الصفقة والفرصة النادرة .. بقلم / معاذ ابو الشريف

الصفقة والفرصة النادرة

بقلم /  معاذ ابو الشريف  

لا زال ملف تبادل الأسرى يراوح مكانه منذ نهاية الحرب على غزة عام 2014 ، بسبب المراوغة الإسرائيلية وهروب نتنياهو من كابوس دفع الثمن باسترداد الجنود الأسرى في قطاع غزة ، من جانبها فقد أبدت حركة حماس مؤخرا مرونة في موقفها في الملف وقدمت مبادرة إنسانية جوهرها البدء في صفقة جزئية تشمل الأسيرات والاسرى المرضى وكبار السن والأشبال مقابل معلومات حاسمة حول الجنود الأسرى لديها .

إن حركة حماس اليوم تقف أمام  منعطف حاد بشأن ملف التبادل وفرصة نادرة لإنجاز هذا الاستحقاق الوطني الكبير انطلاقا من ( مبادرة السنوار ) التي يجب أن تكون وقودا لانطلاق هذه الصفقة ،وأن تستخدم الحركة بذكاء ما لديها من أوراق قوة لإلقاء مزيد من الحطب كلما لزم الأمر ، بما يضمن استمرار هذا الحراك وقطع الطريق على الاحتلال إن حاول التملص والمراوغة في السنة السادسة من عمر الملف .

الفرصة مؤاتية لعدة أسباب : أولا : البيئة العالمية المتوفرة لإطلاق سراح السجناء بالآلاف في مختلف دول العالم بسبب جائحة كورونا التي تضرب في كل مكان و الخطورة الحقيقة على الأسرى في سجون الاحتلال ،فدخول الوباء على أقسام الأسرى بات مسألة وقت .

ثانيا : انشغال الرأي العام الإسرائيلي وخروجه نسبيا من حسابات رئيس الحكومة نتنياهو بشأن إطلاق سراح الأسرى في ظل اجتياح أخبار كورونا لكافة وسائل الاعلام الإسرائيلية .

ثالثا : العامل الأهم في تشكيل الفرصة هو حكومة نتنياهو - غانتس المدعومة من أكثر من سبعين نائبا في الكنيست ، لاسيما أن الاثنين مسؤلان بشكل مباشر عن إضاعة جنودهما الأسرى المأسورين لدى كتائب القسام في حرب غزة 2014 ، ويجب الانتباه أن هذا التحالف يشكل وحدة هشة بين الخصوم وقد تنهار في اي لحظة إلى جانب تهديد القضاء لنتنياهو مما يفرض على المقاومة اخذ هذه الملاحظة في الحسبان في خطتها لتحريك الملف وصولا للهدف المنشود .

رابعا : حالة اللايقين من المستقبل أي بعد الوباء التي تسود المنطقة والعالم  فالهزات الارتدادية للوباء لا يمكن التنبؤ القطعي بقوتها في ظل الحديث عن انهيارات استراتيجية في النظام العالمي بأسره ،وما يمكن أن ينجم عنها من اضطرابات وثورات سياسية وعسكرية واقتصادية واجتماعية ، الأمر الذي يهدد بشكل استراتيجي قيمة ما تملكه المقاومة من أوراق قوة .

إنّ ما أوردناه آنفا من أفكار لا يعني بالقطع الدعوة لاتخاذ خطوات متسرعة وغير مدروسة ، ونعتقد أن المقاومة تملك من الحنكة والذكاء والخبرة ما يقيها من الوقوع في مطبات مهلكة ،وهذا لا يعني كذلك عدم المراجعة والتقييم وتجاوز الأخطاء ، بكلمة : إن البيئة السياسية باتت جاهزة اليوم أكثر من اي وقت مضى للمضي قدما في إنجاز هذا المشروع في هذه الظروف الحساسة وقد التقطت سيادة المقاومة طرف الخيط فعلا وما عليها الا إكمال هذا المسار بعزم وحكمة . وعدم إضاعة هذه الفرصة الثمينة وإعادة الملف إلى ثلاجة الإنتظار ..

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023