وفق المصادر-1047
إعداد: ناصر ناصر
15-11-2020
http://t.me/naser10alnaser
ملحق هآرتس :البرفسور مائير زامير جامعة بن غوريون
جاسوس في دمشق .. وثائق تُكشف الآن تظهر أن رئيس وزراء سوريا جميل مردم كان عميلاً مزدوجاً تم تشغيله بواسطة رجل استخبارات صهيوني عشية قيام الدولة ، وقد نقل ل بنغوريون معلومات هامة جداً .
في صيف 1945 كان مردم من أكثر الاشخاص كراهية لدى الفرنسيين ، ولكنّ معلومات استخباراتية وصلتهم كشفت أن مردم تم تجنيده بواسطة m16، ووافق على خطة تقضي بقيام وحدة بين سوريا والعراق والأردن بقيادة العائلة الهاشمية وتتمتع فيها بريطانيا بسيطرة على دمشق وتُسمى سوريا الكبرى ، مقابل مبالغ طائلة من المال ، وأن يكون حاكماً لسوريا تحت قيادة الملك الأردني .
هذه المعلومات الاستخباراتية لم تكن سوى مجرد بداية لقضية دراماتية أثرت على تشكيل الشرق الأوسط ، وأحداثها لم تكن معروفة حتى هذا اليوم
تبين أن الفرنسيين قرروا استغلال الوضع لصالحهم وبدؤوا في ابتزاز مردم ، حيث قاموا بتهديده بنشر ما لديهم من وثاق ومن ثم تسريب معلومات لخصومه السياسيين .
صحيح أن مردم استقال من منصبه بعد أن استشار مشغليه البريطانيين ، ولكن هؤلاء لم يعلموا أنه خضع واستجاب للإبتزاز ، وتحوّل بذلك الى عميل مزدوج " لبريطانيا وفرنسا " .
في تلك الفترة حيث كان مستقبل المنطقة في فترة حسّاسة قام مردم بتزويد الفرنسيين بمعلومات بالغة الأهمية عن نوايا البريطانيين .
لم ينته الأمر الى هذا الحد فقد ظهر ومن خلال فحص أبحاث الأراشيف الفرنسية والاسرائيلية إضافة الى وثائق الحكومة السورية أن رئيس وزراء سوريا مردم تم تشغيله من قبل رجل استخبارات صهيوني ، وان المعلومات التي نقلها الى بن غوريون كان هاماً جداً لاستراتيجية بن غوريون في إقامة " اسرائيل " .
لقد بدأ الأمر كله في اكتوبر 1945 ، عندما واجه الفرنسيون مشكلة جديدة فقد تم تعيين مردم حينها كسفير لسوريا في مصر ، وقد وجد الفرنسيون صعوبة في تشغيله والاتصال به هناك دون إثارة الشكوك ، وقد وجدوا بأن الحل هو تكليف إلياهو ساسون رئيس القسم العربي في الدائرة السياسية في الوكالة اليهودية بهذه المهمة ، وفي فبراير 1945 قام بنغوريون بتعيين ساسون في منصب المنسق للتعاون مع الاستخبارات الفرنسية ، يذكر ان ساسون هو من مواليد سوريا وقد كان على معرفة بمردم والتقى به العام 1937 عندما كان رئيسا للوزراء ، في المقابل فان الفرنسيين كانوا على معرفة جيدة بإلياهو ساسون ووثقوا به وقدروا قدراته التنفيذية ، وقد اعتمدوا عليه في تلقي المعلومات من مردم .
تكشف الوثائق بأن ساسون التقى مع مردم في 12 نوفمبر في القاهرة ثم التقى معه في 18 من نفس الشهر ، وذلك في القدس عندما زارها مردم وكان رئيس وفد الجامعة العربية المكلف بترتيب مسألة التمثيل الفلسطيني ، ثم بعد ذلك التقى بنغوريون بساسون ، وفي 22 نوفمبر كتب بن غوريون في يومياته تفاصيل حول مضمون محادثات ساسون مع مردم ، وهذه إحدى المرات النادرة التي يمكن من خلالها المعرفة بأن مردم كان مصدرا استخباراتيا لدافيد بن غوريون ، لأنه بعد ذلك حرص ساسون والفرنسيون على تغطية وتمويه كون مردم مصدر معلومات مهم لبن غوريون .
في اليوميات تم كتابة أمور منها بأن مردم نقل الخطة البريطانية العراقية السرية الهادفة لإقامة سوريا الكبرى لعملاء صهاينة في القاهرة . وهناك تأكيد آخر أيضا على أهمية مردم للجهود الصهيونية ، وهذا ما يظهر من تقرير ناحوم فلنسكي الذي كان رجل الاتصالات بين موريس فيشر ورؤساء الدائرة السياسية .
في تقريره من شهر سبتمبر وعلى لسان جنرال فرنسي كتب قائلا : " الجنرال يقول ان بيد الفرنسيين شهادات موثوقة بأن الكثير من القيادات السورية تلقت أموال طائلة من الانجليز ، والفرنسيين ينتظرون اللحظة المناسبة لنشر مثل هذه الوثائق ، وحاليا يقومون باستخدامها للضغط على القادة الذين ورد اسمهم في هذه الوثائق وعلى رأسهم مردم .
في يوليو 1945 استعد بن غوريون لاحتمالية هجوم عربي عندما يعلن عن إقامة دولة "اسرائيل" ، ولكن المعلومات التي نقلها مردم حوّلت اهتمامه باتجاه آخر ، فقد علم بن غوريون ان التهديد الفوري ضد إقامة الدولة اليهودية لن يكون من هجمات الجيوش العربية ، بل من خطة أعدها قادة الجيش والاستخبارات البريطانية في الشرق الأوسط لإحباط قيام الدولة عن طريق إعلان منظمة الهاغاناة الصهيونية منظمة ارهابية ونزع سلاحها ، وإقامة سوريا الكبرى والتي تتضمن إقامة كيان يهودي محدود في أرض " اسرائيل " وليس دولة مستقلة .
مردم كشف أيضا بأن عميلا بريطانياً يعمل داخل الوكالة الصهيونية وكان ينقل أخبارها للبريطانيين ، وبما في ذلك نسخ عن بروتوكولات الجلسات الأكثر سرية .
مردم نقل أيضا ان القادة العرب الذين يخشون الاختراق الروسي قرروا مساعدة البريطانيين في حالة الحرب ، وان السياسة البريطانية هي كسب الوقت لاصلاح الاقتصاد وترتيب العلاقات مع أمريكا .
بالنسبة للمسألة الفلسطينية فقد برزت الخشية أثناء نقاشات مجلس الجامعة بأن استمرار الهجرة اليهودية سيسمح لمنظمة الهاغاناة بتجنيد 80 ألف رجل ، لذا أراد بقاء القوات البريطانية .
في نهاية المطاف فقد تم إسقاط خطة سوريا الكبرى على يد الملك السعودي والذي رأى بها تهديدا على مملكته .، وذلك بعد ان نجح في نيل دعم الرئيس الامريكي ترومان ، ووزراة الخارجية حيث تم الضغط على حكومة بريطانيا التي اضطرت ان تعلن في 14 يوليو أنها لا تدعم خطة سوريا الكبرى .
أحداث 1946 أثبتت بان المعلومات التي نقلها مردم حول النوايا البريطانية اتجاه فلسطين كانت دقيقة .أولا : في مايو 46 بادر كلايتون بعقد اجتماع اجتماع لرؤساء الدول العربية في قصر انشاص في مصر .... اجتماع آخر في الجامعة العربية عقد في يونيو في دمشق وفيه ضرورة مساعدة الفلسطيين ضد الحركة الصهيونية بالمال والسلاح والرجال ، وكان الى جانب مردم في الاجتماع الياهو بن ساسون والذي عاد يحمل هذه المعلومات الى القدس .
حادثة أخرى تثبت أن معلومات مردم كانت صحيحة ففي 29 يونيو -السبت الأسود ، أوقفت وحدات الجيش البريطاني الكثير من أعضاء قيادة الوكالة اليهودية وعلى رأسهم موشيه شريت وصادروا مواد من مبنى الوكالة في القدس .
البريطانيين حاولوا إيجاد دلائل على دعم فرنسا لاسرائيل
في ديسمبر 1946 أجبر كلايتون الرئيس القاوطلي بالإطاحة برئيس وزراء سوريا الجابري لدوره في إحباط خطة سوريا الكبرى وإعادة تعيين مردم لرئاسة الوزراء ، كان هدف الخطوة السماح لمردم ضمان أغلبية في البرلمان لخطة سوريا الكبرى ، ولكن في هذه الفترة بدأ مردم يبتعد عن البريطانيين ويقترب من الفرنسيين ..... عودة مردم لسوريا سمحت للاستخبارات الفرنسية لتشغيله بشكل مباشر دون الحاجة لوساطة ساسون .
وفي صيف 1946 أقامت فرنسا علاقات دبلوماسية مع سوريا وتم تكليف رجال استخبارات وتحت غطاء دبلوماسي للتواصل مع مردم دون أي شبهات ...
مردم اضطر للاستقالة في ديسمبر 1948 بعد الهزيمة وانتقل للعيش في القاهرة ومات فيها في العام 1960 .
في فبراير 1947 التقى بن غوريون في لندن مع وزير الخارجية البريطاني أرنست بفوين وكال المديح لجميل مردم ووصفه بأنه قائد عربي معتدل ، ويمكن الافتراض بأنه لو استطاع بن غوريون الحديث بما في داخله لكان قد أحاط مردم بمدائح كبيرة
ملحق هآرتس
الجمعة 13-11-2020
صفحات 22-24