الخطر الإماراتي

د. ناصر ناصر

كاتب وباحث سياسي

الخطر الاماراتي 
بقلم ناصر ناصر 
18-8-2020 


تشكل الامارات بقيادة محمد بن زايد تهديداً وخطراً حقيقياً على حاضر ومستقبل المنطقة من خلال اتباعها سياسة عدوانية اتجاه شعوبها وخياراتها الديموقراطية والنهضوية وتحالفها المعلن بوقاحة والمدعوم أمريكياً مع عدو العرب والمسلمين الأول منتهك قبلة المسلمين الأولى وهو الاحتلال بصيغته الأكثر تطرفا-اليمين الاستيطاني بزعامة نتنياهو ، والذي وصل ذروته باعلان اتفاق التطبيع بين البلدين الخميس الماضي فيما يبدو كتعزيز وتتويج لمحاولات وقف نهوض الأمة من خلال محاربة قواها التقدمية الحية وعلى رأسها قوى الحركة الاسلامية ، وتحت شعار زائف وبرّاق وهو محاربة ايران ،ومحاربة تركيا -وإن بشكل أقل علانية كقوة اسلامية معتدلة صاعدة ومتصالحة مع الشعوب- فمن يوقف هذا الخطر الاماراتي ؟ 
قد يبدو الخطر الاماراتي في هذه الأثناء أعظم خطراً من التهديد الاسرائيلي اللاستيطاني التوسعي ، بما يشكله من جبهة متقدمة أو خط دفاع أول عن الاستبداد والتخلف العربي والاسلامي التابع لأمريكا واسرائيل ، فأينما حدثت محاولة نهوض عربية أو اسلامية في هذا البلد أو ذاك ، كان الملك ابن زايد لها بالمليارات ، وقد تكون ضحاياه أكبر عددا وأضراره أعظم تأثيراً على مستقبل النهوض العربي من ضحايا المستوطنة الأجنبية على أرض فلسطين ، هذا إن افترضنا أن الامارات عامل هدم مستقل وليس عاملاً تابعاً أو أداةً بيد المستوطنة ومؤسسيها .
يتميز الخطر الاماراتي بقدرته العالية على الإختراق ليس بفضل عقول أصحابه الخارقة وإنما بسبب أمواله " الطبيعية الهائلة "" 1.3 تريليون دولار " المتحالفة أو بشكل أدق المسيّرة من عقول أجنبية مدربّة ،وقد تكون شركة التكنولوجيا الاسرائيلية NSO نموذجاً مصغراً لهذا الأمر ، وعليه استطاع الاماراتيون ( الأجانب عن ضمير وعقل وإرادة ومستقبل الأمة ) تصفية العديد من الأهداف والشخصيات والآمال الواعدة في كافة أنحاء الوطن العربي والعالم خدمةً لاستراتيجية الهدم والتدمير الى أن يَسّرَ الله بداية سقوطهم على أبواب اسطنبول حيث حمل الاتراك جيشا وشعبا خيارهم ومستقبلهم الديموقراطي الواعد وقد تكون طرابلس ومن قبلها الدوحة سداً منيعاً آخر في وجه استمرار الأختراق الأجنبي من خلال الامارات للمنطقة ، ومع ذلك فالخطر ما زال محدقاً ويتقدم . 
كما يمكن ملاحظة ميزة أخرى لهذا الخطر المحدِق بالأمة وهو تفضيله لعدم المواجهة المباشرة في كثير من الأحيان واستخدامه للآخرين ، ها هو ابن زايد يرعى ابن سلمان ويضعه في واجهة الأحداث ، ومن الممكن ان فلسطين وظروفها المركبّة أجبرته مضطراً أن يكشف عن وجهه الحقيقي ويطبّع علانية مع اسرائيل الاستيطانية دون خجل أو وجل وبإدّعاءات كاذبة لمصلحة فلسطين ، فلأول مرة ستكون إمارات محمد ابن زايد رأس الحربة الواضح والمعلن في التطبيع نظرا لقيود موضوعية تمنع ابن زايد من دفع آخرين للواجهة ، بمعنى آخر فقد يكون تطبيع الامارات مع اسرائيل هو مؤشر ضعف لا مؤشر قوة لها ولمشروعها في المنطقة ، فهو يجلب لها المزيد من العار والشنار ، إلا أن ضرورات خدمة ترامب ونتنياهو في أزمتهم أعمت أبصارهم وحجبت شدة مكرهم . 
هي فلسطين إذن فاضحة كاشفة وهي نهاية كل مستبد ظالم لا يؤمن بيوم الحساب " فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا "
للخطر الاماراتي ميزات أخرى تجعله يبدو كمنافس للخطر الاستيطاني الأجنبي في فلسطيني ، وأرى أنه تابع وخادم أكثر منه حليف أو منافس ، فدولة الاحتلال الصهيوني ما زالت تحتكر وحدها تقريبا وبرعاية أمريكا بالطبع " سوق المخاطر والتهديدات " للشعب الفلسطيني والأمة العربية والاسلامية ، ولعل فلسطين بموقف فصائلها الموحّد كما ظهر اليوم في اجتماع كافة القوى في رام الله في مشهدٍ نادرٍ يبرز رغم الانقسام تُشكّل طليعة موقفٍ عربيٍ واسلاميٍ موحد ، وعلى الأقل على المستوى الشعبي والرأي العام ولدى بعض الحكومات الواعية في مواجهة التطبيع ووكلائه بل والخطر الاماراتي بشكل عام .

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023