملحق فقط: بعد أن تُستكمل الإصلاحات في السلطة الفلسطينية بالشكل المناسب، ويتقدم إعمار غزة، "قد تتوافر الشروط لمسار موثوق لتحقيق حق تقرير المصير ولدولة فلسطينية". إضافة إلى ذلك، تحدد أن الولايات المتحدة ستبادر إلى حوار مباشر بين إسرائيل والفلسطينيين بهدف صياغة "أفق سياسي متفق عليه للعيش المشترك بسلام وازدهار".
مع ذلك، لا تتضمن الوثيقة جدولًا زمنيًا ملزمًا لإقامة الدولة الفلسطينية، ولا تقدم إطارًا لمراحل أو أهداف محددة. كذلك، لا يوجد فيها أي ذكر لتوحيد الضفة الغربية وقطاع غزة، لا كشرط ولا كأفق سياسي. الإشارة الوحيدة تتعلق بغزة وبقدرة السلطة الفلسطينية على العودة لتولي السيطرة عليها بعد الإصلاح.
تغيير مركزي آخر هو توسيع تعريف أساس الإصلاح في السلطة: بدل الاعتماد الحصري على الخطة الشاملة في الملحق، يظهر الآن أن الإصلاح "مفصل في عدة مقترحات"، بينها خطة ترامب والمبادرة السعودية–الفرنسية – لكن دون تفاصيل ملزمة من تلك المبادرات ودون تبنٍّ مباشر لعناصرها.
النسخة المعدلة توضّح أيضًا أن جميع الإجراءات ستُنفذ "وفق مبادئ القانون الدولي"، وتحدد أن آلية تفعيل القرار ستكون تحت "مجلس السلام"، وهو هيئة انتقالية دولية ستقود العملية حتى استكمال إصلاح السلطة.
مصادر دبلوماسية مطلعة على صياغة النص تقول إن إدخال الإشارة إلى المسار المستقبلي للدولة الفلسطينية يهدف إلى خلق قاعدة دعم أوسع للقرار داخل مجلس الأمن وفي الساحة الدولية. وبحسبهم، هذه محاولة لتحقيق توازن بين خطوات عملية لإعادة إعمار القطاع وبين تقديم أفق سياسي.
في المنظومة الدبلوماسية في نيويورك، يُقدّر أن هذه التغييرات العميقة ستجعل النقاش في المجلس حساسًا للغاية. إسرائيل، من جهتها، ستحتاج إلى اتخاذ قرار بشأن كيفية التعامل مع نص يذكر للمرة الأولى، في وثيقة عملية لمجلس الأمن، إمكانية مسار مستقبلي لدولة فلسطينية – حتى لو لم يتضمن التزامًا رسميًا. من المتوقع طرح مشروع القرار للتصويت خلال الأيام القادمة.
موسكو تدخل الساحة: مسودة روسية مضادة تربك المسار
على خلفية محاولة واشنطن تثبيت أغلبية حول النص المُعدّل، دخلت روسيا مباشرة إلى الصورة وقدمت مسودتها الخاصة، خطوة تُربك الحسابات في مجلس الأمن وقد تغيّر توازن القوى قبل التصويت.
روسيا عرضت نهاية الأسبوع مسودة قرار حول غزة تشكل تحديًا مباشرًا للتحرك الأميركي. وفق نص المسودة والملاحظات المرفقة التي قدمتها موسكو للدول الأعضاء، الحديث عن "مسودة مضادة" متأثرة بالوثيقة الأميركية، لكنها تريد توجيه مجلس الأمن إلى مسار مختلف، يراه الروس أكثر قدرة على إنتاج "مقاربة متوازنة، مقبولة وموحدة" نحو وقف إطلاق نار مستدام.
المسودة الروسية تطرح عدة فروق مركزية مقارنة بالاقتراح الأميركي: