بقلم: ناصر ناصر
21-9-2021
معيارين رئيسيين ينبغي أن يحددا موقف الفلسطيني الحر والعاقل من الانتخابات المحلية ل 387 هيئة محلية منها 11في قطاع غزة في 11-12-2021، أما الأول فهو مدى تقديم أو تأخير هذه الجولة من الانتخابات للشراكة الوطنية ومساهمتها في مواجهة الانقسام البغيض، والثاني فهو هل تقدم هذه الانتخابات الديموقراطية الفلسطينية الحقيقية ام تسهم في تجاوزها أو التلاعب بها؟
المعيار الأول: من الواضح بأن قرار إجراء هذه الانتخابات قد تم اتخاذه دون مراعاة أو إبداء لأي اهتمام للمرحلة الحساسة التي يعيشها شعبنا من انقسامات وخلافات جوهرية في الرؤى والتوجهات، مما يعني انها خطوة تتجاوز التوافق الوطني، وبالتالي فلن تسهم على الأرجح إلا في تعزيز الانقسام وإضعاف احتماليات المصالحة والشراكة الوطنية، أو على الأقل لن تخدمهما، ومن هنا تبرز المشكلة المركزية الأولى لهذه الانتخابات.
أما وفق المعيار الثاني: فالديموقراطية تعني فيما تعني عملية انتخابات شاملة حرة ونزيهة وليست انتقائية أو مجتزئة فمن تهرب من إجراء استحقاقات ديموقراطية ووطنية كبرى وأساسية كإجراء انتخابات المجلس الوطني والمجلس التشريعي، ويسعى لإجراء انتخابات خدماتية محدودة ومدروسة بعناية ومختارة بشكل يهيأ للمراقب انها تخدم مصالح خاصة على الأقل من وجهة نظر فئات واسعة من الشعب الفلسطيني، من يفعل ذلك لا يمكن ان يكون حريصا على تعزيز أو بناء الديموقراطية الحقيقية، بل سيؤدي الأمر لتشويه هذه الديموقراطية واخضاعها لمصالح سياسية ضيقة لنخبة حاكمة أظهرت الاستطلاعات ان أكثر من 80% من الجمهور لا تثق بها.
وهكذا فان سقوط قرار الانتخابات المحلية في امتحان "المعيارين " السابقين يعزز من ثلاث فرضيات ويؤكد استنتاج رئيسي واحد على النحو التالي:
أولا: قرار الانتخابات المحلية في مرحلتها الأولى 11-12 هو محاولة للالتفاف وتجاوز استحقاقات وطنية وديموقراطية فلسطينية أولى وأهم، وقد يهدف هذا الى تقديم صورة للسلطة وكأنها ديموقراطية، ولكن يعلم "الخبراء" والمراقبين العاديين انها غير حقيقية، وقد يكون الهدف الحقيقي من ذلك هو تبرير استمرار مشروع السلطة الفلسطينية بشكله الحالي: استمرار العلاقة الأمنية مع اسرائيل، لا مصالحة ولا ديموقراطية، أي مشروع اوسلو بأسوأ صوره وتجلياته.
ثانيًا: قرارات السلطة الفلسطينية ما زالت تُتخذ بشكل فردي وبعيداً عن الحوار الوطني وكأن قادتها قد تشرّبوا الفردية، وكأنهم استمرؤوا الانقسام واتخذوه مطية لتحقيق أهدافهم الضيقة ولن يعلنوا ذلك بالطبع أبداً.
ثالثا: قرار الانتخابات المحلية يهدف لاستنزاف طاقات القوى والفصائل الوطنية الفلسطينية في معارك ثانوية وقد يمتص احتقانات محتملة ويُظهر السلطة بمظر خادع وهو "المهاجم" ديموقراطيا ووطنيا.
أما الاستنتاج الرئيسي فكالتالي: لأن هذه الانتخابات المحلية تأتي وكأنها معزولة من سياقاتها الطبيعية ومنزوعة من مقدماتها الضرورية، ولأنها لا تبدو حرصا من السلطة على الديموقراطية الفلسطينية المنتهكة يومياً، أو رغبة منها في الاستماع الى نبض الشارع الفلسطيني والاستجابة لمطالبه وتحقيق آماله وتطلعاته في الحرية والديموقراطية والمصالحة الوطنية.
ولانها لا تؤدي في مآلاتها الراجحة بتقديم الشراكة والمصالحة الفلسطينية ولأنها تبدو أكثر استجابة لعوامل خارجية واخرى داخلية غريبة تهدف لتعزيز السيطرة والتحكم والتفرد في القرار الفلسطيني.
نتيجة لكل تلك المبررات لا بد من الاستنتاج الرئيسي التالي: لا يمكن للفصائل والقوى الوطنية ان تشارك أو تشرعن هذه الخطوة المجتزأة والمنتقاة ل "مآرب أخرى "، وأقصى ما يمكن فعله هو الاعتماد على أبناء شعبنا الأذكياء يفعلون ما يرونه مناسبا بالمشاركة أو المقاطعة، وفي المقابل في الاستمرار في البحث عن مقاربات حقيقية للمصالحة الوطنية وتعزيز الديموقراطية الفلسطينية.