مؤشرات تأجيل الضم, وتداعياته على القضية الفلسطينية
يعتبر الكنيست الإسرائيلى مفتاح الخريطة السياسية الإسرائيلية, لأنه يشكل نبض الشارع الإسرائيلى بكل مكوناته, فمن خلاله يتم بلورت الخطط الاستراتيجية, والمواقف السياسية لدى صانع القرار السياسى الإسرائيلى, وبما يخص خطة الضم, فقد ظهر جليًا فى مرحلة الانتخابات الأخيرة تأييد الكنيست الإسرائيلى لعملية الضم, وقضم الأرض الفلسطينية, وسرقتها, إلا أن كل المؤشرات الحالية – التى سيتم مناقشتها خلال هذه الورقة- تدل على فشل إسرائيل فى استكمال مخططاتها الاستعمارية من خلال ما يعرف بخطة الضم, وهذا ناتج عن مجموعة من المواقف, والسياسات الفلسطينية التى نجحت فى التحشيد والتأطير العربى والدولية, وخير مثال على ذلك, المسيرة الحاشدة فى منطقة الأغوار, والتى شارك فيها جميع الممثلين الدبلوماسيين عن دول العالم بما فيهم الصين.
مؤشرات تأجيل خطة الضم:
الموقف الإسرائيلى:
أظهرت استطلاعات مراكز الرأى الإسرائيلية مؤخرًا بأن 4% من الشارع الإسرائيلى يرون فى خطة الضم, ضرورة مُلحه للحفاظ على الأمن القومى, بينما 69% من المجتمع الإسرائيلى يعتقدون أن الأكثر أهمية, الأزمة الاقتصادية خصوصًا فى أعقاب انتشار فايروس كورونا.
كما أن الخلاف داخل الحكومة الإسرائيلية, وخارجها يشكل أحد أهم المعوقات, خصوصًا بعد أن اشترط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موافقته على خطة الضم: بموقف موحد من جميع مكونات الشعب الإسرائيلى.
الموقف الأمريكى:
انقسم الموقف الأمريكى إلى قسميًا, الموقف الأول: تمثله إدارة الرئيس ترامب التى وضعت مجموعة من المحددات للبدء فى عملية الضم أهما: الانتهاء من عمل اللجنة الأمريكية – الإسرائيلية المشتركة, التى تم تشكيلها لرسم الخرائط عقب الإعلان عن ما يعرف بصفقة القرن, بالإضافة إلى توحد الموقف الإسرائيلى تجاه عملية الضم داخل الحكومة وخارجها.
أما الموقف الثانى: فقد عبر عنه الديمقراطيين برفض عملية الضم من خلال مرشح الرئاسة الديمقراطى جو بايدن, وقد أعلن تأييده لقيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام (1967م), لذلك فإن رئيس الوزراء الإسرائيلى يسابق عنصر الزمن لتمرير مخططاته فى ظل دعم الرئيس الأمريكى الحالى دونالد ترامب, خصوصًا بعد أن أظهرت بعض مراكز الرأى أن نسبة نجاح الرئيس ترامب بولاية ثانية لا تتجاوز الـ 30%.
الموقف الأوروبى:
عملت إسرائيل طوال الفترة الماضى على شرذمة الاتحاد الأوروبي, من خلال بناء علاقات قوية مع بعض دول الاتحاد الأوروبي, الأمر الذى أدى إلى كسر القاعدة الثابت في الاتحاد الأوروبي بتصويت الأغلبية على أى قرارات, فعندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية, وإسرائيل يكون الموقف مختلف, ورغم ذلك فإن موقف بعض الدول الكبرى فى الاتحاد الأوروبي مثل ايرلندا, وفرنسا, واسبانيا, يشكل عقبة أمام أطماع إسرائيل, خصوصًا بعد رفض الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على أراضى الضفة الغربية المحتلة عام (1967م), واعتبار أن أى عملية ضم لتلك الأراضى يشكل انتهاك للقانون الدولى, الأمر الذى يحتم على الاتحاد الأوروبي اتخاذ خطوات, واجراءات عقابية على دولة إسرائيل على غرار العقوبات التى اتخذتها ضد روسيا عندما قامت بضم جزيرة القرم, لاعتبار أن قرار الضم هو اجراء أحادى الجانب, ومخالف للقانون الدولى العام, ومقاصد الأمم المتحدة, وأهدافها.
الموقف الأردني:
أعلنت الأردن أنّ أى إقدام إسرائيلى على عملية الضم يعنى إلغاء اتفاقية وادي عربة, ووضع التعامل الاقتصادي والأمني على المحك, مما سيؤثر بشكل جوهري على العلاقات الأردنية- الإسرائيلية, والجدير ذكره أن الموقف الأردنى هو الأكثر وضوحًا من بين المواقف العربية تجاه عملية الضم.
عملية الضم.
الموقف الفلسطيني:
عطفًا على ما سبق, فإن إسرائيل لن تُقدم على خطة الضم بشكل كامل, وربما تقوم بتأجيل عملية الضم أو العمل على تنفيذها بشكل تدريجى.
وعلى ضوء هذا السيناريو، فإن إسرائيل–ككيان موحد- ومن خلال موقعها فى الشرق الأوسط كدولة محورية لن تقبل بالهزيمة, لذلك فإن تأجيل خطة الضم من الممكن أن يترتب علية مجموعة من الخطوات الإسرائيلية, أهما:
وبالتالي، فإن هذا السيناريو يفتح الباب مشرعًا أمام مجموعة من التساؤلات المهمة التالية:
هل تستطيع القيادة الفلسطينية توظيف نجاحها فى تأجيل خطة الضم مستقبلًا؟, وهل من الممكن العمل على بلورت خطة استراتيجية وطنية لمواجهة الخطوات الإسرائيلية القادمة؟
بالتأكيد هذا ما ستجيب عنه الأيام القليلة القادمة.
بقلم/ علاء الدين عزت أبو زيد
باحث سياسى- فلسطين
اليوم/ الاثنين الموافق/ 29-6-2020م
Laztabwzyd@gmail.com