سليماني والجعبري ... في نهر الجنون بقلم أ. علي المغربي

سليماني والجعبري ... في نهر الجنون

نهر الجنون .. مسرحية تتحدث عن ملك رأى في منامه؛ أن ثعابين تنزل من السماء وتبث السم في النهر الذي يمر بمملكته، وأن كل من سيشرب منه سيصبح مجنونا .. فيشرب كل من في المدينة، حتى الملكة وكبير الكهنة والأطباء إلا هو ووزيره ...


ويبدأ صراع محموم خلاصته، إما أن يشرب هذا الملك كباقي الرعية ليحافظ على ملكه وإما ألا يشرب، وبالتالي قد يخسر نفسه وملكه ولكنه يحتفظ بجوهرة عقله وقوة مبدئه.

عام 2012 تجرأت "إسرائيل" واغتالت "أبومحمد الجعبري" قائد أركان القسام بعد فترة من هدوء الاغتيالات، واستهداف الشخصيات الكبرى، في محاولة منها لتمرير الحدث وإعطاء جرعة قوية ومركزة لجسد المقاومة، وتأكيدا لمقولتها الشهيرة ( هحشبون نسغار) الحساب أغلق والفواتير تصفرت ..


وأمام هذا النهر العظيم من الجنون الجارف للمنطقة، التي رضيت بحتمية الحال، ودوران عجلة الزمن في صورة تسليم لتتار هذا العصر (الانتظار واقفا حتى يؤتى بالسيف وتقتل) كان على المقاومة إما أن تسلم بسياسة إغلاق الحساب وإما أن تصفر الحساب مباشرة مع المحتل، وللثاني كيُ وعيٍ ضد الردع الذي أراد المحتل، ورفضا لتبني سياسة العجز والتسليم، فلم يمر 24 ساعة حتى قصفت تل أبيب، تحت شعار نعطش حتى تروى نفوسنا بصفو المبدئ وشيء من دماء العدو ... فعشنا منعة العزة ونعمنا بجرأة القرار حتى الآن ..


وعودة للملك .. وبعد صراع كبير مع الذات ينصح الوزيرُ الملكَ بأن يشرب من ماء النهر ويسلم لحالة المجموع، وألا يشذ بما يراه صوابا، فخطؤ شائع خير من صواب مهجور ...


فيقول الملك : إنه من الجنون ألا أختار الجنون .. إنه من الجنون أن أوثر العقل على الجنون .. أعطني كأسا من ماء النهر ...
وبالتالي يحافظ على ملكه وسلطانه ويخسر مبدأه وسلامة وسلاح عقله..


فهل ستؤثر طهران الجنون؟؟ أم ستنعم بحسن قرارٍ، وكياسة تصرف، تردع بها أعداءها، وترسم حدودا لحلبة النار والصراع معها ...


ولا تنس أن المبادئ وساعات الحسم لا تعير اهتماما لقيد ولا سجن كبير أو صغير، فجرأة المس بأصل الوجود تحتاج لعملية قلب مفتوح ...

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023