هآرتس
نير حسون
ترجمة حضارات
إن الجمع بين أزمة المناخ وعنف المستوطنين تسبب هذا العام في واحد من أسوأ مواسم قطف الزيتون التي تُذكر في الضفة الغربية، سبب المحصول الضئيل ستتضرر نحو مئة ألف عائلة فلسطينية تعتمد على موسم القطاف، ومن المتوقع أن يثقل هذا أكثر على الاقتصاد الفلسطيني الذي هو أصلًا في وضع صعب بسبب حظر العمل في إسرائيل، منذ اندلاع حرب 7 أكتوبر.
لم تنشر “مجلس الزيت الفلسطيني” بعد رقمًا رسميًا لكمية الزيتون التي قُطفت هذا العام، لكن وفق تقديره لن تتجاوز عشرة آلاف طن، للمقارنة، متوسط كمية الزيتون في العقد الأخير كان يفوق مئة ألف طن سنويًا. وبحسب التوقعات، يمكن من كمية الزيتون هذا العام استخراج نحو 2,200 طن فقط من زيت الزيتون.
في عام 2024، رغم عنف المستوطنين والوصول المحدود إلى الكروم، قُطف نحو 122 ألف طن من الزيتون. في 2023 سُجل انخفاض مشابه لما هو قائم هذا العام، لكن حينها كان السبب الأساسي الحرب التي اندلعت قبل ذلك بوقت قصير، والحظر الذي فرضه الجيش على القطاف في مناطق واسعة من الضفة.
على خلاف المزارعين الإسرائيليين الذين يزرعون الزيتون، فإن المزارعين الفلسطينيين بالكاد يروون أشجارهم، وهم يعتمدون فقط على مياه الأمطار، من هنا فإن قطاع الزيتون الفلسطيني حساس جدًا لتغيّر المناخ.
في موسم أمطار 2024–2025 سُجل أحد أسوأ حالات الجفاف في منطقتنا على الإطلاق، مع نحو 40% فقط من كمية الهطول السنوي في البلاد، وعدد قليل جدًا من أيام المطر. إضافة إلى ذلك، فإن أشجار الزيتون حساسة بشكل خاص لموجات الحر، وقد كانت كثيرة هذا الربيع والصيف.
يشدد المزارعون الفلسطينيون على أن عنف المستوطنين ضدهم يجعل أزمة الزيتون أشد بكثير، فبحسب قولهم، في سنوات الحر وقلة الأمطار يمكن ريّ الأشجار مرة في الشهر عبر صهريج ماء يُربط بجرار زراعي، ولأن الكثير من المزارعين لم يستطيعوا الوصول إلى أراضيهم بحرية، خوفًا من العنف، لم يتمكنوا من ريّ أشجارهم خلال الصيف، كما أن مستوطنين يسرقون الزيتون من الأشجار التابعة للفلسطينيين.
“هناك الكثير من السكان يعتمدون بالكامل على الزيتون”، يقول أيوب أبو حجلة، مزارع من قرية دير إستيا شمال أريئيل، يقطف الزيتون منذ خمسين عامًا، “هذا أسوأ عام منذ أن كنت طفلًا، في السنة الأخيرة حصلنا على 30% من المطر و10% من الكمية في سنة عادية، هناك أشجار كانت تعطي مئة كيلوغرام ولم تعط هذا العام ولو زيتونة واحدة، السبب الأول هو تغيّر المناخ والجفاف، والسبب الثاني هو عنف المستوطنين، الفلاحون لا يستطيعون الوصول إلى أراضيهم ليس فقط وقت القطاف، لو استطعنا الريّ والتسميد والعناية، لما كان الوضع بهذا السوء”.
أبو حجلة هو نفسه ضحية لعنف المستوطنين، وقبل نحو أسبوعين أوقفه الجيش مع ابنه، الاثنين احتُجزا لخمس ساعات وهما مقيّدان ومعصوبا العينين. بعد ذلك قيل لأبو حجلة إنه ممنوع من السفر على الطريق المؤدي لمستوطنة “يكير”، رغم أن الكثير من أشجاره مزروعة على طول الطريق، “سألت إن كان يمكنني الوصول إلى أرضي على حمار، فقالوا ممنوع”، يقول: “الكثير من المزارعين مثلي لا ينجحون بالوصول إلى أشجارهم”، ويُذكر أنه فجر أمس أحرق مستوطنون مسجدًا قرب قريته دير إستيا، ورشّوا كتابات مسيئة على جدرانه.
“المزارعون في فلسطين يكافحون من أجل البقاء”، يقول فياض فياض، رئيس مجلس الزيت في السلطة الفلسطينية، “80% من مياه الفلسطينيين تحت سيطرة إسرائيل، لا توجد ميزانيات ولا خطط”.
وفقًا للأمم المتحدة والجيش، في موسم القطاف الحالي سُجلت أرقام قياسية لعنف المستوطنين ضد الفلسطينيين وضد الإسرائيليين الذين يحاولون مساعدتهم في عملهم، في أكتوبر وحده وثقت الأمم المتحدة 264 اعتداء، شملت إصابات في الجسد أو الممتلكات، معظمها مرتبط بموسم القطاف، على مدار السنة الماضية قطع مستوطنون وقوات الجيش الكثير من أشجار الزيتون، في أغسطس اقتلع الجيش 3,100 شجرة زيتون في قرية المغير، كردّ على عملية حدثت في المنطقة.
كان زيت الزيتون قطاعًا زراعيًا مهمًا أيضًا في قطاع غزة، هذه هي السنة الثالثة التي لا يوجد فيها موسم قطاف إطلاقًا، وفق التقديرات، قبل الحرب كان في القطاع نحو 1.1 مليون شجرة زيتون، نحو مليون منها دُمّر خلال العامين الأخيرين، ومن مسح نشرته الأمم المتحدة هذا الأسبوع، يتبين أن سكان غزة لديهم إمكانية الوصول إلى 4% فقط من الأراضي الزراعية في القطاع.