تبادل الأسرى بين الخطاب والإنجاز
بقلم ناصر ناصر
14/03/2022
هل نجحت دولة الاحتلال الإسرائيلي في تحويل إمكانيات التبادل التي رفعها الخطاب الفلسطيني العام في العقد الأخير الى درجة "القريبة والحقيقية" ويبدو أن ذلك قد حصل؛ بسبب نشوة التبادل الأولى 2011 أو تعويضاً ومواساةً لمن تم تركهم من الأسرى رغم عشرات السنين من المعاناة، أم رفعاً ضرورياً لمعنويات أولئك الذين ضحوا بكل ما يملكون تحت ضربات القصف الجوي والبري الصهيوني الأعمى رداً على بطولات المقاومة وخيبة جندوهم في قطاع غزة، أو بتأثير من "الأوراق السرية" التي تمتلكها المقاومة وما زالت تحتفظ بها ومنذ حوالي 8 سنوات "في صندوق أسود" فيه ما يسعف جراح الفلسطينيين النازفة في السجون وكافة أنحاء فلسطين.
هل نجح الاحتلال وهو خائب في كل حال بتحويل تلك الإمكانيات إلى أماني أو حتى أوهام يستمسك بها ضحاياه داخل وخارج الأسر، وإن نجح فعلاً فهل هو نجاح مؤقت سيتبدد ويتحول إلى خيبة فور فتح الصندوق الأسود والإعلان عن قوائم الأسرى الذين اضطرت إسرائيل للإفراج عنهم وعلى رأسهم المؤبدات والقدامى وغيرهم رغم أنف الاحتلال؟
ثم هل هو الاحتلال الذي نجح أم أننا كفلسطينيين نحن من أخفقنا وسمحنا للمماطلة ومخادعة الاحتلال المعهودة بالسيطرة على المشهد وتبديد امكاناتنا وطاقاتنا الحقيقية على الأرض بما ؟
في ذلك بسبب الخطابات مرتفعة الوتيرة والتي بدت حتى اللحظة غير مجزية ولم تحقق أهدافها المطلوبة، مع أنّ أحداً لا يمتلك الإجابة القطعية على أسئلة التبادل الأمنية وهو بحد ذاته إنجاز تكتيكي كبير لصالح المقاومة ومن الممكن تدريسه في فنون الحرب والصراع مع المحتلين، إلا أن خطابها الإعلامي المرافق والمقيد بكثير من القيود ،ولكنه حمل الكثير من الوعود المرتفعة والتي كان آخرها الوعد الواضح بأطلاق ستة أسرى مؤبدات من نفق الحرية في جلبوع أيلول 2021 قد أدى إلى نتيجتين مركزيتين، ولكن ومن المرجح انهما غير مقصودتين بداية- وهما:
أولاً: رفع سقف توقعات الفلسطينيين وتحديداً الأسرى وعائلاتهم بصورة كبيرة وقد تكون أكثر من اللزوم وأخطر من المتوقع.
ثانياً: منع هذا الخطاب فيما يبدو الكثير من الفرص والمبادرات الفردية الهامة والتي شكّلت عبر السنين معظم محاولات الأسر وتحديداَ في العقدين الأخيرين ومقاومة الضفة تعتمد بالأساس على المبادرات الفردية كما هو معلوم.
أخيراً: فإنّ حرية وكرامة أسرى الشعب الفلسطيني تستحق منّا تقييمًا وإعادة النظر في سياسات تحريرهم وخاصة من قبل أولئك المجاهدين العظام الذين مثلوا وما يزالون شرف الأمة وكرامتها.