علمت «الأخبار» من مصادر في المقاومة الفلسطينية أن المفاوضات غير المباشرة عبر عدد من الوسطاء بشأن صفقة تبادل للأسرى أفضت إلى «تقدم واضح في الملف»، ولا سيما ما يتعلق بتقسيم مراحل الصفقة والحديث عن الأثمان التي على العدو الإسرائيلي دفعها مقابل جنوده الأسرى في قطاع غزة.
وعلى رغم أن تحرك حكومة العدو في هذا الملف يمثل اختراقاً، لكن مفاوضي المقاومة يخشون من أن هذا التقدم غير حقيقي ويمكن التراجع عنه، وأن الموقف الإسرائيلي محاولة لحرف الأنظار عن خطة ضم أجزاء من الضفة المحتلة الشهر المقبل، فضلاً عن إظهار حركة «حماس» في حالة تفاوض، حتى لو كانت غير مباشرة، مع العدو، في وقت من المفترض فيه التصعيد في الميدان.
إلى جانب التصريحات التي نسبتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية إلى وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، وفيها أنه أمر بتسريع الجهود للعثور على جثامين الشهداء الفلسطينيين في مقابر الأرقام لمساومة «حماس» عليها، يكشف مصدر مطلع على المفاوضات أن «مفاوضي الاحتلال نقلوا إلى الوسطاء (مصر ودول أوروبية) موافقتهم على شمل جثامين الشهداء ضمن المرحلة الأولى من الصفقة بجوار إطلاق الأسرى من النساء والأطفال والمرضى».
وفق «يديعوت»، المقصود هو تحديد جثامين الشهداء، خاصة التي مكانها غير معلوم الدفن، ويشمل ذلك جثامين منفذي العمليات بغض النظر عن انتماءاتهم التنظيمية. لكن هذه الخطوة مشروطة بموافقة «المجلس الوزاري المصغر» (الكابينت)، وأيضاً موافقة «المحكمة العليا» في حال قُدّمت التماسات.
ثمة قراءة أخرى تقول إن التحرك الإسرائيلي جاء بعد تحذيرات من تراجع فرص تحقيق الصفقة في ظل «المبادرة النادرة» التي قدمها قائد «حماس» في غزة، يحيى السنوار، من جراء جائحة كورونا، عندما عرض معلومات عن الجنود مقابل الإفراج عن الأطفال والمرضى والنساء. مع ذلك، تكشف مصادر فلسطينية أن الوسطاء أكدوا أن الموقف الإسرائيلي لا يزال منقسماً حول إتمام التبادل، إذ لا تحظى اللجنة الإسرائيلية المعنية بالدعم الكافي من قطبي الحكومة: بنيامين نتنياهو، وغانتس. يتوافق هذا مع تصريحات نقلتها صحيفة «يسرائيل هيوم»، المقرّبة من نتنياهو، عن مصادر عبرية قالت إن «حماس مهتمة بالاتفاق، وترغب في إبرام الصفقة، لكن السبب في عرقلة المباحثات يرجع إلى الجانب الإسرائيلي، لسببين: عدم اهتمام وإصغاء القيادة العليا التي من المفترض أن تقود عمليات صنع القرار في هذه القضية، وغياب قوة تأثير منسق الأسرى والمفقودين، يارون بلوم، في المسؤولين»
طبقاً لتقرير «يسرائيل هيوم»، الرجل الذي يملأ الفراغ الذي خلّفه بلوم في مساعي صفقة الأسرى مسؤول كبير في جهاز «الشاباك» يدعى «المعقل»، وانتدب حالياً ليشغل منصباً رفيعاً في «هيئة الأمن القومي»، كما أنه يعدّ مقرّباً جداً من رئيس الحكومة، ورئيس «الأمن القومي»، مائير بن شبات. ويشغل «المعقل» رئاسة قسم الشرق الأوسط والعلاقات الخاصة، بما في ذلك العلاقات السرية بين إسرائيل والدول العربية، إذ يمتلك «تاريخاً كبيراً في الشاباك ولديه معرفة عميقة بالساحة الفلسطينية والمصرية، ويتحدث العربية بطلاقة»، وفق الصحيفة نفسها. كما أن هذا الرجل صار «العامل المركزي في التفاهمات الدائرة مع حماس، بما في ذلك إبرام صفقة تبادل جديدة... مفتاح إبرام الصفقة بيد هذا الشخص». لكن، تقول المصادر للصحيفة، إن مستوى استجابة متخذي القرار في إسرائيل «ضعيف جداً»، بل إن نتنياهو وغانتس مشغولان بـ«كورونا» والأزمة الاقتصادية، إضافة إلى خطة الضم.
وفق أرقام شبه رسمية، يقبع في سجون الاحتلال ما يقارب 4600 أسير وأسيرة يعيشون في أوضاع غير إنسانية مع إجراءات عقابية مستمرة، منها منع الزيارات والعزل الانفرادي وتواصل التفتيشات ومنع التعليم الجامعي والثانوية العامة ومنع إدخال الكتب وسوء الطعام كمّاً ونوعاً. وهناك 700 أسير يعانون من أمراض مختلفة تعود أسبابها إلى ظروف السجن وسوء التغذية، وهؤلاء جميعاً لا يتلقّون الرعاية اللازمة، منهم 10% مصابون بأمراض مزمنة.