فلسطينيو 48 ، معاناة الماضي والحاضر

د. ناصر ناصر

كاتب وباحث سياسي

فلسطينيو 48 معاناة الماضي والحاضر  

بقلم ناصر ناصر

9-1-2021




لا تقتصر معاناة الفلسطينيين داخل الخط الأخضر على ما يتعرضون له من ظلم وعنصرية يهودية، كان أحد تجلياتها قانون القومية فحسب، ولا ما يتعرض له مجتمعهم من عنف وقتل وإطلاق نار وصل إلى محاولة اغتيال شخصية وقامة من قامات فلسطين الدكتور سليمان اغبارية رئيس بلدية أم الفحم سابقًا وأحد قادة الحركة الإسلامية الشمالية برئاسة الشيخ الملاحق دومًا والأسير حالياً رائد صلاح، بل تعدى ذلك إلى معاناة سياسية من نوعٍ آخر تمثلت في توجهات غريبة نحو تأييد حزب الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو.

أشارت صحيفة يديعوت أحرنوت في تقرير لها في ملحق 7 أيام يوم أمس الجمعة وتحت عنوان "بيبي يا حبيبي" إلى احتمالية تصويت عشرات آلاف الفلسطينيين لأول مرة في حياتهم لحزب الليكود، وذكرت بعض الشهادات اللافتة للنظر والغريبة بعض الشيىء عن الأصالة والوطنية الفلسطينية التي تدعو للكرامة وعدم التخلي عن الهوية الوطنية والإنجرار خلف قيادات ورموز السياسات العنصرية في إسرائيل بحجة بدنا نعيش.

ومن تلك الشهادات ما نقلته الصحيفة عن شخص يسمى مصطفى حبوب من أم الفحم يقول: إذا كان بيبي قد نجح في صنع السلام مع خمس دول عربية ونحن جزء من العرب فهذا يعني إنه يتعامل معنا كمتساوين، نتنياهو تغير للأفضل ولا يهمني ما هي دوافعه، المهم أنا أريد مساواة وأريد كهرباء وبنية تحتية وميزانيات.

أما مواطن آخر ويدعى هشام سليمان فيقول وفق يديعوت أحرنوت نحن شعب واحد، لا محمود عباس ولا بطيخ، نتنياهو هو الأفضل، بدون العرب كيف ستبنون بيوتكم ؟ من سيجهز لكم الأكل ؟ ومن سيقوم بأعمال الصيانة والتصليح ؟ وبدون يهود كيف سيكون لدينا تكنولوجيا متطورة وبنوك واقتصاد.

أقول: إن تنامي مثل هذه المواقف المرفوضة وطنيًا وأخلاقيًا هو أحد أهم أشكال المعاناة السياسية للفلسطينيين داخل الخط الأخضر، وقد تكون قد وجدت ما يشجعها ويدعمها بعد مواقف السيد منصور عباس من الحركة الإسلامية الجنوبية والذي تقارب في الفترة الأخيرة مع بنيامين نتنياهو، وقد يظهر هذا جليًا حجم الفجوة السياسية بين الحركة الإسلامية الشمالية والجنوبية.

وقد يكون ما كشفه آدم راز في ملحق هآرتس الجمعة 8-1 تذكيرًا للمتدفقين نحو الليكود، والمندلقين نحو شراك وكمائن نتنياهو، حيث كتب عن الحكم العسكري القمعي الذي ساد مناطق الفلسطينيين في الداخل وخضع له أكثر من 85% منهم لمدة 18 عام، فقد نقل عن يهوشع بالمون مستشار رئيس الوزراء تأكيده قيام رجال الحكم العسكري في المثلث باستخدام ما أسموه ضغط غير قانوني في التحقيق مع السكان، ونقل راز شهادات أخرى عن استخدام يد فولاذية من قبل السلطات وعن لغة فظة وعنف ضد الأطفال، وتحديدًا تهديدات بضرورة التصويت لصالح مرشح معين.

كما كشف اعترافات لبعض أفراد الشرطة الاسرائيلية: هل زرعوا فيك الشعور بأن العرب هم أعداء دولة اسرائيل ؟ فأجاب الشرطي: نعم، هل كنت ستقتل أي فرد منهم حتى لو كان طفلا؟ قال : نعم.

ثم أضاف الكاتب راز: لقد تم تفكيك آليات الحكم العسكري، ولكن روحه ما زالت قائمة داخل الخط الأخضر وفي الضفة والقطاع، فهل يدرك الواهمون من فلسطينيي 48 ما أدركته الأغلبية الساحقة من أبناء شعبهم بأن إسرائيل هي دولة إحتلال استيطاني، وبأن الليكود هو حركة عنصرية لا تريد الخير للعرب والفلسطينيين؟

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023