رونين بيرجمان
ترجمة حضارات
لأول مرة: فتح ملف مخابرات أب القنبلة الإيرانيةالوثائق السرية التي وقعها بخط يده تم إحضارها إلى إسرائيل في عملية اختراق الموساد الجريئة للأرشيف النووي الإيراني ووصلت إلى يديعوت أحرونوت. التسجيلات الدرامية التي تحدث فيها عن "خمس قنابل". الصديق الطيب الذي خانه وأعدم بناء على طلبه. منذ حوالي ثلاثة عقود، قامت المخابرات الإسرائيلية ببناء ملف مفصل، عن محسن فخري زاده رئيس المشروع النووي الايراني. تضمن الملف مواد و تسجيل سري تم عرضه على رئيس الولايات المتحدة، يظهر فيه العالم وهو يتحدث بصوته عن بناء خمسة رؤوس نووية. الوثائق النووية السوبر- سرية، بتوقيعه، وهي التي تم الحصول عليها نتيجة اختراق الأرشيف النووي في طهران. كل الطرق التي سعى فيها لإنكار ذلك والكذب على العالم بخصوص القنبلة التي بناها. وكذلك المعلومات التي قدمها صديقه العزيز الذي أصبح جاسوساً، وأُعدم بناء على طلب فخري زاده. لكن في يوم الجمعة الماضية، فقدت يد، قطعت سباقه النووي.يفتح "شفعا يميم" ( 7 أيام) قضية فخري زاده ويكشف قصة الرجل المذهلة الذي أراد أن يمنح نظام آية الله سلاح يوم القيامة"سيدي الرئيس، انحنى رئيس الوزراء إيهود أولمرت فجأة نحو أذن جورج دبليو بوش،" هل يمكننا التحدث للحظة على انفراد؟ أصبحت ملامح رئيس الولايات المتحدة جدية، وأومأ برأسه موافقاً. كان ذلك في أبريل 2008، في مكتب رئيس الوزراء في القدس. السبب الرسمي للزيارة التي قام بها الرئيس الأمريكي إلى إسرائيل، والتي حظيت بتغطية إعلامية جيدة كانت الذكرى ال 60 لتأسيس الدولة، لكن أولمرت كانت لديه خطط مختلفة تمامًا. كان هناك في المكتب أشخاص آخرون، بمن فيهم ستيف هادلي، مستشار الرئيس للأمن القومي.في الإيجازات الاستخباراتية التي قدمها هادلي للرئيس في الأيام التي سبقت الزيارة كان هناك الكثير من الحديث عن استعدادات إسرائيل لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. في حفل عشاء في اليوم السابق، وقبل أن يقوم الشيف بتقديم الحلوى، انتقل بوش وأولمرت وهادلي ووزير الدفاع إيهود باراك إلى غرفة جانبية.هناك، مع رائحة الويسكي والسيجار في الهواء، طلب باراك من الرئيس الإذن بشراء عدد من أنظمة الأسلحة المتطورة التي كانت إسرائيل تفتقر إليها في ذلك الوقت، بما في ذلك - حسب التقديرات - الطائرات التي تقلع عموديًا والقنابل التي تخترق التحصينات.لم يكن على المرء أن يكون عبقريًا استراتيجيًا لفهم سبب طلب وزير الدفاع ذلك. "بوش يشير إلي ويقول:" هذا الرجل يخيفني"، يتذكر باراك. يضيف الرئيس: "أريدكم أن تعرفوا الموقف الرسمي لحكومة الولايات المتحدة. الولايات المتحدة تعارض بشدة امكانية قيام إسرائيل باتخاذ إجراءات ضد البنية التحتية للبرنامج النووي الإيراني. ولكي لا أكون غامضًا، أقول لكم إن الولايات المتحدة لا تنوي العمل طالما أنا الرئيس. "في اليوم التالي قرر أولمرت وهو في مكتبه سحب الجوكر السري الذي بحوزته، طلب رئيس الوزراء من الموجودين في المكتب: "اتركونا وحدنا" بعد أن أومأ الرئيس بالموافقة. غادر جميع الحاضرين في الغرفة، لكن ستيف هادلي ظل جالسًا على كرسيه. وبموجب النهج الأمريكي، مطلوب منه أن يكون حاضرًا في اجتماعات مهمة تتعلق بالأمن القومي. "لا بد لي من البقاء"، أوضح لرئيس الحكومة. كان أولمرت محرجًا بعض الشيء، لكنه أصر على البقاء على انفراد مع بوش.قال الرئيس لهادلي "لا بأس يا ستيف". فغادر المستشار، بقي الرئيس ورئيس الوزراء وحدهما.قال أولمرت بعد أن أغلق الباب: "سوف أسمعك شيئاً ما". "وأطلب منك ألا تتحدث عن ذلك مع أي شخص، ولا حتى مع رئيس وكالة المخابرات المركزية. "فوافق بوش.قام أولمرت بسحب جهاز تسجيل صغير وضغط على زر التشغيل. خرج صوت رجل يتحدث الفارسية. وأوضح أولمرت أن "الرجل الذي يتحدث هنا هو محسن فخري زاده". فخري زاده هو رئيس برنامج "AMAD"، (آماد وتعني الأمل) المشروع النووي العسكري الإيراني السري. قال أولمرت: " هذا المشروع الذي تنفي ايران وجوده على الإطلاق. كيف وصل تسجيل هذا الرجل إلى مقر إقامة رئيس الوزراء في القدس؟ بحسب بيتر بيكر، كاتب سيرة الرئيس بوش والآن مراسل البيت الأبيض لصحيفة نيويورك تايمز، وحسب منشورات في صحيفة "دي تسايت" الألمانية، فإن المخابرات الإسرائيلية جندت عميلا مقربا من رئيس المشروع النووي الإيراني. كان لدى العميل جهاز تسجيل، وقد سجل ما قاله فخري زاده.كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي لرئيس الولايات المتحدة أن إسرائيل نجحت في تجنيد هذا العميل الذي قام بالتسجيل. بوش، بالطبع، لا يتكلم الفارسية، فسحب أولمرت النسخة الإنجليزية من التسجيل الذي قام بتسجيله العميل الكبير. يتحدث فخري زاده هناك صراحة وبالتفصيل عن مشروع حياته: تطوير الأسلحة النووية الإيرانية.يشكو من عدم حصوله على الميزانيات الكافية للترويج لهذا المشروع: فمن ناحية، يشتكي من أنهم "يريدون"( خمس قنابل) "رؤوس" حسب قوله وبسرعة؛ ومن ناحية أخرى لا يسمحون له بالعمل كما يريد. وأخيرًا، ينتقد فخري زادة بعضًا من زملائه في وزارة الدفاع والحرس الثوري، بكلمات لاذعة.هذا التسجيل القاطع ليس سوى جزء من ملف المخابرات الذي تم جمعه على مدى سنوات في إسرائيل حول محسن فخري زاده، وبعضها من مصادر إسرائيلية وبعضها من أجهزة استخبارات أجنبية، وحتى من مصادر ظاهرة. كان فخري زادة الى حد ما شخصية علنية، بل إنه كان يدير مدونة حيث ناقش قضايا الدين والمعتقدات.تأثر بوش الواضح من الدليل القاطع بصوت زادة:العودة إلى المكتب. مع صوت فخري زاده في الخلفية، قرأ بوش الترجمة والتزم الصمت محاولا استيعاب الأمور. الاستماع إلى تقييمات استخباراتية مصاغة وحذرة حول المشروع النووي الإيراني شيء. لكن سماع رئيس البرنامج وهو يتحدث بصراحة عن خمسة رؤوس حربية نووية إيرانية على الأقل في العمل هو بالفعل شيء مختلف تمامًا.هذا يغير قواعد اللعبة. أولمرت، الذي أدرك بالفعل أن بوش لن يبيع أنظمة الأسلحة التي طلبها لإسرائيل، قرر استغلال الوضع لطلب آخر من الرئيس: تعاون استخباراتي كامل. بدون أسرار، كل شيء مفتوح: إسرائيل ستقدم كل ما لديها بشأن الملف النووي الإيراني. ستحضر الولايات المتحدة كل ما تجمعه. ومن الآن فصاعدًا، نعمل معًا وبكل شيء. وافق بوش، قارن أولمرت واقترح عمليات مشتركة ضد المشروع. فوافق بوش على ذلك أيضًا. أدخل أولمرت جهاز التسجيل إلى الدرج. تم تحقيق التأثير.يقول مسؤولون استخباراتيون إسرائيليون كبار إن هناك، في مكتب رئيس الوزراء، حيث يصدح في الخلفية صوت فخري زاده المسجل، كانت اللحظة الحاسمة: لم تتعاون الولايات المتحدة وإسرائيل أبدًا في أي قضية، مثل قضية النووي الايرانيبعد حوالي عامين، تم القيام بعملية اختراق سيبراني سميت "الألعاب الأولمبية"، والتي ألحقت أضرارًا جسيمة بالمشروع وأخرته كثيرًا. وبحسب المنشورات في الخارج، فهو فيروس كمبيوتر متطور جداً تم تطويره وإدخاله، من أجل السيطرة على أجهزة الطرد المركزي الإيرانية في عملية مشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة، واذا كان هذا صحيحاً فليس من المستبعد أن يكون هذا العمل قد ولد أيضًا بعد أن استمع الرئيس لصوت فخري زاده في ذلك المساء.انضم هذا التسجيل لفخري زاده إلى ملف ضخم من المعلومات، تم بناؤه بجهد كبير ولسنوات عديدة من قبل المخابرات الإسرائيلية، وكان بالكامل عن رأس البرنامج النووي الإيراني. هناك عدد لا يحصى من التفاصيل والوثائق والصور والتسجيلات، عملت المخابرات بجنون من أجلها على مدى عقود حول شخص واحد.ينشر هذا الأسبوع "شيفعا يميم" أجزاء من هذا الملف الاستخباري، والتي تتيح لنا القاء نظرة على طريقة حياة فخري زاده، الذي أقام مشروعًا ضخمًا، وتمكن من خداع كل العالم تقريبًا - وارتفع في النهاية إلى السماء بعاصفة.على عكس النجوم الآخرين للثورة الإيرانية، مثل قاسم سليماني، كان محسن فخري زادة حتى يوم الجمعة الماضي مجهولاً بالكامل تقريبًا بالنسبة للإيراني العادي. حيث يظهر من ملفه أن السبب في ذلك لم يكن في الحقيقة بسبب افتقاره إلى الأهمية. والعكس صحيح. تعتبر السلطات الإيرانية مشروعها النووي أهم مشروع رائد منذ وصول الخميني إلى السلطة. فخري زاده، الذي قاد المشروع في العقود الأخيرة ، كان من أبرز الشخصيات في المراتب العليا في الجمهورية الإسلامية. لقد فهم الايرانيين أنه يشكل هدفاً. لذلك بنوا حوله غلافاً أمنياً محكماً، وشددوا أن لا يعرف الا أقل عدد ممكن من الأشخاص أين هو وماذا يفعل.المنطق واضح:انت لا تعلق ملصقات لرأس مشروعك الأكثر أهمية وسرية على أشجار النخيل في الشوارع الرئيسية في طهران. بالتأكيد لا إذا كان مطلوبًا للتحقيق من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.كما ذكرنا، لا يوجد تأكيد رسمي على أن إسرائيل تقف بالفعل وراء اغتيال فخري زاده، لكن قبل أن نتعمق في ما هو موجود في هذا الملف، من المهم أن نفهم كيف تم بالفعل إنشاء ملف استخباري لأي شخص مرشح للاغتيال.في الموساد، التعبير المهني هو ملف " تباش"، وهي أحرف لكلمات مختصرة عقيمة تعني "للعلاج السلبي"، أي الاغتيال. يوُلد ملف "تباش"، على وجه التحديد لدى أصحاب الاختصاص، والميدانيين وضباط المخابرات والخبراء في موضوع معين، وتقريباً لا يتواجد في المستويات القيادية العليا، من أجهزة المخابرات أو جيش الدفاع الإسرائيلي، بالتأكيد ليس في المستوى السياسي.المنطق واضح: المحترفون هم الذين يعرفون حقًا من " له قيمة" ومن يشكل خطرًا كبيراً، والذي سيؤدي استبعاده من اللعبة إلى تخفيف كبير في التهديدات للأمن القومي.يقوم المختصون بجمع ملف المعلومات عن الشخص المستهدف (تباش)، حتى يتوصلوا إلى استنتاج مفاده أنه يتجاوز العتبة التي تجعله يستحق الاغتيال، لكن القرار النهائي بشأن الاغتيال ليس في أيدي مجتمع المخابرات.يقوم أصحاب الاختصاص بنقل ملف المعلومات لرئيس منظمتهم (قسم الاستخبارات أو الموساد أو الشاباك). إذا وافق رئيس المنظمة على التوصية، فإنه يقوم برفعها لرئيس الوزراء للموافقة عليها من حيث المبدأ. فقط عندما يوافق رئيس الحكومة، تعود القضية إلى المنظمة لبدء الاستعدادات.منذ تلك اللحظة، يأخذ جمع المعلومات طابعًا مختلفًا تمامًا: فبالإضافة إلى توثيق "الأفعال السيئة" للهدف، يبدأ جمع دقيق لروتين حياته. يبحث رجال الاستخبارات في هذا الروتين عن شيئين: ما يسمى في المصطلحات المهنية (مِدفاس)" أي نمط يعيد نفسه، أو الروتين المعتاد للهدف، و (مِتفاس)، أي المكان الذي يمكن فيه العمل براحة نسبية بالنسبة للهدف. فقط التقاطع بين هذين المفهومين، سيؤدي إلى فهم كيفية تنفيذ عملية اغتيال.عندما يصل التنظيم لنتيجة أنه قادر على تنفيذ العملية، فإنه يعود إلى رئيس الوزراء للحصول على مزيد من الموافقة. يمكن لرئيس الوزراء أن يستبعد العملية في أي مرحلة. إذا وافق على ذلك، فسيتم طرح الموضوع للنقاش في لجنة " فارش"، اي لجنة رؤساء الأجهزة الأمنية في إسرائيل، والتي تضم كأعضاء فيها رئيس الشاباك ورئيس الموساد وقائد قسم الاستخبارات. في هذا الاجتماع، قد يبدي بعض المشاركين تحفظات على العملية. كما تتم مناقشة عواقب مثل هذا الاغتيال، من حيث رد الفعل المضاد، والموقف في العالم وغير ذلك.كالان هو نفسه اليوم رئيس الموساد:ظهر اسم فخري زاده لأول مرة على رادار المخابرات الإسرائيلية في العام 1993. كان يعمل في الموساد حينها ضابط تشغيل عملاء شاب يختار لنفسه الاسم الرمزي "كالان" ويقال أن له مستقبل واعد. تمكن كالان من تجنيد مصدر بشري ينقل إلى إسرائيل الرسوم التخطيطية الأولى لأجهزة الطرد المركزي.كانت هذه بدايات نظام التخصيب النووي الإيراني، الذي تلقى معرفة ومعدات واسعة من أب المشروع النووي الباكستاني، الدكتور عبد القادر خان. في بحر المواد الاستخباراتية المتدفقة إلى البلاد، يذكر اسم العالم الشاب محسن فخري زاده مرارًا وتكرارًا. لقد حقق " كالان"، التوقعات، انه اليوم رئيس الموساد يوسي كوهين.في المواد الاستخبارية التي بدأ جمعها، اتضح أن الاسم الكامل للمهندس الواعد هو محسن فخري زاده من مها أباد، مواليد 1961، متزوج وأب لأبناء. في شهادته الأكاديمية، كان أستاذًا للفيزياء في جامعة الإمام الحسين في طهران - بالمناسبة، لقد كانت محاضراته تحظى بشعبية خاصة بين الطلاب - ورئيس معهد الأبحاث النووية الإيراني. وبحسب ملف مخابراته، فقد انضم إلى الحرس الثوري لدى تأسيسه عام 1979، ووفقًا لبعض المصادر، عمل في البداية كضابط للعلوم.في البداية، أنشأت إيران مجموعة صغيرة من أجهزة الطرد المركزي لغرض التجارب في محافظة ديماوند، غير البعيدة عن مكان الاغتيال. لكن لم يمض وقت طويل قبل أن يدرك الإيرانيون أن إسرائيل والولايات المتحدة قد علموا بالامر، فقاموا بنقل المشروع بأكمله إلى موقع سري، جديد وضخم أقاموه في نتنز.ضمن هذه المنظومة، تم إنشاء مشروع سري يحمل الاسم الرمزي (AMAD ) "آماد" التنفيذ العسكري للمشروع النووي. هذا هو الجزء الذي يهم آيات الله حقا. لذلك هم بحاجة إلى تعيين شخص موهوب للغاية، مع معرفة علمية واسعة، ولكن أيضًا شخص يتمتع بالولاء الاعمى للنظام والإيمان التام بالهدف المطلوب. انه محسن فخري زاده، هو الرجل المناسب في المكان المناسب.هناك نقطة يصبح فيها المشروع النووي لدولة ما - أي دولة - واقعيًا حقًا. يحدث ذلك عندما يؤسس هذا البلد ما يسمى ب"مجموعة الأسلحة". هذه مجموعة من المعدات والمصانع التي تتعامل مع الآلية التي ستولد الانفجار الذري. `` مجموعة الأسلحة '' الإيرانية هي الجزء الأكثر سرية ضمن مشروع فخري زاده "آماد". إن تجارب بناء هذه الآلية معقدة للغاية وتنطوي على العديد من الانفجارات. أصبحت مواقع هذه التجارب، بحسب ملف المخابرات، قرة عين فخري زاده. وهذا نوع من الاسطوانات الضخمة داخل ملجأ تحت الأرض تحدث فيه الانفجارات. يذكر ملف استخباراته أن فخري زاده زار أحد هذه الأماكن، في بارشين، عدة مرات، إلى جانب اثنين من أقرب مساعديه، نصيري والداواني. ووفقًا لوصف أحد العملاء، فقد تم رسم هذه الأسطوانات من قبل المخابرات الإسرائيلية. في وقت لاحق، عندما تضع إسرائيل يدها على الأرشيف النووي الإيراني، سيتضح مدى دقة هذه الرسومات.كذلك سيتبين أن شيئًا آخر كان دقيقًا، وهو: مركزية وأهمية فخري زادة للمشروع. تم اكتشاف العديد من الوثائق في الأرشيفات النووية، قام زادة بالتوقيع عليها، أو وافق عليها، بقلم حبر أزرق في أعلى الصفحة. ننشر هذا الأسبوع مثالاً على خط يد فخري زاده. بالمناسبة، السبب وراء استخدام فخري زاده للكتابة اليدوية هو السرية: المواد التي يوقع عليها سرية للغاية حتى أن بعضها لا يوضع على أجهزة الحاسوب.القلة القليلة المدعوة، إلى المنشأة الأمنية حيث المستندات الأصلية مخزنة في إسرائيل، يطلب منهم ارتداء القفازت. من خلال هذه القفازات، يمكنك حقًا أن تشعر بـعمق قلم فخري في الورق.فيما يلي بعض الأمثلة من القضية: في 19 يناير 2001، أرسل نصيري، رئيس مشروع تطوير آلية الانفجار النووي، رسالة مهمة إلى فخري زاده، يذكر فيها تفاصيل الجهاز وكيف يمكن تجميع المنظومة على صاروخ. في هامش الرسالة التي وصلت إلى شيفعا يميم "7 أيام"، كتب فخري زاده بخط يده بقلمه الأزرق كما هو واضح في الصورة (أن الموضوع قيد المعالجة، وأنه قد تم بالفعل تنفيذ توصيات نصيري.بالمناسبة، سيتضح فيما بعد أن نصيري تم تجنيده كعميل لـِ " BND"، المنظمة الألمانية الموازية للموساد، وتحت الاسم الرمزي "دولفين"، قام بتقديم معلومات قيمة عن فخري زاده ومشروعه. في المقابل طلب نصيري الانتقال للعيش في أوروبا. تمكن من تهريب عائلته إلى ألمانيا، ولكن بسبب خلل في تحركاته، تم اعتقاله في إيران. وبحسب المعلومات التي وصلت إلى إسرائيل ، طالب فخري زاده، الذي صُدم بخيانة مساعده وصديقه المقرب، الحرس الثوري بإنهاء هذه القصة بالإعدام، فتم تلبية طلبه على الفور. وفي رسالة أخرى، كتب مساعد آخر مقرب من فخري زاده، الدكتور فريدون عباسي، أحد كبار أعضاء البرنامج النووي، بخط يده مذكرة فنية طويلة إلى رئيسه. أجابه فخري زادة اجابة فنية وطويلة، عباسي هذا، نجا من الاغتيال، عندما ظهر قاتل مجهول على دراجة نارية بالقرب من باب سيارته، ووضع على نافذته لغم صغير. نجح عباسي في الهروب في اللحظة الأخيرة ونجا. وكدليل على بطولته في وجه من وصفتهم طهران بـ "قتلة الموساد"، عينه الرئيس السابق أحمدي نجاد نائباً له.من قراءة ملف مخابرات فخري زاده، تظهر صورة مغايرة قليلاً حول شخصيته، فهو لم يكن شخصاً عنيفاً، أو مريضاً نفسياً متعطشاً للدماء. إنه مدير ممتاز، وعالم مثير للإعجاب، وتكنوقراط موهوب، التزم دون تردد بالهدف الذي وضع أمامه.يوجد في ملفه جدول أعمال - ما يسمى في اللغة الإدارية جانت - دقيق، للحصول على التفاصيل. القوى العاملة والميزانيات والجدول الزمني. في الرسومات بقلمه الأزرق لا يتعامل مع المسائل الأخلاقية. فقط بالطريقة التي سيصنع بها قنبلة ذرية لإيران - وكيف يخدع العالم ويخفي هذا.
*ضربة الأرشيف النووي الايراني*
فخري زاده، الذي كان يخشى أن يطرق وكلاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية باب مكتبه عند توقيع الاتفاقية ويطالبون برؤية جميع الوثائق التي بحوزته، أمر بجمع كل ما يتعلق بمشروع آماد - أوراق ورسومات وصور وأقراص مدمجة. وإخفاء كل شيء. تم وضع جميع المواد في 27 خزانة ثقيلة، تم نقلها إلى مستودع، ومن هناك إلى مستودع آخر في ضواحي طهران. هذا هو المكان الذي اقتحمه الموساد في عام 2018، وأحضر منه الأرشيف النووي الايراني.
عندما قدم نتنياهو المادة، في نفس المؤتمر الصحفي الشهير، شدد على اسم محسن فخري زاده. وقال:" تذكروا هذا الاسم". وذلك لأنه اطلع بالتأكيد على ملف استخبارات فخري زاده، فقد كان يعرف جيدًا سبب ذلك.
وبالمناسبة، تجري الوكالة الدولية للطاقة الذرية عمليات تفتيش في إيران بناءً على المواد التي تم الحصول عليها من المحفوظات النووية الإيرانية. قال أحد الممثلين الإيرانيين بغضب لموظفي الوكالة قبل بضعة أشهر: "ربما تأتوا إلينا مرة واحدة بشيء لم تتلقوه من الصهاينة"
في إسرائيل، يُزعم أنه على الرغم من رياح المصالحة التي هبت من طهران وقت الاتفاق، استمر فخري زاده في العمل، وفي الواقع، سعى وراء قنبلة طوال الوقت. بالتأكيد بعد انسحاب الرئيس ترامب من الاتفاقية، وإعلان إيران عودتها لتخصيب اليورانيوم. فان المهندس المخضرم صاحب القلم الأزرق لم يتخل عن حلمه الكبير ألا وهو: وضع رأس نووي على صاروخ شهاب يكون جاهزًا للعمل.
قلكن بالتأكيد قُطع هذا الحلم عن طريق الاغتيال الغامض، والقضاء عليه. في غضون ذلك، الإيرانيون مازالوا في حيرة من أمرهم.
تطلق السلطات روايات مختلفة وغريبة عن الحادث: فمرة يدور الحديث عن بضعة فرق، و مرة مركبة مزودة بمدفع رشاش تم تفعيله بواسطة قمر صناعي اسرائيلي.
بالمناسبة، كان هناك من شعر بالأمان الكافي هذا الأسبوع على وسائل التواصل الاجتماعي في إيران، للسخرية من مجموعة متنوعة من هذه الروايات. تلميح آخر إلى أن فخري زادة ربما كان مهمًا للسلطات.
لكن على الرغم من صور الجنازة والرثاء في الشوارع، فبالنسبة للإيراني البسيط، أصبح الآن أكثر أهمية نجاته من كورونا من البكاء على من يرأس منظومة استقطبت المليارات من الاقتصاد الإيراني.
أكثر رواية حظيت بردود فعل ساخرة تلك التي زعمت أن "المدفع الرشاش الذي تم تشغيله بجهاز تحكم عن بعد عبر الأقمار الصناعية" تمت إزالته من أعلى مركبة زامياد، طراز نيسان المحلي، زمياد هي السيارة المرتبطة بالشباب الطائش في ايران، وهم أولئك الذين أنهوا أكثر من مرة رحلتهم المجنونة بحادث.
الهدف لم يعد معنا:
سخر الايرانيون كثيراً من هذه الرواية، فقد انتشر كاريكاتير ساخر، على نطاق واسع في إيران، يصور سيارة زامياد، وهي تتحول الى روبوت، مع الكتابة تحتها " قاتل فخري". وفي رسم آخر، تتحول زامياد الى الطائرة الشبح إف 35، والرسالة واضحة: الإيرانيون يفهمون أنه في الأفلام فقط يمكن أن تكون الرواية التي باعها لهم الحرس الثوري صحيحة.
في هذه الأثناء، مع أو بدون اعتبار للادعاء بأن إسرائيل وراء الاغتيال، من المحتمل أن يكون هناك شخص ما قام بالفعل بتحديث ملف مخابرات محسن فخري زاده: الهدف لم يعد معنا.
في الواقع، عدد لا بأس به من الوثائق في ملف فخري زاده تتعامل مع محاولات الإخفاء هذه. فهو، على سبيل المثال، يزور أنفاق سرية محفورة لتغطية المشروع عن أعين المتطفلين. منشأة تحت الأرض أقيمت تحت إشرافه - في إسرائيل كانوا متأكدين من أنها كانت تستخدم للصواريخ - تبين أنها مختبر ضخم للأعمال المعدنية الدقيقة في المشروع الذري.
تشير بعض الوثائق الموجودة بالملف أيضًا إلى أن فخري زاده أمر رجاله بالعثور على موقع تحت الأرض لإجراء تجربة نووية. هذه مسألة دراماتيكية للغاية. أولاً، لأنه يعني أن الإيرانيين اعتقدوا أنهم اقتربوا بالفعل من مرحلة التجربة النووية. ثانياً، لأنه اعلان سياسي.
كان فخري زاده يدرك جيدًا أنه مع تكنولوجيا اليوم، لا توجد طريقة لإخفاء انفجار نووي عن العالم. مثل هذه التجربة تعني تصريحًا بأن هناك طريقة واحدة فقط لتفسيرها: نحن في إيران لدينا قنبلة، والآن نتعامل معها. فحص رجال فخري زاده العديد من هذه المواقع، وحتى حاولوا التفجير في بعضها، لاختبار متانتها.
لكن في عام 2002، سر فخري زاده الكبير أصبح مكشوفا. أجرت جماعة معارضة إيرانية مؤتمر صحفي، وقدمت أدلة على وجود نشاطات نووية لايران في نتانز. حاولوا في طهران، انكار كل شيء، لكن الأدلة - التي يزعم البعض أنها تم الحصول عليها بالتعاون مع وكالة المخابرات المركزية الامريكية والموساد - كانت واضحة لا لبس فيها.
قررت الأمم المتحدة فرض عقوبات على إيران، لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية طلبت فحص الامر. كانت الولايات المتحدة بالفعل في عمق العراق وأفغانستان، وتعرضت طهران لضغوط، وقررت أن تأمر فخري زاده بتغيير قواعد اللعبة.
يظهر من ملفه لدى المخابرات أن فخري زاده ترك جزءًا ظاهراً من المشروع تحت اسم "الوكالة الايرانية للطافة الذرية". هذا هو الجزء الذي يمكن لإيران أن تدعي أنه مشروع نووي مدني بريء، لغرض توليد الكهرباء والبحث العلمي والطب، وغير ذلك. المفتشون الدوليون سيتحققون من هذا الجزء، وعلى العالم أن يهدأ. معظم نظام تخصيب اليورانيوم تُرك تحت هذه المظلة.
وماذا عن طفل فخري زادة، مشروع (آماد) الذي تم اكتشافه؟ إنه ظاهريًا سيغلق. ولكن ليس حقا. فخري زاده، حسبما يظهر من الوثائق، سيواصل تطوير "مجموعة الأسلحة" الخاصة به في سرية تامة.
هذه المرة سيطلق عليها اسم SPDD. يوجد في ملف استخباراته وثيقة وصلت إلى "7 أيام" تنص على أن "الغرض العام هو الإعلان عن إغلاق مشروع آماد"، ومع ذلك، "سيتم تنفيذ أنشطة خاصة تحت عنوان" تطوير المعرفة العلمية". أي أن فخري زاده قرر الكذب على العالم والمضي قدمًا نحو تطوير القنبلة.
هناك وثيقة أخرى في الملف، يصوغ فيها فخري زاده ومساعدوه خطة مفصلة لإخفاء جزء مهم من مجموعة الأسلحة، ويسمى "المشروع 110". هناك أيضًا، يقسم فخري زادة النشاط إلى قسمين: نشاط علني، ونشاط بريء على ما يبدو، ونشاط سري. "الجزء السري يهدف إلى الالتزام بجداول الاعمال كما تم تحديدها منذ البداية". في هذه الوثيقة، حدد فخري زاده ورجاله أن المشروع 110 سيكون له ثلاث مراحل، تسمى( ثُقب ) 1 و 2 و 3. كل مرحلة هي خطوة اضافية في ضبط الرأس الحربي النووي وربطه بصاروخ شهاب 3. الوثيقة مرفقة برسم رأس صاروخ شهاب بالمنشأة النووية.
مع هذه الوثائق، اجتمعت إدارة (آماد) في 25 أكتوبر 2003. في محضرها يتحدث "المهندس محسن" عن الأجزاء التي اكتملت بالفعل، كما أنه انتقد التأخير فيما يسمى بـ "المشروع الرئيسي"، أي إنتاج الأسلحة النووية. فخري زاده \، على ما يبدو في ذلك الوقت، كان غير راضٍ حقًا عن وتيرة التقدم في مشروع حياته.
أعد الموساد قائمة بكبار العلماء، معظمهم أعضاء في "مجموعة الأسلحة"، التابعة لفخري زادة، وكان هو على رأس هذه القائمة.
في مرحلة ما، أعد الموساد خطة اغتيال بناء على ملف فخري زاده، فوافق عليها رئيس الوزراء أولمرت. في مقابلة مع برنامج "الوقت الحقيقي" في كان (11)، في فيلم لتالي بن عوفاديا، قال أمنون صفرين، الذي كان حينها رئيس جهاز استخبارات الموساد، إن التنظيم كان يتتبع فخري زاده. "أنت تحاول معرفة ما يفعله، تحاول دراسة هذا الأخطبوط المسمى منظومة فخري زادة، لمحاولة فهم روتينه اليومي وما إذا كان به أية نقاط ضعف ".
وفي نفس البرنامج قال أولمرت: "أعرف فخري زاده جيداً، ولا يعرف هو كم أعرفه. على الأرجح لو التقيت به في الشارع، لكنت تعرفت عليه. هو يقود برنامجًا مصممًا للقيام بأشياء لا يمكن التسليم بها. ليس لديه حصانة. لم يكن لديه حصانة. ولا أعتقد أنه سيكون لديه حصانة ".
اعترضت شعبة المخابرات في الجيش الإسرائيلي بشدة على إيذاء فخري زاده. ليس من باب الشفقة بالطبع. اعتقد خبراء الجناح ببساطة أنه من المهم معرفة المزيد عنه.
هذا الاعتراض مرفوض لكن الاغتيال لم يتحقق. لماذا ؟ هناك عدة روايات لذلك. إحداها أن مسؤولاً رفيعاً في الموساد أقنع أولمرت بأن الإيرانيين ربما أدركوا أنهم على وشك ضرب فخري زادة، وأنهم كانوا يعدون كميناً للقتلة. لذلك أمر أولمرت دغان بإلغاء العملية. عاد دغان إلى مقر الموساد وأخبر من يديرون ملف الاغتيال عن الغاء العملية، وسط تحفظ كبير.
من ناحية أخرى، يدعي أولمرت أن داغان نفسه هو من ألغى العملية، وأنه خشي على مصير القتلة وأنه "في بعض الأحيان تكون هناك ظروف لا تسمح بتحقيق المطلوب، وهذا لا علاقة له، برئيس الموساد او رئيس الوزراء ".
في كلتا الحالتين، من الوثائق الموجودة في الملف، لا شك في أن فخري زاده واصل العمل في هذه الأثناء. لقد استغرق الأمر من إسرائيل ما لا يقل عن خمس سنوات لاكتشاف خداعه النووي الكبير.
فقط في عام 2008 تم الكشف عن أن فخري زادة كان يبني موقعًا ضخمًا لتخصيب اليورانيوم في أعماق شبكة من الأنفاق، في عمق الجبال في منطقة فوردو بالقرب من قم. بالمناسبة، هذا الاكتشاف أيضًا، كان بالصدفة.
في إسرائيل ظهرت إمكانية اغتيال فخري زاده مرة أخرى. وحذر الموساد من أن مثل هذا الاغتيال سيكون إشكالية الآن.
السبب: اتضح أن أمريكا أوباما تفاوض إيران من وراء ظهر إسرائيل. وفي حالة يتفاوض فيها صديق إسرائيل الكبير مع طهران، لن تقضي إسرائيل على عالمها النووي رقم (1). لذا حاولوا في اسرائيل الاعتراض، وشاهدوا على مضض كيفية سير المفاوضات التي أدت في نهاية الأمر إلى التوقيع على الاتفاق النووي مع ايران في العام 2015.