ما خفي من الخيانة والبطولة كان أعظم
بقلم ناصر ناصر
14-9-2020
لم تكن الخيانات والمؤامرات ضد المقاومة الفلسطينية التي كشف عنها تحقيق الجزيرة ما خفي كان أعظم :الصفقة والسلاح بالأمس هو الجزء الأهم من التقرير -رغم أهميته الكبرى- فالشعب الفلسطيني وفي السنوات الأخيرة على وجه التحديد كان شاهدا على مواقف وتصريحات عربية وغيرعربية تكشف مدى ما تتعرض له المقاومة الفلسطينية وسلاحها الوطني الطاهر من تآمر وتحالف اجتمعت فيه أطراف عربية وحتى فلسطينية وإقليمية مع الاحتلال الاسرائيلي الغاشم ، ولكن الجزء الأهم من هذا التحقيق المميز كان إظهاره لمدى الإرادة والإبداع التي يتمتع بها المقاوم الفلسطيني ، وكذا الاصرار والتصميم على مواجهة الاحتلال الغاصب وعدم الخضوع لإملاءاته بحجة اختلال موازين القوى ، وتحت مبررات الواقعية السياسية والتي تعني في عيون البعض الخنوع والرضى بالأمر الواقع مهما كان مرّاً ومجحفاً ، هذه الارادة وهذا التصميم هو شرط من شروط صمود وانتصار الشعوب المقهورة .
لقد كانت قدرة رجال القس ام وهم درة تاج المقاومة الفلسطينية في الوصول الى سلاح وذخيرة سفينتين بريطانيتين حربيتين غارقتين في بحر دير البلح منذ الحرب العالمية الأولى ، ومن ثم استخدامها في تصعيد 2019 ، وفي المقابل النجاح في الوصول والاستفادة من أنابيب من البلاستيك المقوى وضعها الاحتلال خلسة قبل انسحابه من قطاع غزة لسرقة وامتصاص مياهها نموذجا ساطعا على ارادة القتال والصمود الفلسطيني في غزة وحرص المقاومة على الاعتماد على ذاتها لإدراكها مدى التآمر الذي يحيط بها ويعمل على حصارها وتجفيف منابعها .
لم يكن للمقاومة أن تقدم هذا النموذج فعلا وقولا لولا التفاف الجماهير الفلسطينية حولها وما حظيت به من ثقة وتقدير عاليين من الغالبية الساحقة من شعبنا في قطاع غزة ، حيث تشير بعض المعلومات -وقد لا يكون قد أشار لها التقرير- حول طريقة الوصول الى المعلومات التي أدت لاكتشاف الأنابيب البلاستيكية على سبيل المثال ،والتي جاءت من قبل مواطنين غزيين عاديين أرادوا المساهمة في الدفاع عن شعبهم وكرامتهم .وهذا يشير الى أن الحاضنة الشعبية هي شرط أساس من شروط صمود وتقدم المقاومة.
لقد زرع تحقيق الجزيرة آمالاً جديدة في نفوس أنصار وأصدقاء المقاومة اللذين تأكدوا مرة أخرى أن في غزة رجالا وعقولا تخترق الجو والبر والبحر بحثاً عن مقومات الصمود وإمكانات الانتصار ، وذلك في ظل وباء التطبيع وجائحة الامارات التي تستهدف قيم العروبة والاسلام . وأثار التحقيق توقعات بأن ما خفي من معلومات وأوراق قوة لم يتم الكشف عنها حتى الآن سيكون أعظم .