تمثل منطقة الأغوار أهمية استراتيجية لإسرائيل, كونها تعتبر العامل الأهم في الحفاظ على أمنها القومي, لذلك لا تعتزم التخلي عنها بأي شكل من الأشكال, وقد بدأت الأطماع الإسرائيلية بهذه المنطقة في العديد من المحطات التاريخية لإسرائيل, حيث برزت هذه الأطماع في "خطة آلون 1968م", ومخطط "الجادة المزدوجة 1975م", وحتى تصريحات القادة الإسرائيليين طيلة فترة الوجود الإسرائيلي على أرض فلسطين.
تكمن أهمية الأغوار بالنسبة لإسرائيل في أنها:
- تعمل على توسيع حدود إسرائيل الشرقية, لاعتقادها بأنها مهددة دائماً من جيرانها, وخاصة في جبهتها الشرقية.
- تمثل خطراً دائماً على أمن إسرائيل, نتيجة لما أفرزته حالة الاحتلال الإسرائيلي من عداء داخل المجتمع الفلسطيني, وهو ما يجعل إسرائيل في حالة قلق دائم.
- حسب الزعم الإسرائيلي فإن منطقة الأغوار تعتبر خالية من السكان, وهي في نظر الإسرائيليين "أرض بلا شعب", ما يجعل عملية الضم أسهل لدى قادة الاحتلال.
- ما تتمتع به منطقة الأغوار من ثروة زراعية وسياحية, إضافة للثروة المائية التي تجعل إسرائيل في حالة قلق دائم إذا لم تقم بضمها, خاصة في ظل الأزمة الإسرائيلية الحالية وشح الموارد لديها.
- إن السيطرة على الأغوار يعني ازدهار المستوطنات بشكل كبير, وهو ما يوحي باستمرار المستوطنات ونموها و بقائها لأطول فترة ممكنة.
من ناحية أخرى, تعتبر السلطة الفلسطينية أن منطقة الأغوار هي الجزء الأهم الذي تبقى لها من مقومات إمكانية بقاء دولتها, كونها تمثل الشريان المغذي لباقي أجزاء الدولة, فمن خلال هذه المنطقة يمكن للدولة الفلسطينية أن تنمو وتزدهر وتعيش.
أما أهمية الأغوار بالنسبة للسلطة الفلسطينية فتكمن في:
- ما تتمتع به منطقة الأغوار من ثروة زراعية ومائية وكذلك السياحة, وهذه الموارد من شأنها المساعدة على ازدهار الدولة الفلسطينية في المستقبل, حيث تعتبر منطقة الأغوار بمثابة السلة الغذائية للضفة الغربية, مما يجعل سيطرة إسرائيل عليها بمثابة ضربة موجعة للاقتصاد الفلسطيني.
- تعتبر منطقة الأغوار ضمن الأراضي التي احتلت عام 1967م, لذلك فإن خطة ضمها تنسف ما تبقى من خيارات حل الدولتين, الأمر الذي يرفضه الشعب الفلسطيني بكل شرائحه ومكوناته.
- أن وجود منطقة الأغوار في يد الفلسطيني تعطي اطمئناناً بوجود العمق الأردني للفلسطينيين, وبالتالي فإن ضمها لإسرائيل توحي ضمنياً بالانفكاك الفلسطيني الأردني, وبالتالي وجود فجوة كبيرة في العمق العربي للدولة الفلسطينية.
- أن منطقة الأغوار تمثل مساحة واسعة للفلسطينيين في الضفة الغربية, وبالتالي فإن ضمها يحصر الفلسطينيين في منطقة ضيقة وبالتالي تستطيع إسرائيل السيطرة على بقية مناطق الضفة الغربية بسهولة.
بناءً على ما سبق فإن تهديدات بنيامين نتنياهو بضم منطقة الأغوار تواجهها مجموعة من التحديات وهي:
تحديات داخلية/ تتمثل في رفض أحزاب المعارضة لهذه العملية ومنها "حزب أزرق أبيض" دون موافقة المجتمع الدولي, حيث اشترطت الولايات المتحدة موافقة جميع الأطراف في الداخل الإسرائيلي على خطة الضم.
تحديات خارجية/ وتتمثل في رفض الاتحاد الأوروبي من ناحية, والدول العربية خاصة الأردن من ناحية أخرى تحدياً جدياً لعملية الضم, كذلك صلابة الرئيس والقيادة الفلسطينية وتهديداتهم بالتصعيد في حال تم الضم.
استناداً لما سبق, يصعب التنبؤ بتنفيذ رئيس الوزراء الإسرائيلي وعده بالضم الكامل في الموعد المحدد وهو 1 تموز/ يوليو 2020م, ومن المرجح أن يعمل على ضم بعض المستوطنات في الضفة الغربية, ومن ثم يبدأ عملية الضم بالتدريج, طالما أن الوضع الفلسطيني والعربي في ترهل وضعف مستمرين, وبالتالي فشل مشروع التسوية السياسية في المنطقة, وأعتقد بأن ذلك يمكن أن يكون بداية لتأجيج الصراع في المنطقة, ودخول دول جديدة في الصراع ربما الأردن تكون أحد أطرافه الأساسية.
ختاماً: فإن الغموض في التصورات المستقبلية لهذه الخطة يكتنف الكثير من المحللين والكتّاب, لكن كافة السيناريوهات تخلو من التفاؤل خاصة في المرحلة المقبلة, لذلك يتوجب على الفلسطينيين الابتعاد عن التشاؤم, وعدم الخضوع للعجز في مواجهة حلول خلاقة لمواجهة السياسة الإسرائيلية المتطرفة, كما يمكن في هذا المقام وضع العديد من الخيارات الممكنة على طاولة صانعي القرار الفلسطيني لمواجهة هذه الخطة وهي:
1- أن يسبق الرد الفلسطيني الفعل الإسرائيلي لإرباك وإبراز عجزه, كما يمكن أن تكون ردة الفعل الفلسطينية على النحو الآتي:
- سحب اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل.
- وقف التعامل باتفاقية أوسلو وما تلاها من اتفاقيات ملحقة لها.
- الاشتباك مع الاحتلال الإسرائيلي وفق قواعد المسؤولية الدولية.
- تفعيل النضال الشعبي على الأرض, تمامًا كما حدث في الثاني والعشرين من يونيو 2020م في مهرجان أريحا الرافض لخطة الضم.
- إدخال عناصر فاعلين جدد إلى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مثل الأردن, والاتحاد الأوروبي.
2- فرض عقوبات على إسرائيل, من خلال رفع قضايا في محكمة الجنائية الدولية على قادة الاحتلال, كما حصل في:
- قضية مقتل المُسعفة رزان النجار
- قضية حرق الطفل أبو خضيرة
- قضية قرصنة أموال المقاصة
- قضية غش وتدليس في تنفيذ إسرائيل لاتفاقية أوسلو, وحرق المرحلة النهائية.
بقلم الباحث/ علاء أبو زيد
ماجستير دراسات إقليمية- دراسات عربية- التاريخ/ 23 يونيو/2020م